حدث في باب الأسباط- المتوكل طه
مشاهد من الرباط (2)
اندفع المرابطون وأعادوا فتح الأقصى، ولم يجعلوا الطرقات تنتظر أكثر من أربعة عشر يوماً!
كان الأمل يرعش ضوءاً في عيونهم، والرياح تغنّي ألحانهم، كأنَّ الحوريّات المُتيّمات على موعدٍ معهم في بستان الصلاة .. وخلاخيل البرق تُحيط بأقدامهنّ ..
***
كلما بكيت، أصبحت أكثر شجاعة.
***
ربّما، رُبّما يضيع اسم هذا المرابط أو ذاك، في مكانٍ ما، في صفحات التاريخ .. لكنّ الأقصى هو الناسُ والدفترُ السرمديُّ، وهو الشجرةُ التي تُعطي الظلَّ والثمرَ والنارَ، وهو تجربةُ الجَنَّة الأولى .. لنبلغَ الخلود.
***
المسجدُ الجريحُ يُؤلِمُ الوطنَ كاملاً ..
***
لقد لسَعَتْنا نارُ إغلاق البوابات لننقذَ المسجدَ من الحريق
***
العيون الملهوفة الجافّة تتفقّد السماءَ، وتشخص إلى ربّ البيت؛ أنتَ السَنَدُ الحارسُ أيّها العالي المُتعال! أنوارك تملأ المكانَ والزمانَ .. إلهنا إلهنا ..مَن سواك ومَن سواك!
***
كلّما شقّوا فتحةً بين مداميك حجارة حائط البُراق لِيّدسّوا أمانيهم الخائبة وتعاويذهم الخرافية .. انطبقت الحجارةُ على بعضها، وتساقط الوَهْمُ تحت الأقدام .. وتأكدوا أنّ خريفَ التزوير يُذَرّي أوراقَ الفجور.
***
بعد أيامٍ من الأحداث، جلس الضباطُ الكبارُ لاستخلاص العِبَر ممّا جرى .. ومكثوا في مُداولات عميقة طويلة .. وأخيراً نظروا إلى بعضهم ، ورموا الأقلام .. وكأنّهم قالوا: لا فائدة .. لا فائدة ..
***
ثمة أشياء لهم؛ اليأسُ و الهزيمة .. الخ الخ ..
***
قبل أن تقولوا: إنّ القدس عاصمتكم !! عليكم أن تفتحوا بالسواطير صدور الملايين لتخلعوا المدينةَ منها، وأن تُغلقوا أرحامَ النساء، وأن تهجّروا الطيورَ والفراشات، وأن تذبحوا الأغاني، وتطلقوا النارَ على النهار، وأن تطحنوا كلّ حجارة الطرقات والبيوت والمعابد وتنعفوها في المحيطات، وأن تحرقوا كل الكتب، وتخنقوا الحكايات، وأن تُنزِلوا السيّدَ المسيح من السماء وتصلبوه، وأن تصطادوا البُراق، وتهضموا الجبالَ في بطونكم، وتنفوا الزيتون من الأرض، وأن تمنعوا الشمسَ من الشروق، لأنّها لا تُشرق إلّا من أجل القدس، التي هي لنا، من قبل آدم وإلى ما بعد النشور..
***
شُرفة نافذة البيت القريب من باب الأسباط قد أمرعت ثانيةً، وتفتّحت الزهور في قواوير الورد الناشف.. دون أن تسقيها صاحبة البيت أو تشذّبها!
***
لن تكون حُرّاً إذا لم تركب الحصانَ الوحشيّ .. وتطير ..