"أبو مازن" نزع صمام القنبلة
بقلم د.هشام ابو يونس.....
كاتب وناقد سياسي
اعتقد الكثير أن خطاب الرئيس أبو مازن سيتضمن بعض العبارات والكلمات وحكم عليه الخصوم مسبقاً وقال عنه قبل كلمته في الأمم المتحدة انه لا يمثل الشعب الفلسطيني ومطلوب عزله دوليا، إلا أنه فاجأهم بانتخابه لثلثي دول العالم، ومن فهم ما بين السطور في خطابه بالأمم المتحدة يعرف أن الرئيس "نزع صمام القنبلة"، وانه لن يبقي الشعب الفلسطيني مستمرا لسياسة الأمر الواقع، وبالتالي أثبت للذين يشككون في موقف الرئيس من أنه يريد التراجع عن ثوابته وأهدافه التي هي ثوابت الوطن بأنهم مخطئون.
بمعنى أنه حمل معه هموم كافة اطياف اللون الفلسطيني عدا المناكفين، والمستنكفين، والعابثين، والمراوغين، واتضح أن خطابه عكس كافة التخيلات والتوقعات، لأنه هناك من قال إن الرئيس سيستجيب للضغوط، وسيقوم بإنهاء الثوابت وخطابه يحمل شعارات وعبارات إنشائية، إلا أن خطابه أكد ويؤكد مصداقية ما ذهب إليه في الأمم المتحدة، فتحدي اكبر دولة بالعالم ورئيسها، فبالتالي "نزع صمام القنبلة" بصورة واضحة، فكانت المفاجأة هي نفس ما قام به الشهيد ياسر عرفات بالضبط عندما فقد الأمل في العالم، وعاد من مفاوضات "واي ريفر"، وخطب خطابه التاريخي، فأبو مازن الآن شكل مرحلة جديدة من مراحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فهو من وقع على إعلان المبادئ في "أوسلو"، وهو الآن من انهى مرحلة أوسلو بكافة تبعاتها، فلقد تضمن خطابة شرعية الحراك الشعبي، وما أحدثه جيل الشباب، وبالتالي لقد فاجأ الجميع خاصة الذين لا يعرفونه، أما حركة فتح تعرف من هو ابو مازن، ومدى صلابة مواقفه، وعدم تراجعه عن اتخاذ أي قرار.
فالرئيس اعتبر أن كل ما تم في المرحلة الماضية هو جزء من مشروع الكفاح الفلسطيني السياسي نحو الدولة، والمرحلة القادمة قد تغيرت كليا، وبطريقة جذرية، إذ الشعب الفلسطيني الآن بدأ يرسم ملامح جديدة من انتفاضته ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولا بد من وحدة القرار، ووحدة الشعب، بعيدا عن المناكفات، والشعارات الرنانة، لأن كل شيء تغير، كل شيء تحول، فلا يحلم العدو برجوع الماضي، وكل المخططات والصفقات عادت بالسهم عليهم، وكشفت المستور بمن يبحث على مكانه له على حساب الشعب الفلسطيني، واعلان للعالم لا دولة من دون غزة، ولا دولة في غزة، والقدس هي العاصمة الأبدية، ولا نريد ان تتذاكوا علينا، ومن هنا المطلوب من جميع الفصائل الفلسطينية التوحد خلف القرار والقيادة الفلسطينية، سواء سياسيا أو ميدانيا.
وذلك بالوحدة الفلسطينية، وانهاء معاناة ومأساة من فقد الامل في الحياة، بسبب هذا الانقسام الاسود.