الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس    34 عاما على اغتيال القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري    الاحتلال يعتقل 13 مواطنا من مخيم بلاطة شرق نابلس    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس  

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس

الآن

ماكينات اعلامية متوحشة تنهش وعينا وهويتنا

باسم برهوم

 نحن نعيش اليوم في زمن تحولَّ فيه الإعلام إلى ماكينات متوحشة، إعلام متوحش بنشر الفوضى، ويمنع تشكُل أي وعي حقيقي حول القضايا الجدية التي تهم الانسانية. وهنا، وفي هذه الحالة ليس هناك فوارق تذكر بين دور وسائل الاعلام الجديدة، اعلام التواصل الاجتماعي، اعلام الانترنت، ودور وسائل الاعلام التقليدية.
علينا ان ندرك، ان هذه الإعلام الوحشي، هو الابن الشرعي لليبرالية المتوحشة، المعولمة، المسيطرة على الأسواق الاقتصادية. هذه الليبرالية، التي تمثل اقصى اليمين للرأسمالية، والشكل المستحدث لها، استفادت الى حد بعيد من التطور المذهل والمتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وربما هي من سعى الى هذا التطور بهدف نشر الفوضى التي تسمح بسيطرتها على الاسواق بيسر وسهولة، ومن دون أي معارضة حقيقية، وهي أي الليبرالية المتوحشة، تعمل على منع تكون أي حالة تضامنية داخل المجتمع الواحد او بين المجتمعات حول أي قضايا جدية.
ما يهمنا هنا، هو انعكاس ظاهرة الاعلام المتوحش على منطقتنا العربية، فهذه الظاهرة ساهمت دون شك في العقدين الاخيرين في تصفية وإنهاء مفهوم الأمة العربية، والهوية العربية الجامعة. ساهمت في إسقاط وتدمير الدولة الوطنية، ومنعت نضوج أي شكل من أشكال التضامن العربي. وما زاد من فداحة الأوضاع، هذا الانقسام بين ما تبقى من دول عربية الى تيارات متصارعة، باتت تنفق على هذه الماكينات الاعلامية المتوحشة اكثر مما تنفقه على تنمية شعوبها ودولها. هذه الماكينات لم تشوه الوعي وحسب انما تمنع تشكله حول قضايا اساسية مثل التحرر، والحقوق العامة، والتنمية، ومحاربة الفقر والجهل وتحقيق اكبر قدر من العدالة الاجتماعية.
أنا شخصيا، لم أصدق يوما ان هناك اعلاما موضوعيا ومحايدا قبل هذه الظاهرة المتوحشة، لكن كان هناك إعلام اكثر مهني يراعي المعايير المهنية، ويتمتع بقدر من المصداقية، هذه المعايير المهنية تتهاوى اليوم في عالم تكسرت فيه كل القيم وتكسر فيه منطق القانون الدولي الانساني، نحن في عالم تسوده الفوضى الخلاقة التي سعت الليبرالية المتوحشة اليها. 
اما بما يتعلق بنا نحن الشعب الفلسطيني، فانعكاس هذه الظاهرة المتوحشة كان علينا كبير ونتائجه فادحة، فهذه النتائج في السياسة بوجود الظاهرة الترامبية، والتي هي عنوان لهذه الظاهرة كما هي في الاعلام. فقد نهشت هذه الماكينات الاعلامية المتوحشة وعينا الوطني وهويتنا الوطنية الجامعة وذاكرتنا الوطنية الجمعية، فنحن اليوم لسنا امام تحدي الانقسام السياسي الظاهري والعلني، وانما نحن امام ظاهرة تشرذم الوعي في ظل غياب هدف وطني جامع.
ولكن، ومع ذلك، وبالرغم من صعوبة الوضع، فإن طابع المواجهة مع المشروع الصهيوني الاحلالي، الذي ينفي وجودنا كشعب له تاريخ وحقوق، هذه المواجهة لا شك انها تفرض علينا نوع من التماسك، لكنه سيبقى هشا اذا لم نسارع التأكيد على هويتنا الوطنية وتعزيزها، وتأصيل الوعي الوطني ودفعه نحو العدو الرئيسي وهو الاحتلال الاسرائيلي، بعيدا عن أي معارك جانبية تحاول الماكينات الاعلامية المتوحشة إلهاءنا بها. ان المهمة صعبة لكنها ممكنة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025