مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

ماكينات اعلامية متوحشة تنهش وعينا وهويتنا

باسم برهوم

 نحن نعيش اليوم في زمن تحولَّ فيه الإعلام إلى ماكينات متوحشة، إعلام متوحش بنشر الفوضى، ويمنع تشكُل أي وعي حقيقي حول القضايا الجدية التي تهم الانسانية. وهنا، وفي هذه الحالة ليس هناك فوارق تذكر بين دور وسائل الاعلام الجديدة، اعلام التواصل الاجتماعي، اعلام الانترنت، ودور وسائل الاعلام التقليدية.
علينا ان ندرك، ان هذه الإعلام الوحشي، هو الابن الشرعي لليبرالية المتوحشة، المعولمة، المسيطرة على الأسواق الاقتصادية. هذه الليبرالية، التي تمثل اقصى اليمين للرأسمالية، والشكل المستحدث لها، استفادت الى حد بعيد من التطور المذهل والمتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وربما هي من سعى الى هذا التطور بهدف نشر الفوضى التي تسمح بسيطرتها على الاسواق بيسر وسهولة، ومن دون أي معارضة حقيقية، وهي أي الليبرالية المتوحشة، تعمل على منع تكون أي حالة تضامنية داخل المجتمع الواحد او بين المجتمعات حول أي قضايا جدية.
ما يهمنا هنا، هو انعكاس ظاهرة الاعلام المتوحش على منطقتنا العربية، فهذه الظاهرة ساهمت دون شك في العقدين الاخيرين في تصفية وإنهاء مفهوم الأمة العربية، والهوية العربية الجامعة. ساهمت في إسقاط وتدمير الدولة الوطنية، ومنعت نضوج أي شكل من أشكال التضامن العربي. وما زاد من فداحة الأوضاع، هذا الانقسام بين ما تبقى من دول عربية الى تيارات متصارعة، باتت تنفق على هذه الماكينات الاعلامية المتوحشة اكثر مما تنفقه على تنمية شعوبها ودولها. هذه الماكينات لم تشوه الوعي وحسب انما تمنع تشكله حول قضايا اساسية مثل التحرر، والحقوق العامة، والتنمية، ومحاربة الفقر والجهل وتحقيق اكبر قدر من العدالة الاجتماعية.
أنا شخصيا، لم أصدق يوما ان هناك اعلاما موضوعيا ومحايدا قبل هذه الظاهرة المتوحشة، لكن كان هناك إعلام اكثر مهني يراعي المعايير المهنية، ويتمتع بقدر من المصداقية، هذه المعايير المهنية تتهاوى اليوم في عالم تكسرت فيه كل القيم وتكسر فيه منطق القانون الدولي الانساني، نحن في عالم تسوده الفوضى الخلاقة التي سعت الليبرالية المتوحشة اليها. 
اما بما يتعلق بنا نحن الشعب الفلسطيني، فانعكاس هذه الظاهرة المتوحشة كان علينا كبير ونتائجه فادحة، فهذه النتائج في السياسة بوجود الظاهرة الترامبية، والتي هي عنوان لهذه الظاهرة كما هي في الاعلام. فقد نهشت هذه الماكينات الاعلامية المتوحشة وعينا الوطني وهويتنا الوطنية الجامعة وذاكرتنا الوطنية الجمعية، فنحن اليوم لسنا امام تحدي الانقسام السياسي الظاهري والعلني، وانما نحن امام ظاهرة تشرذم الوعي في ظل غياب هدف وطني جامع.
ولكن، ومع ذلك، وبالرغم من صعوبة الوضع، فإن طابع المواجهة مع المشروع الصهيوني الاحلالي، الذي ينفي وجودنا كشعب له تاريخ وحقوق، هذه المواجهة لا شك انها تفرض علينا نوع من التماسك، لكنه سيبقى هشا اذا لم نسارع التأكيد على هويتنا الوطنية وتعزيزها، وتأصيل الوعي الوطني ودفعه نحو العدو الرئيسي وهو الاحتلال الاسرائيلي، بعيدا عن أي معارك جانبية تحاول الماكينات الاعلامية المتوحشة إلهاءنا بها. ان المهمة صعبة لكنها ممكنة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024