فلسطين تحت النار .. فماذا عن أسلحتنا المضادة؟!
موفق مطر
فلسطين تحت النار.. من عاصمتها القدس مرورا بكل مكان من أرضها التاريخية والطبيعية، فحيث وجد الفلسطيني هنا على أرضه هو في الحقيقة والواقع تحت النار.
قد تختلف أشكال وأنواع النار وحجمها ووسائل المحتلين والمستعمرين الاسرائيليين بين مكان وآخر تفرضها الظروف الزمانية والمكانية والموضوعية ايضا، لكن كل ما يحدث هو في الحقيقة جريمة سواء نفذت بطائرات (إف 16) أو الأباتشي، أو الدبابات والمدفعية وبرصاص القناصة كما يحدث ضد غزة، أو بالإعدام الميداني على الحواجز، والدهس وحرق الأطفال الأحياء في الضفة، أو بقوانين عنصرية كقانون "القومية"، والولاء في الثقافة، وإعدام الأسرى الفلسطينيين، أما حملة تهويد القدس العتيقة ومعالمها ورموزها الدينية الأهم لدى المؤمنين في العالم، ومشاريع مسح الملامح العربية التاريخية للمدن الفلسطينية وعمارتها المنبثقة من الثقافة العربية الفسلطينية فإنها حرب طاحنة لا تسفك فيها دماء وهذا صحيح لكنها ليست اقل شأنا من جرائم الحرب الاسرائيلية وجرائمها ضد الانسانية التي يذهب ضحيتها جيل فلسطيني كان من المفترض ان يكون جيل السلام والبناء.
جيش حكومة نظام الابرتهايد في تل ابيب الذي يضرب يوميا في مدن الضفة ويهدم عشرات البيوت شهريا لن يردعه قانون دولي عن استكمال حلقات مسلسل جريمته في قطاع غزة، فالعالم الساكت على جرائم اسرائيل بالتفصيل، لن يحاسبها على جرائمها بالجملة كالتي ينفذها الآن في غزة مع أنها في أعراف ونصوص القانون الدولي جرائم حرب لا يقدم عليها إلا من يحتقر قيمة الانسان وحقوقه، ويمضي بعكس اتجاه الفكر الانساني وقيم الأخلاق.
يدمر الاحتلال الاسرائيلي بأسلحته الحربية الأحدث في العالم مباني وبيوتا لأن روحا من الثقافة الوطنية والإنسانية الفلسطينية تسكن فيها، ويدمر مراكز ومقار لوسائل اعلام، ويستخدم أسلحة تشظي نفوس الأطفال برعب لا اشد ولا اقسى، فانفجارات القنابل والصواريخ في عمارة من عشرة طوابق او اكثر وتحولها الى ركام بظرف ثوان معدودة، مع ارتدادات شبيهة بزلازل مقياس 5 درجات بمعيار ريختر فيما زئير طائرات جيش الاحتلال الحربية يحتل الفضاء، وصور الدماء على الأردية البيضاء وعلى اجساد الضحايا والشهداء الأبرياء، غيرها من الحالات المأساوية هي الرعب الذي يريده الاحتلال ان يسكن في نفوس اجيال فلسطين .. ولكن المجرم الذي أمر بنحت كل هذه المشاهد في ذاكرة الفلسطيني لا يعلم أنه يفعل ذلك على ماء العزة والكرامة الدافق وفي احسن حالاته ينحت على رمل ستحطمه اول موجات الحق الفلسطيني التي لن تتوقف حتى يعم مناخ الحرية والاستقلال .
غزة تحت النار، طولكرم تحت النار، وحيفا تحت النار، وجنين تحت النار، والقدس تحت النار، والخليل ونابلس تحت النار، ورام الله وأريحا تحت النار، حتى مخيمات الفلسطينيين في الشتات تحت النار، ولأننا جميعا تحت النار فلا منقذ لنا إلا الاحتماء بمظلة الوحدة الوطنية، نعمل تحت سقف المشروع الوطني الفلسطيني، فلا ثقة نمنحها إلا لبعضنا، وعليها نترفع عن احزان الماضي، ونمضي على منهج ومبدأ وعقيدة الوحدة الوطنية والمصير المشترك، فنحن نملك اسلحة مضادة قادرة على ليس رد نيران المحتلين بل واطفاؤها، نمتلك الحكمة والقوة والعزيمة والشجاعة والصبر والإيمان، وروح الفداء والنضال، نمتلك ابداعات الكفاح والمقاومة منذ اكثر من مئة عام عززتها تجارب ثورتنا الفلسطينية المعاصرة، نمتلك موقف العالم مع قضيتنا، وخطواتنا المتوازنة على سكة القانون الدولي، ونمتلك ايمان بهويتنا الوطنية وحقوقنا التاريخية والطبيعية في ارضنا فلسطين اقوى من كل اسلحتهم المدمرة، فإيماننا هذا لا تنال منه ترسانة الغزاة حتى لو قصفوا كل بيت بقنبلة نووية، فالروح الفلسطينية كما الكون لا نهاية لها ابدا.