وزير الحرب نتنياهو .. ومعركة منظومة اسرائيل الأمنية
موفق مطر
دَوَّرَ نتنياهو اسطوانة التهديد الأمني (الوجودي) والحرب الطويلة التي تواجهها اسرائيل التي وصفها (بالمعركة الأمنية) في مؤتمره الصحفي أول امس، منسجما بذلك مع اسلوب رؤساء حكومات دولة الاحتلال السابقين عندما يواجهون ازمة الثقة والسقوط، وانفراط الائتلافات الحزبية.. لكن سؤالا يفرض نفسه: هل خاض نتنياهو معركة الدقائق الأخيرة السياسية الداخلية للابقاء على حكومته وحسب، أم أنه يحتفظ في حقيبته بملف وخطة (المعركة الأمنية) التي دفعت نفتالي بينيت الى التراجع عن الانسحاب من الائتلاف والتسليم بحقيبة (وزارة الحرب) لنتنياهو بعد ان كان هدد بمعاقبة نتنياهو مالم يستلم هذه الحقيبة بعد استقالة ليبرمان، وان كنا على يقين بأن بينيت لايعلم عن المخبوء، ولن يعلم من نتنياهو اكثر مما قاله أمام الصحافة (المعركة الأمنية).
يرى نتنياهو وهو الضابط السابق في جيش الاحتلال في معنى المعركة الأمنية مالا يراه رؤساء احزاب البيت اليهودي واسرائيل بيتنا وغيرهم، فليبرمان وبينيت ركزا على ضرورة تنفيذ سياسة الردع والارهاب الاسرائيلي المعهود عبر سفك دماء الفلسطينيين وتدمير مقدراتهم، أما نتنياهو ورغم حرصه على كتمان أبعاد حربه القادمة زمانيا ومكانيا، فانه قد كشف – بغير قصد- عن نية اسرائيل بحرب أو عمل عسكري نوعي عابر للدول، ولعل قول نتنياهو امس الاثنين خلال اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست مؤشر على امكانية حدوث ذلك خاصة عندما ركز على توليه منصب وزير الجيش، والتقائه مع رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، ومع رئيس أركان الجيش المعين، أفيف كوخافي، وتشديده في القول: "نحن في حرب لم تنته بعد. وفي فترة أمنية حساسة كهذه، فإنه إسقاط الحكومة هو عمل عديم المسؤولية".
مرة اخرى صدرت عن المستوى السياسي في حكومة دولة الاحتلال مقولة : "من سيستلم غزة اذا اسقطنا حماس، فلا مصر تريدها ولا الرئيس محمود عباس يقبل بالعودة اليها على ظهر دبابة اسرائيلية ". ونتنياهو ليس معنيا على المستوى الاستراتيجي باسقاط حماس باعتبارها مانع اسرائيل الأهم أمام قيام دولة فلسطينية واحدة في الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة، لكنه معني مع اركان جيشه بفرض تهدئة مقابل تهدئة فقط مع حماس، والاستعداد لمواجهة خلافات داخل حماس قد تظهر للعلن كتعبير عن رفض هذه المعادلة، عبر اعمال مسلحة ضد مستوطنات (غلاف غزة) ، تنطلق من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس عسكريا وأمنيا.. تماما كعنايته بتقييم اركان جيش الاحتلال للتطورات الناشئة على الأرض، حيث استخدمت أسلحة جديدة في المواجهة ومثالها صاروخ الكورنيت الموجه المضاد للآليات الذي لو استخدم كما يجب لأوقع خسائر بشرية في جنود الاحتلال كان ممكنا ان تسبب ازمة لحكومة نتنياهو ولاستخبارات جيشه اكثر من الازمة التي خلفتها استقالة ليبرمان احتجاجا على قرار الكابينت الاسرائيلي الاستجابة لطلب مصر بالتهدئة.
أجل نتنياهو القرار بهدم الخان الأحمر لأنه لا يريد مواجهة مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، وأخذ على محمل الجد تهديدات محكمة الجنايات الدولية بأن الهدم سيعتبر جريمة حرب، وذهب الى تهدئة مؤقتة مع حماس وهو يعلم سلفا موقف المعارضين وتأثيرهم السلبي على استمرار ائتلاف حكومته، لكنه يمضي على ثقة منحه اياها الجيش، سنعرف مداها وأهدافها في الأيام والاسابيع القليلة القادمة. لكن علينا التذكر دائما ان هذا الواقع الجديد في نظام تل أبيب السياسي سيكرس سيطرة منظومة اجهزة الأمن الاسرائيلية على المنظومة السياسية وسيظهرها للعلن بدون فبركات ديمقراطية.
والسؤال الآن: هل تآمر بنيامين نتنياهو مع نفتالي بينيت رئيس حزب البيت اليهودي لازاحة افيغدور ليبرمان من منصب (وزير الأمن) .. ودفعاه نحو الاستقالة ؟!
نتنياهو لن يقدم لليبرمان (الجلف) الذي لا يفقه سياسة المراوغة وادارة الأزمات الأمنية اي حصة من كعكة (انتصار أمني) خلال الفترة القريبة القادمة، فثعلب حكومة الاحتلال نتنياهو يعمل على توظيف اي مكسب امني لاسرائيل وتجييره لصالحه شخصيا ورفع شعبية حزبه الليكود حتى لو ظل واقفا على حد سكين (الثقة) في الكنيست ,