للقدس.. الفلسطيني الوطني المحافظ والوزير
موفق مطر
رغم صحة هذا المقياس إلا انني لست ميالا الى أخذ القادة الشهداء والأسرى كمعيار على عطاء وحجم ووجود حركة أو جبهة أو فصيل أو حزب بين الجماهير، ذلك لأن الالتزام تجاه القضايا الوطنية، والوفاء الفعلي والعملي لقسم الوفاء لفلسطين الأرض والشعب، والتطبيق الميداني للنظريات والأدبيات، ومستوى النجاح والتطور بالمهمات هو ما نراه دليلنا على صواب المنهج والأسلوب، وعلاوة على ذلك قدرة هذا التنظيم أو ذاك على تحقيق انجازات على الأرض يراها المستعمرون المحتلون الاسرائيليون خطرا على كيانهم ومستقبلهم على ارضنا المحتلة.
مهم جدا نسب أي عمل بطولي كفاحي نضالي ابداعي في كل مجالات الحياة للشعب الفلسطيني، فقد يبهرنا عمل بطولي فردي لم نسمع أو نشاهد مثيله لدى قوى معروفة ولها تمثيل في الهياكل السياسية الفلسطينية، تماما كأعمال بطولية تتطلب جهودا جماعية ليست منظمة وحسب، بل خارقة تؤلم الاحتلال عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ظروف وواقع النضال الوطني الفلسطيني حاليا تمكننا من مراقبة تطور أشكال الاشتباك مع الاحتلال حيث دخلت المؤسسة الوطنية الفلسطينية الرسمية بكل ثقلها في المعارك الوطنية المركزية، ولعلنا في أخذ محافظة القدس مثالا على ذلك نؤكد صواب ما نتحدث عنه في هذا المقام.
قد لا تكون أخبار اعتقال محافظ القدس عدنان غيث الثلاثة على فترات متقاربة خلال بضعة أسابيع هي الأهم بالنسبة لنا، لأن السؤال الأهم هو: ماذا فعل عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عدنان غيث منذ تكليفه بمهمة (محافظ القدس)؟! وأي فعل هذا يدفع سلطات الاحتلال الى اعتقاله ثلاث مرات ويقرر منع دخوله الى الضفة الغربية، بالتزامن مع حملة اعتقالات ضد قيادات وكوادر في حركة فتح؟، الجواب بكل بساطة عند حكومة الاحتلال الاستيطانية الاستعمارية العنصرية، يمنعها استكبارها من ذكر الحقيقة، أما ما نعرفه نحن أن هذا الفلسطيني الوطني المناضل بصفة محافظ، أو ذاك بصفة ضابط أمن أو ذلك بصفته وموقعه الوظيفي أو التنظيمي قد باتوا في نظر منظومة الاحتلال خطرا حقيقيا فعليا على مخططات وبرامج حكومة الاحتلال في التهويد والاستيطان، خاصة وأن سلطات الاحتلال تخشى تأثيرهم على القواعد الشعبية باعتبارهم قيادات وطنية، قدمت صورة نوعية عن معنى المسؤولية والأمانة خلال فترة قصيرة، سواء في خدمة الجماهير الفلسطينية في العاصمة المحتلة (القدس) أو على صعيد العمل التنظيمي الذي برز بصيغته الوطنية الحقيقية من دون تعصب، وهو ما يشهد له المقدسيون على تنوع توجهاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية وعقائدهم الروحية .. ومن المهم التأكيد أن روح الشباب لدى قيادات القدس اليوم مستمدة كما نعتقد من تجارب وخلاصات أجيال سابقة احدثها فترة القائد الشهيد فيصل الحسيني، ووزير القدس عدنان الحسيني، فعقلية المناضل في الحركة الوطنية ترفع ركائز البناء على قواعد أسسها قادة عقلاء وحكماء، وهذا بالضبط ما نراه اليوم في القدس باعتبارها أم المحافظات وأم المدن وأم القرى الفلسطينية.
سنشهد أنماطا متقدمة ومتطورة من مضامين وأشكال العمل الوطني بعد نموذج القدس، رغم فخرنا واعتزازنا بنماذج في محافظات فلسطين. فالوطني محافظ، والمناضل وزير حتى لو لم يكن بموقع رسمي ، فالأصل أن الفلسطيني هو ملك ومالك الأرض، وهو المؤتمن الفريد والمحافظ عليها