معبر رفح.. وممر الوطنية الفلسطينية
بقلم: موفق مطر
لا يقبل وطني فلسطيني ان تكون الحكومة الفلسطينية الشرعية مجرد صراف آلي للانقلابيين الانفصاليين في قطاع غزة، ولا غطاء رسميا يستغله امراء ومشايخ جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى (حماس) للمرور والتمركز في الاتجاهات المضادة والمعادية للمشروع الوطني الفلسطيني.
تقرر امس سحب موظفي السلطة الوطنية من معبر رفح الحدودي كاجراء أولي، وحسب تقديراتنا الشخصية، فان التالي سيكون اشد واقسى على حماس ومشايخها المستكبرين، المسؤولين مباشرة عن اغتيال المصالحة الفلسطينية، وخيانة المشروع الوطني، والتمرد على قانون الشعب الفلسطيني، فمعبر رفح ما كان يوما الا ممرا وطنيا تلج فيه الحرية للوطنيين الفلسطينيين بالاتجاهين، ويجب ان يكون ممرا آمنا للشعب الفلسطيني نحو اشقائه في الدول العربية واصدقائه في العالم.
لم يعد أمام القيادة الفلسطينية التي كلفها المجلس المركزي بالعمل على تحقيق الوحدة الوطنية، واستعادة غزة الى مظلة الشرعية والقانون والنظام الفلسطيني، إلا الخيارات الأصعب التي ستقدم على اقرارها وتطبيقها، كمحاولة لردع الانقلابيين عن المضي في غيهم وضلالهم واستكبارهم وارهابهم واختطافهم لقطاع غزه بساكنيه المليونين، ونعتقد في هذا المسار أن اية اجراءات ادارية مادية قانونية أهون بألف مليون مرة من الاندفاع نحو مربع رغبة حماس في تسييل وسفك دماء الفلسطينيين في الشوارع، فهؤلاء الذين لايقرون ولا يعترفون بالوطنية الفلسطينية، ولم يلقنهم أحد معنى الشعب الواحد والمصير الواحد والوطن الواحد والمستقبل الواحد، ولا يعرفوا من معاني الدولة والنظام الا ما تركه لهم (المضللون) الذين يسمونهم ظلما (المرشدون) والتي في مجملها ليست أكثر من منظومة (دولة الجماعة) حيث يختلق مشايخا وأمراؤها نصوصا واحاديثا واسقاطها على الحالة السياسية والاجتماعية في البلاد لشرعنة سفك الدماء! على الجميع ان يعرف ان هؤلاء يعتبرون سفك دماء (غير الاخوان المسلمين) عبادة يرجون منها نيل مفاتيح الجنة!
قرر الانقلابيون في غزة قطع الخيط الرفيع الأخير المتبقي من علاقة الكل الوطني معهم، واتجهوا للاحتشاد والاصطفاف في جبهة صفقة (نتنياهو وترامب) لضمان (سيولة الدولار والسولار) ووصول حقائب العمادي المليونية، وإلا لكانوا استجابوا لصوت الضمير الوطني الذي وصل عنان السماء في الأيام الماضية مطالبا حماس بالكف ليس عن استنساخ اساليب الاحتلال الاسرائيلي الارهابية في قمع الحركة الوطنية الفلسطينية وحسب، بل في ابتداع أساليب اشد واقسى وتطبيقها بلا ادنى احترام للخصوصية الوطنية والمصير المشترك مع الشعب الفلسطيني، فنحن نستوعب كل انواع وأشكال الجرائم من المحتلين والمستعمرين العنصرين، ذلك اننا لا ننتظر رأفة أورحمة أو انسانية في حربه علينا، لكنا لانستطيع استيعاب نوائب ومصائب وجرائم وعنف حماس الدموي وارهابها الغرائزي والممنهج المسلط على رقاب الوطنيين شبابا ورجالا ونساءً في قطاع غزة.
لم يعد مقبولا الموقف الشبيه بموقف الصليب الأحمر! او الرؤية بنصف عين! فمن يروج لنفسه كوطني فلسطيني، ويُنَظِّر لمبادئ وافكار وطنية حررية وتقدمية وديمقراطية، ويطرح نفسه في الشارع الفلسطيني كجزء اصيل من الحركة الوطنية الفلسطينية، عليه تحديد موقفه بوضوح وصراحة لايحتملان التأويل او التفسير، فالمصالح العليا للشعب الفلسطيني لم تعد تحتمل المراوحة وولوج ملعب السياسة الوطنية بنفس الطريقة السائدة اليوم، لأن المشروع المضاد للمشروع الوطني والوحدة الوطنية، المعادي لحركة التحرر الوطنية، يمضي بتكريس قواعده في فلسطين بدعم صريح وواضح من الاحتلال الاسرائيلي وتمويل من (مشيخات رسمية عربية) تمر ملايينه عبر جهاز الأمن الاسرائيلي (الشاباك).
لن نقبل بعد الآن لغة الوعظ و(الاستاذية) الادعائية المزيفة التي يمارسها البعض في طرق وعي الجمهور وكسره !! خاصة اولئك الذين يظنون أنهم بهذا الغطاء، والحديث الممجوج عن (المقاومة) والعدوان الاسرائيلي يعفون انفسهم من موقف وطني تاريخي عملي تفرضه عليهم ادبياتهم، ونظرياتهم، وكتبهم ومجلاتهم وشعاراتهم التي لو وضعناها على الأرصفة الشوارع لطافت! فنحن مع قادتهم الأوائل، رفاقنا في الكفاح والنضال الذين بلورنا واياهم وصقلنا مبادئ واهداف الحركة الوطنية الفلسطينية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، لا نتمنى لهم الا الاستمرار في حمل رسالة الوطنية الفلسطينية، والنجاح في الامتحان التاريخي الذي وصلنا الى نقطة حاسمة في ممره الاجباري، ولن نقبل باقل من درجة الامتياز لأنها ستمكننا جميعا من التوهج والتألق في حضرة الشعب الفلسطيني العظيم والاستمرار في نيل شرف تبوء مقدمته، للتضحية من اجل تحقيق اهدافه وثوابته.