القانون أميركي!!... لكن كرامتنا ليست للبيع
موفق مطر
جسد الرئيس أبو مازن معنى جديدا للكرامة الوطنية عندما وجه وزارة الخارجية والمغتربين لإرسال مذكرة الى ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإعلامها رفض حكومة السلطة الوطنية استلام أي مساعدات مالية اميركية للمؤسسة الأمنية حال تطبيق القانون الأميركي الجديد الذي يتيح للأميركيين رفع دعاوى قضائية على أي جهة تتقاضى مساعدات من الادارة الأميركية وتقدم دعما لأشخاص أو منظمات تقوم " بأعمال ارهابية!!.
ما نعتبره ويعتبره القانون الدولي كفاحا ومقاومة مشروعة يعتبره المستعمرون المستوطنون المحتلون القدماء والجدد الخارجون أصلا على القانون الدولي ارهابا، أما الارهاب الحقيقي فهو الاحتلال والاستيطان والتغيير الديمغرافي، والمجازر بحق مواطني الأرض الأصليين، وإجبارهم على الهجرة منها، وتشريد الملايين ومنعهم من العودة الى موطنهم، الارهاب الحقيقي، هو ابادة عائلات بأكملها، ونكران حق شعب بالحياة والحرية والاستقلال وتقرير المصير، الارهاب الحقيقي في دولة لا تكف سلطة التشريع والقضاء فيها عن اصدار قوانين وقرارات عنصرية، تعتبر كارثة على الانسانية اذا قورنت بقوانين في العصور الوسطى الارهاب الحقيقي كنموذج للاستدلال عليه الذي يعتبر من اعظم جرائم الحرب في القانون الدولي هو ما تفعله يوميا منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري الاسرائيلية.
فصّلت ادارة ترامب هذا القانون الارهابي العنصري الأميركي المنحاز لدولة الارهاب المنظم اسرائيل، وهي على أرضية إمكانية تشديد الحصار على قيادة الشعب الفلسطيني وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، تمهيدا لنسف مبادئها، وإخضاعها لإجبارها على التراجع عن الوفاء لعائلات الشهداء وحقوق ذويهم وأبنائهم والالتزام بحقوق الأسرى، وفوق كل ذلك ظنهم بإمكانية تغيير دمائنا وتحويلنا من مناضلين في اطار حركة تحرر وطنية الى مجرد مرتزقة!!.
ما كان لإدارة دونالد ترامب الأميركية التمادي وإخراج هذا القانون لولا بشائر وصلتهم من جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس، دفعتهم للاعتقاد ان دماء الفلسطينيين، وحقوقهم، وأهدافهم وثوابتهم ومبادئ ثورتهم، وقيم الكفاح والنضال خاضعة لقانون العرض والطلب كأي سلعة تجارية، أو انها كقطع ثلج تذوب فور سطوع شعاع الحقائب المليونية.
الرئيس محمود عباس أبو مازن سبق بتوجيهاته تقارير صحفية وتسريبات حول مساع تبذلها ادارة ترامب للبحث عن مخارج قانونية لضمان استمرار المساعدات المالية للمؤسسة الأمنية الفلسطينية، ذلك أن الرئيس ومعه القيادة الوطنية والأحرار في فلسطين لا يقبلون أي شرط على المنح او المساعدات يمس جوهر القضية الفلسطينية، او أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني، فهذه المنح أو المساعدات فهي التزامات تعهدت بها الادارة الأميركية اثر اتفاق اوسلو الموقع مع اسرائيل على أساس بناء مؤسسات لدولة فلسطينية كان ينتظر قيامها قبل حوالي عشرين عاما، لكن دولة الاحتلال وبغطاء وتشجيع من الادارات الاميركية المتعاقبة قد اجهضت ولادة السلام في المنطقة بامتناعها عن تنفيذ الاتفاق وما تلاه من اتفاقيات.
عندما خاطب الرئيس ابو مازن الشعب الفلسطيني قائلا: "ارفعوا رؤوسكم فانتم فلسطينيون" فهذا تعبير عن ايمانه اللامحدود بكرامة هذا الشعب، واطمئنانه الى حقيقة لا جدال فيها بأنها أعظم من قدرة كائن أو دولة أو حتى دول مجتمعة على احتوائها، والسر في ذلك الايمان بالحق التاريخي والطبيعي في ارض الوطن فلسطين الذي لا يتقدم عليه إلا الايمان بالله الذي مكن الشعوب المظلومة من الانتصار، وابصرنا آيات في قوة الظالمين التي تحولت الى ركام، وآل بعضها للاندثار، بفضل قوة المؤمنين بحقوقهم، والمدافعين عن اوطانهم، الملتزمين بقيم الانسانية وشرائعها في الكفاح والنضال، المنظمين، المجتمعين على قلب وعقل وهدف واحد.
بإمكان المشرع الأميركي اصدار قانون كل يوم ، لكن أيام الزمان ستنتهي قبل تمكنهم من شراء كرامتنا، فرئيس الشعب الفلسطيني، رئيس السلام الانسان ابو مازن صرخ بوجه المستكبر قارون وفرعون العصر: "القدس ليست للبيع"، ونحن نردد مع الرئيس ونسمعها للقاصي والداني: "كرامتنا ليست للبيع".