قرارات القمة العربية جديدة ولكن
بقلم: يحيى رباح
القمة العربية الثلاثون في تونس، الذي اقترح رئيسها الرئيس الباجي قائد السبسي تسميتها العزم والتضامن، كانت سريعة، ومحضر لها جيدا، وتحضيراتها على مستوى الخبراء، وعلى مستوى وزراء الخارجية كانت الأكثر تكتما، وكل هذا يحسب لصالح إيجابياتها، ولكن هذه القمة لم تحسب على قائمة القمم التي تعتبر نوعية، رغم بلوغ التحديات أوجها نتيجة السلوك الأميركي العدواني ضد الأمة العربية من خلال الموقف الأميركي تجاه القدس وإهدائها من طرف واحد لإسرائيل، والموقف الأميركي من الجولان السوري وإهدائه لصالح إسرائيل لمجرد أن إسرائيل قالت ذات يوم أن الجولان لازم لها، بدون حتى أي نوع من الادعاءات الدينية أو التاريخية الكاذبة.
ولا شك ان السلوك الأميركي هو أوضح تدخل علني في الانتخابات الإسرائيلية لصالح نتنياهو، وهو تدخل فاحش قد يرفضه الشعب الإسرائيلي نفسه، وكنا نتمنى أن يعلن العرب عن رفضهم الصريح لذلك، وعن فضحهم لهذا التدخل، وعن تحديد ولو معنوي لترامب على سلوكه الشائن، ولكن بما أن كل إناء بما فيه ينضح، كما يقول المثل العربي المأثور ،فإن المواقف في هذا المؤتمر تم التعبير بما يعكس حقيقة الحالة العربية ، خلافات بينية لها أولوية على ما سواها، وصياغات واضح فيها الجهد الأميركي، ومواقف ذات طبيعة إنشائية وأخلاقية، بعيدة عن روح التطبيق العملي، وهذا يعكس مدى حجم أعباء النضال والمقاومة التي سيتحملها الفلسطينيون وقيادتهم الشرعية في الأيام القادمة.
وطبعا هذا الموقف العربي ناجم عن مدى الخلل في الموقف الفلسطيني الناجم عن مشاكسات حماس التي تجاوزت كل الحدود، فهي إن تحدثت كذبت وأدمنت في خداع الذات ، وان فعلت فإنها تقع في الاستدراج الإسرائيلي بسهولة، حتى يمكن حسابها لصالح الحملة الانتخابية لنتنياهو، وليس لصالح الأولويات الفلسطينية، مع أن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني كان يعتقد ويتمنى في ظل المعطيات المستجدة أن تقترب حماس ولو خطوة واحدة من الشعب الفلسطيني بدل التنكيل به، وان تؤمن بالحقائق الفلسطينية بدلا من الانزلاق الفاضح في دعايات الأعداء.
لكن من ابرز الحقائق العربية المعروفة منذ قيام القضية الفلسطينية منذ واحد وسبعين عاما على اثر النكبة عام 1948، أن هذه القضية ترتكز منذ قيامها على عمق الضمير العربي، وجذرية المصالح العربية بصفتها امة وليست أشلاء، وانه ليس هناك امن عربي مفرد أو جزئي، فالأمن العربي واحد، والحياة العربية واحدة ، وإلا فالنتيجة واضحة وهي مصير دول الطوائف.
الجديد في الموقف الأميركي الذي لا يزال معرشا فوق القرار العربي، إن ترامب يريد أن يهدم النظام الدولي الذي توافق على قرارات منصفة جزئيا للحقوق العربية، ولو نلاحظ فان ترمب اصطدم ببشاعة بتلك القرارات التي تحترم حقوقنا ، قرارات رفضت ضم القدس، وقرارات رفضت ضم الجولان، لأن ترامب عاجز عن الاصطدام بحقوق الدول الأخرى، كان المأمول أن تكون القرارات للقمة الثلاثين في تونس أكثر تصالحا مع بعضنا، واقل استدرارا للخلافات ، ولكن هذا الطموح ربما يحتاج إلى جراح أخرى ، ولكننا لن نفقد الأمل.
Yhya_rabahpress@yahoo.com