قضيتنا وشعبنا وقيادتنا هم الرقم الصعب
يحيى رباح
منذ مجيء ترامب الى البيت الأبيض رئيسا لأميركا دون أن يكون مؤهلا ولو بالحد الأدنى، أرسل إشارات واضحة أنه ضد نفسه عدوا بالمطلق للنظام الدولي القائم وخصما للشرعية الدولية وقرارتها وخصما للقانون الدولي بكل مرتكزاته، ثم ان ترامب عزز ذلك عندهم لتحالفاته مع اسرائيل بزعامة نتنياهو ولكن بدل من أن تكون اسرائيل أداته المستخدمة، تحول هو أي ترامب وإدارته إلى أداة طيعة وغير واعية ودون حسابات عميقة في اعتداءاته على النظام الدولي، من بوابة يمكن وصفها باستسهال المنطقة العربية، واستسهال التلاعب بمقدراته، وأقدس هذه المقدرات هي القضية الفلسطينية ومفرداتها الكثيرة، القدس، الدولة، وحدة الارض ووحدة الشعب الفلسطيني والوطنية الفلسطينية المتعمقة الحضور بكل اشكاله الابداعية من خلال الاستغلال السطحي و المكشوف للانقسام المستمر على يد حركة حماس، الذي تحول فعل الانقسام لديها مرادفا للتعايش والارتزاق اليومي وتوظيف كل حالات السقوط العربي في هذا المنهج الترامبي الغبي والخطير في آن واحد.
ولو قام أي احد، نظام أو حلقة بحث أو فرد ما باجراء مقارنة بين صورة اميركا بعد الحرب العالمية الثانية وهي تطرح نظرية ملء الفراغ في الشرق الأوسط عندما كانت دول الاستعمار القديم تجهز نفسها للرحيل فسوف يكتشف المراقب مدى التدهور الذي حل بصورة اميركا ومدى الفشل الذي حاق بها، خاصة في السنوات الأخيرة.
منذ جاء ترامب إلى البيت الابيض دون أي استعداد فطري ودون أي قدر من التراث الفكري أو السياسي أو التاريخي، فقط عقلية سمسار يريد أن يكسب الصفقة دون التفكير فيما إذا كان نظام الصفقات ينطبق على الحالة المعاشة وهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ودون الحد الأدنى من الفهم أن هذا الحق الفلسطيني الثابت الذي يجسد عنصر الهوية وعنصر العقيدة وعنصر الميراث التاريخي، يمكن أن يتماهى مع نظام الصفقة الترامبية الفاشلة.
وفي السنوات القليلة الماضية حاول ترامب ورجال إدارته الذين هم خليط متناثر لا تحكمهم أية مرجعيات حاولوا أن يثيروا قضايا عديدة ضد النظام الدولي ومرجعياته دفعة واحدة، الضجيج، والادعاءات الأميركية كانت صاخبة ولكن الفشل الأميركي كان أكثر ضجيجا، ابتداء من اتفاقيات المناخ، وحوارات التجارة الدولية، وقضية المهاجرين بفعل مساحة المشاكل الدولية، وترسيخ قواعد النفوذ والهيمنة، ولكن الفشل كان حليف اميركا، حتى انها أي الإدارة الأميركية بقيادة ترامب لجأت إلى ترويج الأكاذيب، مثل أكاذيب التطبيع المجاني لضرب مرجعية مبادرة السلام العربية، ووجدت في هذا المجال بعض النجاحات الشكلية من خلال قيام الإدارة الأميركية بدور الدعاية خلال حملة الانتخابات الاسرائيلية كما حدث في اجتماع وارسو، لا أحد من العرب الحاضرين على مستوى وزراء الخارجية كان يعرف لماذا وارسو، ولماذا الاجتماع اصلا ولكن اعضاء ادارة ترامب الذين هم أكثر جهلا منه مارسوا الدور حتى النهاية ولكن دون نتيجة على الاطلاق، إلا أنه أكثر جذورا وحضورا من هذه الالعاب المسرحية السخيفة، وكل هذه الألاعيب تحترق و يظل الفاشل الاميركي مفتوحا على المزيد من الاخطار و الاخطاء.
ما هي أولوياتنا !!!
لقد تكرست هذه الأولويات في خطاب التكليف لحكومة الدكتور محمد اشتية تعزيز صمود شعبنا الذي يخوض المعركة وبذل جهد أكبر لإزالة جرح الانقسام من فوق أرضنا المحتلة ونحن نخوض المعركة، وهذا يجعل المعركة في الصميم، في صميم وجود شعبنا فنحن منزرعون في أرضنا وفي صميم وجود العدو الرئيسي وهو الاحتلال الصهيوني ونحن أعرف به من نفسه ولولا أننا نستحق حقوقنا لما صمدنا كل هذه العقود التي تزيد عن مئة سنة.
متفائل بدرجة عالية بحكومة الدكتور محمد اشتية هو من اصل فتح منذ نعومة اظفاره وهو في فتح له خبرة في العمل الوطني، وهو من أنصار نظرية وزراء ولسنا أمراء التي كرسها الرئيس ورأس شرعيتنا الوطنية، أبو مازن. الحكومة حكومة عمل خطط وأهداف تنفذ على الأرض التي هي ارض الدولة وميدان الصراع ولعلنا كما كنا منذ البداية- لا نكون العبء على أمتنا رغم أننا نحتاج إلى دعم أمتنا، لعلنا نكون العلامة المضيئة والنموذج المشرق واليقين الأبيض، والنصر حليف الصابرين.