باب الأسباط .. مكون أساسي لتاريخ القدس القديمة
روان المكحل
إذا كنت متوجها إلى الأقصى المبارك من خلال السور الشمالي ووقفت على باب تعلوه أربعة أسود، فأنت على باب الأسباط، أو "باب الأسود" حيث الرمز للقوة التي يحملها شعار الملوك الذي يعود إلى الظاهر بيبرس أحد قادة جيش المسلمين في معركة عين جالوت.
يذكر التاريخ حول قصة الأسود المعلقة على باب الأسباط، أن السلطان سليم الأول عندما زار القدس رأى مناماً يلاحقه من خلاله أربعة أسود تحاول افتراسه، ولتحقيق الرؤيا، جلبها من أنقاض الخان الذي أسسه الظاهر بيبرس في القدس، إلى الجنوب الغربي من باب الخليل، حيث محطة سكة الحديد القديمة وعلقها على الباب.
فباب الأسباط يقع على بعد خطوات من البلدة القديمة ومن خلاله يتم الوصول الى المسجد الاقصى وباب حطة أيضاً، ويتميز باب الأسود بإمكانية دخول السيارات من خلاله، فيعد مسلكا رئيسيا للمقدسيين الذاهبين إلى المسجد الاقصى.
وقال الباحث المتخصص في تاريخ القدس روبين أبو شمسية: "باب الأسباط من الأبواب الأصلية لباب القدس، وله أربعة أسماء: باب الأسباط، وباب الأسود، وباب الغور، وباب ستي مريم، ومن الأسماء المشهورة لذلك الباب هو الأسود نسبة إلى الأسود التي أخذت من خان مهدم في الفترة المملوكية شمال القدس وتم نقلها ووضعها على ذلك الباب، أما باب الغور لأنه يقع على الطريق الرئيس للمدينة والغور لمدينة أريحا والتي أغلقت من قبل الاحتلال الاسرائيلي عند بناء جدار الفصل العنصري".
وعند دخولك الباب ترى زخرفات معمارية مميزة وبارزة يعلوها قوسان، عدا عن وجود أربعة أسود على يمين ويسار الباب.
إلى ذلك قال مدير عام السياحة والاثار في المسجد الأقصى يوسف النتشة: "باب الأسباط يقع في سور القدس العثماني وقريب من المسجد الأقصى المبارك الذي يحمل أيضاً نفس اسم الباب، فالأول في سور القدس والثاني في جدار المسجد الأقصى، ومن الأسماء غير المعروفة للباب هو باب القديس إسطفان، وأيضاً المتعارف عليه باب الأسود أو باب السباع".
وتابع، الباب في شكله الحالي من بناء سليمان القانوني يعود إلى العام 1537، وهو المدخل الأساسي لمن يأتي إلى مدينة القدس من جهة الشرق، وتجاوره عدة مبانٍ هامة منها: المسجد الأقصى، والمدرسة الصلاحية، وكنيسة القديسة حنا، كما تجاوره مقبرتان للمسلمين، مقبرة باب الرحمة، والمقبرة اليوسفية.
وأكد أن انتهاكات الاحتلال لا تقتصر فقط على باب الاسباط، إنما تشمل كل الأبواب، لوجود مراكز جديدة لشرطة الاحتلال الاسرائيلي عند هذه الابواب، عدا عن الإغلاق أمام حركة المركبات خاصة في شهر رمضان وذلك للتضييق على المواطنين، وأيضاً نظرا للاكتظاظ العالي في البلدة القديمة، فما يميز باب الأسباط أنه شريان رئيسي للبلدة القديمة".
من جانبها قالت عائشة محمد وهي زائرة من مدينة الخليل: "إنها تأتي كل عام خاصة في أيام الجمعة عبر باب الأسباط، فهو يصل إلى المسجد الأقصى، وإن بإمكانها الذهاب منه إلى حارة باب حطة، ولكن الاحتلال يحاول قدر الإمكان فرض تضييق على المصلين فيمنع في شهر رمضان دخول السيارات منه ويجعله مسلكا واحدا، وذلك في إطار سياسة القهر والحرمان التي يتبعها الاحتلال".
وتحدث المواطن المقدسي يزيد فرج من سكان البلدة القديمة عن أهمية باب الأسباط، وقال: "إنه قريب جداً على الشارع للوصول إلى المسجد الأقصى، وقريب لسكان مناطق الطور، وسلواد، وجبل المكبر، وراس العامود، وواد قدوم، فهذا الباب هو مرصد لكل الأشكال التعسفية من قبل الاحتلال وذلك لموقعه الاستراتيجي المهم.
وفي عام 2017 جسد أبناء شعبنا في القدس قصة كفاح ونضال على باب الأسباط في التصدي للاحتلال الذي أصر على وضع البوابات الالكترونية عليه ليحد من حركة المواطنين والمصلين، ولكن الصمود الأسطوري للمعتصمين هناك من أبناء شعبنا، ومواقف القيادة الثابتة والداعمة بكل الإمكانات حال دون تحقيق الاحتلال لأهدافه، واضطر إلى إزالتها.