من يعش خارج الواقع يقع بالخطأ
باسم برهوم
لفت نظري تصريح مسؤول ائتلاف النزاهة والشفافية "امان" عزمي الشعيبي لصحيفة الرسالة التابعة لحماس في مطلع الشهر الحالي ودعا خلاله لحل التلفزيون الفلسطيني الوطني الرسمي لمصلحة القنوات الخاصة، داعيا الى انشاء تلفزيون خاص بديل للتلفزيون الرسمي.
الغريب بالامر ان الشعيبي وآخرين ممن يشتغلون في مؤسسات المجتمع المدني، قد اصبحوا يتصرفون وكأن فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة متناسين او متجاهلين اننا لا نزال نخضع جميعنا للاحتلال الاسرائيلي، واننا لا نزال عالقين في مرحلة التحرر الوطني ولم ننه بعد مهمات هذه المرحلة، اي الاستقلال والحرية. واسأل هنا هل هناك حركة تحرر وطني تتخلى عن أداتها الاعلامية لأي احد؟
صحيح أننا نقول ليل نهار اننا نبني مؤسسات الدولة، ونبني نظاما سياسيا ديمقراطيا تمثيليا وتعدديا، ولكن عملية البناء هذه قد تتعثر بتعثر عملية السلام وعدم القدرة على انجاز الاهداف الوطنية. فمن الناحية العملية نحن لا نزال نعيش مرحلة التحرر الوطني، وحالة الانتقال من الثورة للدولة، علما ان هذه الحالة هي الاخرى متعثرة للأسباب ذاتها وبسبب الانقسام.
واود ان اذكر مسؤول مؤسسة امان وغيره ان مرجعية الاعلام الرسمي الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية من الناحية السياسية، فهذا الاعلام وبسبب الوضع الفلسطيني الفريد من نوعه وما فيه من تعقيدات موضوعية وذاتية هو اعلام ليس حكوميا لأن الحكومة مكون جاء بقرار من منظمة التحرير، وبهذا المعنى الاعلام الرسمي مهمته اشمل واوسع من الاعلام الحكومي فهو اعلام الشعب الفلسطيني اينما وجد وليس فقط في الضفة والقطاع.
ان من يدعو لحل تلفزيون فلسطين لا يعيش ضمن الواقع الفلسطيني، او انه غرق بملفه الى درجة انه خرج من الواقع.. هذا بأحسن الاحوال.
ما اقوله لا يتعرض بأي شكل لموضوع الرقابة الشعبية بكيفية التصرف بالمال العام، ومراقبة بعض مظاهر الفساد، فهذا شيء ضروري ومطلوب سواء كنا دولة ثم ثورة وحركة تحرر. كان يمكن ان نراقب تلفزيون فلسطين من حيث الاداء او تصرفه بالمال العام ومدى انسجامه مع المشروع الوطني او عدمه، ومدى اهتمامه بالشأن العام، أما ان نطالب بحله والغائه فهذا غياب عن الواقع او انخراط بأجندات مفروضة من الخارج لحرف النضال الوطني الفلسطيني عن مساره واهدافه وإشغال الشعب الفلسطيني بأولويات لا علاقة لها باستكمال مهمات التحرر الوطني.
ان غياب الموضوعية وعدم التحليق بالفضاء دون الالتفات للواقع وفهمه يقود صاحبه للوقوع بالخطأ.