اليوم نقابة الأطباء وغدا الجامعات
موفق مطر
كان خبر توقيع الاتفاقية بين التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين، ونقابة الأطباء، لإعفاء أسر الشهداء من دفع رسوم الكشف الطبي في العيادات الخاصة، للأطباء المسجلين في النقابة فيمحافظات الضفة الغربية، كان في نظرنا حدثا وطنيا يستحق نيل الاهتمام وتركيز الضوء عليه،نظرا لتوقيته، والمغزى العظيم الذي يحمله هكذا عمل وطني ليس جديدا ولاغريبا عن اطباء فلسطين الذين ما عرفناهم إلا ملائكة كالفدائيين لايمنعهمظرف ولاجحيم حرب عن اداء مهامهمالانسانية.
الاتفاقية برهان آخر على مدى الانسجام بين توجهات وقرارات القيادة السياسيةالفلسطينية،وقراراتوتوجهاتالقوى الحية الأهلية في فلسطين،فنقابة الأطباءالفلسطينيين ليس مطلوبا منها الانخراط في سباق اصدار البيانات السياسية،وتصدير المواقفاللغوية والكلامية حول القضايا الوطنيةومنها على سبيل المثالكحدث مرتبط،خصم سلطات الاحتلال من عائدات الضرائب الفلسطينية،قيمة المخصصات المدفوعة من السلطة لعائلات الشهداء وللأسرى،وانما تكريس انسانيةالمهنة في أبهى صور الالتزام الوطني،مايعني القدرة على ابداععنوان لمهنج المهنة مثل (الانسانية الوطنية).
يؤكد الرئيس ابو مازن في كل مناسبة على أولوية عائلات الشهداء والأسرى، والاستمرار بدفع المخصصات كاملة لهم حتى آخردينار واحد في خزينةالحكومةوارتفعتوتيرة مواقفه الثابتة بهذا الخصوص بعد جريمة الاحتلال باقتطاع قيمة رواتب الاسرى ومخصصات عائلات الشهداء من أموال الضرائب التي تجبيها، واعلان الاتفاق اليوم انعكاس طبيعي لهذه المواقفالسياسيةالوطنية، ولكن بصيغة (الانسانيةالوطنية) التي ابدع اطباء فلسطين في تقديم صورها في سجل من العطاء والتضحية تستحقاخراجها في روايات وافلام وثائقية وروائية،وأعمال فنيةكونها الأقدر على اختراق الذاكرة الفردية والجمعية والتجذر فيها.
ابناء الشهداء يحظون في بلاد عربيةبامتيازاتلعل اهمها التعلم المجاني،أو التذاكر المخفضةاو حتى المجانية التي تؤهلهم استخدام في مرافق ومواصلاتالدولة،ولعلنا في هذا المقامنطمع برؤية خبر اتفاق بين التجمع الوطني لأسر الشهداء واتحاد الجامعات الفلسطينية واتحاد نقاباتالعاملين في الجامعات،والاتحاد العام لطلبة فلسطين،يزف بشرىاعفاء ابناء الشهداء والأسرى من رسوم التعلم في الجامعات.
يجب التأكيد على نقطة هامة هناوهي ان معظم الشهداءوالأسرىالذين انضموا للعمل الفاحي والنضالي الوطني كانوا من ذوي الدخل المتوسط والعالي مايعني ان الدافع في طلب تأمين الامتيازات لعائلاتهم وأبنائهم لا يخضع لمعايير المشاكل الاجتماعية والحالات الانسانية، وانما لمعايير ومبادئ الالتزام الوطني،وبقيم ولوائح وقوانين ونظم حركة التحرر الوطنية الفلسطينية،وكذلك ثقافة المجتمعحيث المكانة الرفيعةوالمحمودة للشهيد،والتعظيموالبطولة للأسير.
اتفاق التجمع الوطني ونقابة الأطباء نموذج وطني متقدم،بإمكاننا الارتكاز عليه لتثبيت دعائم صمود ومقاومة شعبية سلمية،وتوسيع ميادينها،ذلك ان التكافل والتكامل في المهام الوطنية،ويعزز العلاقة والرؤيا والمواقف مابين الرسمي والشعبي ما يؤمن الديمومةلبرنامج النضال الوطني الذي لن يكون بالامكان اعتباره كذلك مالم تتفاعل كل الكياناتالمجتمعية والمهنية والسياسية،وتخرج بخلاصات نظرية وعملية لتحقيق اهدافها،وبذلك نحقق المشاركة الشعبية في القرار الوطني ورسم اهداف وطبيعة كل مرحلة،حتى يتحقق الاستقلال وقيام دولة ذات سيادة،ومؤسسات سيادية قادرة على القيام بمهامها وتقديم خدماتها للشعب، عبر توظيف امكانياتها لتحقيقوتجسيم الأولويات التي مهما بلغ حجمها وطول قائمتها فان الشهداءوالمحررون حينها سيكونوا على رأسهاوهذا حال كل الشعوب التي ناضلت وكافحت وصارت دولا عظيمة وقوية ومتقدمة فضل تضحيات ابطالها.