مكالمة الرئيس مع بوتين درس لمن يعتبر
باسم برهوم
بعد أن اطلعت على فحوى المكالمة الهاتفية بين الرئيسين محمود عباس، وفلاديمير بوتين، من مصدر موثوق، تمنيت لو كان الرئيس الأميركي ترامب يستمع لها، قد يكون في ذلك درس وعبرة له. فالمكالمة بحق درس في الدبلوماسية والعلاقات الدولية المبنية على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية، وانطلاقا من مبدأ توازن المصالح الذي يجب أن يحكم هذه العلاقات.
ما فهمته من المصدر أن المكالمة اتسمت بالوضوح والصراحة، والأهم هو المنهج والتسلسل الذي استخدمه الرئيسان والذي من شأنه أن يقود إلى توضيح المواقف، وانطلاقا منه يتم التوافق
أو الاختلاف في وجهات النظر. في مكالمة الرئيسين، التي جاءت في وقت مهم وحساس جدا بالنسبة لما يشهده الشرق الأوسط من تطورات متسارعة وخطيرة، كان التوافق تاما.
بعد عبارات المجاملة الدافئة، وهي ضرورية في العلاقات الدولية، سأل الرئيس بوتين، أود أن استمع من سيادتكم عن مواقفكم بوضوح مما يطلق عليه صفقة القرن وورشة المنامة الاقتصادية. ولماذا قررتم عدم حضورها.
الرئيس محمود عباس المعروف بصدقه ووضوحه أجاب بشكل هادئ ومنظم: بالنسبة لورشة المنامة نحن قررنا عدم حضورها لأننا نعتقد أن الحلول الاقتصادية لن تكون مجدية وذات قيمة إذا لم يسبقها الحل السياسي، للاقتصاد مهمة دعم الحل السياسي وليس العكس بهذا الشكل نخدم السلام اكثر.
تدخل الرئيس بوتين، وقال أنا اتفق معكم بهذا الموقف فالحل السياسي يحب أن يأتي أولا وهو المدخل الصحيح.
"أما بخصوص صفقة القرن فالإدارة الأميركية، إدارة ترامب أزاحت قضية القدس واللاجئين والاستيطان والحدود وجعلت الأمن كاملا بيد إسرائيل.. فما الذي تبقى للتفاوض، نحن لن نتنازل عن حقوقنا المنصوص عليها في القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، نحن مع الدولتين"، أضاف.
وهنا قال بوتين إن روسيا مع حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، هذا ما يضمن أمن واستقرار المنطقة.
وبعد هذا التوافق في وجهات النظر قال الرئيس بوتين، نأمل ان نلتقي بكم في موسكو قريبا جدا لنواصل البحث بالتفاصيل.
أربعون دقيقة هي مدة المكالمة، لكنها بالفعل درس في الدبلوماسية البناءة التي ترسي علاقات دولية بعيدا عن البلطجة واستسهال انتهاك القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها. كان الرئيسان بمنتهى الوضوح والصراحة، وفي حديثهما التزما طوال الوقت بالاحترام المتبادل والثقة المتبادلة، والأهم التزما بالقانون الدولي والشرعية الدولية، وتبادلا وجهات النطر بشكل متكافئ دون استخدام سياسة الاستقواء وعرض العضلات.
وهنا لابد من الإشارة إلى وقاحة الرئيس ترامب في علاقته الدولية واستسهاله توجيه الإهانات حتى لأصدقائه ومن يمولون اقتصاده بالمال عنوة.
اعتقد انه من الضروري ان نهدي نسخة مسجلة من المكالمة لترامب عله يأخذ منها العبر.