الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

بوتين روسيا العظمى وعباس فلسطين العظيمة

موفق مطر

لا تعتبر المكالمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ومحمود عباس أبو مازن الأخيرة (حوالي الساعة الا ربعا) عادية، إذا ما نظرنا إليها بعين اللحظة السياسية الراهنة في المنطقة عندنا خصوصا والاقليم عموما والعالم أيضا.
الرئيس بوتين رئيس دولة عظمى، والرئيس محمود عباس رئيس دولة عظمى أيضا، لكن شتان ما بين مقومات روسيا المادية كدولة عظمى، وبين مقومات فلسطين المادية كدولة مازالت بصفة مراقب في الأمم المتحدة، لكنها عظيمة وعظمى بقدرة رئيس شعبها محمود عباس أبو مازن على قول (لا) قوية صريحة واضحة بوجه إدارة ورئيس دولة امبريالية تحاول بناء عظمتها على نكران حقوق الشعوب والهيمنة على العالم، وشعبنا منها، والانقلاب على قوانين ومواثيق الشرعية الدولية وشطبها من الوجود!!.
وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) وصفت الاتصال الهاتفي بمصطلح (مطول ومعمق) ما يجعلنا نقرأ طبيعة ومضامين الاتصال المميز هذه المرة وفي هذا الوقت بالذات بوضوح ودقة أكثر من سابقاتها.
 صحيح أن العلاقة بين فلسطين وروسيا أكبر بكثير من منظومة المصالح المادية التي تربط علاقات الدول ببعضها، وصحيح ادراكنا بأن لروسيا مواقف ايجابية من القضية الفلسطينية مرتكزة على مبادئ وأخلاقيات سياسية مميزة، لكن الأصح أن روسيا بوتين باتت على يقين أن (لا) أبو مازن الفلسطينية، التي توسعت دوائرها لتصبح عربية شعبية عريضة ورسمية في أكثر الدول العربية، وتوسعت أكثر لتصبح إقليمية، حتى باتت رمزا عالميا لقدرة الشعوب والدول الصغيرة على قول (لا) قوية حكيمة مرتكزة على إرادة شعبية عندما يتعلق الأمر بكرامتها ومبادئها وحريتها واستقلالها، وليست (لا) عبثية عدمية كالتي تقال على أي منبر هلامي !.
روسيا بوتين كسرت قاعدة القطب الواحد المتحكم بالعالم والمقصود به الولايات المتحدة الأميركية، وقرأت الموقف الفلسطيني الصلب والشجاع والحكيم من الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني كعلامة على وجود دولة ناشئة (قديمة حديثة) في الشرق الأوسط اسمها (فلسطين) تملك مقومات الدولة القادرة على تحديد مواقفها الوطنية بصلابة، كما تملك القدرة على إحداث التغيير المطلوب في المنطقة المحيطة بها وحتى البعيدة لصالح قضاياها العادلة، وأن دولة فلسطين باتت عاملا محوريا وأساسيا للاستقرار والسلام في المنطقة، وأن فلسطين بقيادة الرئيس أبو مازن لن تسمح بتمرير أي مشروع أميركي أو غيره في المنطقة، لا يستجيب لحقوق الشعب الفلسطيني، ولا يلبي الحد الأدنى من قرارات الشرعية الدولية التي تعمل روسيا على إعادة قاطرتها إلى سكتها بعد محاولات إدارة ترامب الأميركية حرفها وإسقاطها، ولعل قراءة أهم ما ورد في المكالمة يؤكد لنا صواب ما ذهبنا إليه، حيث تم التوافق على أن الحل السياسي له الأولوية من أجل سلام عادل ودائم والتمسك بالشرعية الدولية.
إن الحل السياسي له الأولوية وأن الدعم الاقتصادي لا يجوز أن يكون قبله، وأن الموقف الروسي يتوافق مع الموقف الفلسطيني للحل في القضايا كافة، خاصة الالتزام بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وأن الرئيس بوتين سيواصل عمله مع الجانب الأميركي والإسرائيلي لتعزيز الحل على هذا الأساس... وهذا يعني لنا أن روسيا كدولة عظمى يهمها أن تكون فلسطين صديقا مميزا، وربما حليفا موثوقا.
هذا الاتصال جاء بعد انغمار مكاتب صناع القرار وسياسة البيت الأبيض في عهد ترامب بالموجة الدائرية الكبرى من دوامة الرئيس أبو مازن، فبدأوا - هم يبحثون عن مخارج الطوارئ - بإرسال إشارات يمكن اعتبارها ايجابية باتجاه رئيس شعب فلسطين وقائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية لإيقاف (حركة الدوامة) التي أفقدتهم التوازن، وجعلتهم يحسبون ألف الف حساب للرئيس الانسان لرئيس السلام الذي لا يملك في جعبته إلا قوة الحق والشرعية الدولية.
بدأ مستشارو الرئيس الأميريكي كوشنير وغرينبلات بتطيير تصريحات منها مثلا: "إن الرئيس دونالد ترامب يحب الرئيس أبو مازن شخصيا"!! ومنها ما قاله كوشنير قبل حوالي اسبوع إن "الهدف من ورشة البحرين كان وضع خطة اقتصادية للمنطقة، يمكن تطبيقها في إطار حل سياسي، لكن لا نية للاستمرار في هذه الاستثمارات قبل أن يكون هناك تقدم على المسار السياسي"، ثم قال أؤمن بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن"، يريد السلام، "أُكِن له كثيرا من الاحترام، هو كرس حياته لمحاولة تحقيق السلام".
كلام كوشنير إقرار من الإدارة الأميركية بفشل ورشتها في المنامة عاصمة البحرين، وفشل إدارة ترامب بتقزيم الحل السياسي الذي يعني لنا نحن الشعب الفلسطيني إنجاز استقلال وحرية وقيام دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وتحويله الى مجرد حاجات ومتطلبات إنسانية.
كلام كوشنير وكلام غرينبلات في اليومين الأخيرين إقرار واضح لا لبس فيه من الإدارة الأميركية بأن (لا) أبو مازن الفلسطينية كانت الكابح لعجلات قطار المشروع الأميركي الاستعماري الجديد والذي كان مقررا أن يبدأ انطلاقته الكبرى بدهس وتحطيم المرتكزات القانونية الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني، والعودة إلى نغمة نكران وجود الشعب الفلسطيني، وأن الموجود في فلسطين مجرد سكان عرب أتوا إلى فلسطين قبل مئة عام، وأن أصول أكثرهم تعود لجنوب أوروبا كما يروج بنيامين نتنياهو وولده المتذاكي يائيرفي أحدث تزوير وتحريف للتاريخ والكتب المقدسة !.
غرينبلات كان قد قال: "إن السلطة الفلسطينية ستتعرض لحكم تاريخي قاس إذا رفضت خطة السلام الأميركية" أي ما يسمى (صفقة القرن). وقال أيضا: "إن أحداً لا يستطيع أن يقول بصدق إنه ضد الخطة.. لكن الرئيس أبو مازن جدد موقف الشعب الفلسطيني عندما قال خلال كلمته أمام أعضاء المجلس الاستشاري لحركة فتح مساء الخميس الماضي: "أنا مستعد أن اقول (لا) لكل العالم ما دام الأمر متعلقا بأي محاولة تمس حقوق شعبنا الفلسطيني".
غرينبلات عدَّل منطقه وقال في حديث مع صحيفة الشرق الأوسط: "إن الخطة الاقتصادية قُدِمَت مثالاً للفلسطينيين على ما يمكن أن يكون الحال إذا وصلنا إلى نهاية للصراع السياسي"، ثم اضاف: "إذا نجحنا في الخطة السياسية فسيتم تنفيذ الخطة الاقتصادية ولا توجد خطة سياسية من دون خطة اقتصادية". 
 قال ترامب كلمته، وقال أبو مازن كلمته، فإذا بكلمة أبو مازن تكسر كلمة ترامب وتسقطها محطمة إلى قاع البحرين، فكلمة أبو مازن هي كلمة حق شعب عظيم حلقت ولاتزال في فضاءات الدول العظمى والمتطلعة للحرية والسلام في العالم.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024