الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

لحظات مميتة..

بقلم: العقيد لؤي ارزيقات
إنها اللحظات الأخيرة الحاسمة.. لحظات ساد فيها ترقب وصمت مريب وشد للأعصاب.. الكل جالس بجانب السرير الذي ترقد عليه طفلة وصلت في حالة حرجة بحادث سير.. الأب ينظر الى ذاك الجهاز الذي تُرسم على شاشته نبضات طفلته ودقات قلبها، وقلبه يرتجف خوفا عليها، وأمها تضع رأسها بجانب رأس طفلتها التي تعيش الدقائق الأخيرة من حياتها.. وآخر يجلس تحت قدميها ويتضرع لربه ليشفيها مما حل بها.. انها اللحظات الرهيبة الممزوجة بالخوف عليها والندم  من تصرف لا مسؤول لطفل طائش ساعدته بعض الظروف لقيادة مركبة غير قانونية.. وترقب لتقرير الطبيب الذي دخل لتوه غرفتها وطلب من الجميع المغادرة فانصاعوا جميعهم، ولكن والدها شعر بأن الأمر مريب، فنظر اليها ليجد احدى عينيها قد فتحت وتسللت من بين رموشها نظرات طفولية عابرة لم يكن لأحد في الكون ان يفهمها سوى من رباها وعايشها.. انه ابوها ومحبها.. نظرة اختلط فيها الحب والعتاب والخوف والوداع الأخير والوصية والطلب بالمحافظة على شقيقها الوحيد وشقيقاتها وجعلهم يبتعدون عن هذا التابوت الذي حملها وكان الوسيلة والوسيط بين الحياة الدنيا والحياة الأبدية.. نظرة قالت فيها الكثير لكنه فهم منها انها ليست غاضبة منه وانها سامحته لكنها عاتبته على سرعة تعليم شقيقها رغم صغر سنه لقيادة مركبة مشطوبة وغير قانونية دون ان يُعلمه مدى الخطر الذي يحدق به.. نظرة قالت فيها بلسان ألثغ: "ابي ركبت الثيارة (وتقصد السيارة) التي اشتريتها أنت وهي مشطوبة ولا أعلم ما معنى ذلك وعلّمت شقيقي الوحيد ثياقتها وكنت أحب الثفر معه وفي ثباح هذا اليوم تركت العابي الجميلة وفطوري وكوب حليبي الذي أعدته أمي التي تبكيني بحرقة الآن لأنها لم تستطع منع الموت مني وتوجهت مع أخي وحبيبي وذهبت معه في رحلة قصيرة لا تتعدى بضع دقائق بمركبته المشطوبة ولا أعرف معنى هذه الكلمة لكنني شاهدت قِطعها تتناثر على جانبي الطريق وعجلاتها المهترئة وهي تنزلق عن الشارع وسمعت صوت محركها العالي دون ان تهتم باصلاحه، واضوائها المكسرة وفحص فراملها التي لا تستجيب لأن ثمنها بخس.. ذهبت لأشاهد الطلاب وهم ذاهبون لمدارسهم لأرسم خريطة مستقبلي رغم صغر سني ولأخطط كيف سأكون مثلهم وكيف سأختار لون حقيبتي ودفاتري وأقلامي، وأحدد أسلوبي في اختيار صديقاتي... ذهبت ولم أتوقع ان هذه السيارة المشطوبة ستكون أداة قتلي ونهاية حياتي وعمري بلحظات طيش لطفل لم يُقدر خطورة السرعة ولم يعِ بان ما يقوده هو تابوت الموت الذي سينقلني من حياة الدنيا الى الحياة الآخرة .. ولم أتوقع أنا بأنها القنبلة التي ستُفجر رأسي وتقذف بدماغي خارجه وتمزق جسدي الرقيق إربا وتنثر لحمي على الطريق.. فرحت بزيادة سرعتها واعتقدت بأنها لعبة جميلة نتسابق بها مع الآخرين .. تبسمت وأنا أقف بداخلها وأنظر من نافذتها وأشاهد الأحجار والأشخاص والأشجار يسيرون بسرعة كبيرة وهم واقفون وأحاول فهم ذلك، ولكنني وصلت للحقيقة بأن مركبتنا هي التي تتحرك بسرعة الريح وهم واقفون.. نحن نتعرض للخطر وهم بعيدون.. نحن الذين نموت وهم باقون احياء لأن مركبتنا مشطوبة وانقلبت وقتلتنا.. وقبل ان تغمض عينيها وتفارق روحها جسدها لبارئها قالت لأبيها: لا تقتلونا بمركباتكم المشطوبة...
------------------
* الناطق الاعلامي باسم الشرطة

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024