تآلف الرموز والمعاني
محمود ابو الهيجاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بكم في دارة فلسطين، التي لكم فيها صدر مقاماتها، ورحابة باحاتها، ونبض قلوب بُناتها ومحبتهم، واسمحوا لي بداية ان اعترف أمامكم بقلقي وخوفي ألا أحسن كلمات الترحاب والحفاوة التي تليق بكم، بل وقلقي بألا تسعفني اللغة كي أنقل لكم ما نراه في حضوركم المفوه، الذي قد لا يحيط به وصف وهو يترامى كعشب الربيع وزهوره في براري المعنى، لست الجواهري لأقول: أسعف فمي ياسيدي، ولست المتنبي وان كنت في حضرة أهل العزم والكرم، لكني بعض تجليات الجرح الفلسطيني، الذي قال عنه شاعرنا الكبير محمود درويش إنه الجرح الصحيح، وكل جرح صحيح، هو جرح البطولة في تطلعه الإنساني النبيل، ولأني بعض تجليات هذا الجرح، لن أجد غير البوح الذي لا يجوز لغير الأهل والأحبة، انتم أهل أرض مهوى قلوب المسلمين، أرض الحرمين الشريفين، أبناء السلالة المجيدة، من بطون قريش العدنانية، وبناة حجر اليمامة من بني حنيفة الذين أسماهم التاريخ بالمردة.
وتعرفون في البوح رؤى وتكشفات، وهكذا نرى حضوركم في فلسطين زمنًا جديدًا يتفتح في حياة العلاقات التاريخية، السعودية الفلسطينية، التي طالما كانت وستبقى علاقات المصير الواحد، وهي التي ما اهتزت يوما، وما اعتراها عوار السياسات الانتهازية...! المملكة لم تعرف ذلك ابدا، ودعمها ظل دومًا وما زال بلا أي شرط، وبكرم هو تمامًا كمثل كرم السقاة عند بئر زمزم الاولى، وحيث سقاية الحجيج تكليف سماوي.
زمن جديد لعلاقات المصير الواحد، نعم، زمن تتلاقى فيه الرموز والمعاني، من الصقر الى الفدائي، وتتآلف بحداثة سياسية واقتصادية وثقافية، وسأصف بأنها الحداثة النضالية، التي باتت هي السبيل لتخطي معضلات الواقع العربي الراهن، وليس من أجل اللحاق بالعصر، وعلى نحو ما يكرس هوية المكان وتاريخه وشخصية أصحابه الوطنية والقومية فحسب، وانما كذلك من اجل الاحتفاء بأثر الفروسيات العربية الذي ما زال ساكنا في مشارق الأرض ومغاربها، ان تآلف مكة المكرمة والقدس الشريف، هو تآلف الرموز التي يسطع نورها من مشكاة واحدة، لا شرقية ولا غربية، وأصدقكم القول هذا ما يفسر الترحيب الحار لفلسطين بصقور شقيقتها السعودية، الترحيب الذي افتتحه الرئيس أبو مازن بأطيب الكلمات وأصدقها بهجة، وأكثرها ادراكا لحقيقة هذا التآلف وقوته الفاعلة في البعد الاستراتيجي، ونقول التآلف ونشدد عليه لأنه الأعمق من التحالف والأكثر حنوا ومصداقية وشفافية.
سنفوز بالمباراة لا بنتيجتها، سنفوز بعناق المهرة من الفريقين الشقيقين، وسنفوز باللعب النظيف وقبل كل شيء سنفوز بهتافات التآلف وعلما فلسطين والسعودية يرفرفان في فضاء ملعب الشهيد فيصل الحسيني، مرة اخرى ودائما أهلا وسهلا بكم في فلسطين، لقد حللتم اهلا ووطئتم سهلا.
---------------
• نص كلمة الترحيب بالوفد الرياضي السعودي خلال حفل العشاء الذي أقيم على مائدة الرئيس محمود عباس في المقر الرئاسي برام الله يوم الاثنين الماضي.