حكومة الضم والحرب الثالثة في (إسرائيل)
موفق مطر
العالم منشغل بمواجهة أعظم وأفظع وأوسع هجوم من (عدو خفي) على العالم منذ الحرب العالمية الثانية، يهدد بتدمير النظم الصحية والاقتصادية والأمنية، وبالمحصلة الخرائط السياسية للدول، فيما المتنافسون على الفوز بسدة الحكم في (اسرائيل) يسابقون الزمن لتشكيل ما يدعونها تارة "حكومة وحدة وطنية" وتارة اخرى "حكومة طوارئ"! والثابت لدى كل متابع ومراقب عن كثب أن نقطة الخلاف القائمة حتى الآن بين الطرفين ليست كيفية انقاذ اسرائيل من الكورونا بعد رقم المصابين (اكثر من عشرة آلاف) والوفيات (حوالي المئة) شخص وهي ارقام عالية جدا اذا ما قورنت بقدرة (اسرائيل) التكنولوجية في كل النواحي بما فيها الصحية والعسكرية، كما لا تتعلق نقطة الخلاف بالأزمة السياسية التي تعيشها دولة الاحتلال بسبب عدم قدرة ائتلاف بعينه على تشكيل حكومة بعد ثلاثة انتخابات للكنيست في عام واحد، وقد تدفعهم الأزمة الى الرابعة، وإنما بآلية تنفيذ الجزء المتعلق بضم أراض محتلة منذ العام 1967 الخطة الاستعمارية الجديدة التي طرحها دونالد ترامب تحت عنوان (صفقة القرن) علما أن هذه الأراضي حسب القرارات الدولية هي اراضي دولة فلسطين المحتلة وفق القرار 19/67 الصادر عن الأمم المتحدة في العام 2012، فما بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس حسب المعلوم من المفاوضات بينهما عبر الوسطاء، خلاف على توقيت تفعيل عملية الضم على الأرض ولحظة الاعلان عنها، حتى وإن اخذنا في الاعتبار خلفية غانتس العسكرية وموقعه السابق في المؤسسة الحربية الاسرائيلية (رئيس اركان سابق) ومعرفته الدقيقة لتبعات الضم وتحديدا معرفته المسبقة عن رد فعل القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني المتوقعة حال الاعلان وابتداء الحرب الثالثة الشاملة على الشعب الفلسطيني في ارض وطنه فلسطين التاريخية والطبيعية بعد حربي العامين 1948 و1967.
أراد الرئيس محمود عباس رؤية العالم في جبهة واحدة لمواجهة وباء، يفتك دون تفريق بين جنس وعرق ودين لدى البشرية، ولعله برسالته الى الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرتش أراد التماس ارادة دولية مشتركة تتصدى لكل ما يهدد مصير الانسانية الحضارية على وجه الكرة الأرضية، تبشر فيما بعد لالتقاء هذه الارادات العالمية على قرار لإنهاء احتلال واستيطان عنصري في فلسطين يهدد الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة الأكثر حيوية للعالم (الشرق الأوسط)، احتلال واستعمار استيطاني تسبب بضحايا ابرياء بلغ أضعاف رقم ضحايا وباء فايروس الكورونا بآلاف المرات، فيما نزيف الدماء الانسانية ما زال مستمرا في فلسطين، وقد يستمرفيها وحولها وفي محيطها اذا شنت منظومة الاحتلال العنصري الاسرائيلي حربها الثالثة على الشعب الفلسطيني.
سيدرك قادة الدول في العالم وتحديدا الدول العظمى الخمس المتحكمة بقرارات مجلس الأمن الدولي أن انتصارهم الفردي او الجمعي على هجوم الكائن الخفي (فايروس كورونا) سيبقى ناقصا ما لم يتم القضاء نهائيا على وباء الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري الاسرائيلي منذ حوالي مئة عام، فهذا (الفايروس الاصطناعي) المزروع في مركز الشرق الأوسط الحضاري، والملتقى المقدس لاتباع العقائد السماوية (فلسطين) كان وما زال سببا رئيسا في ازهاق ارواح ملايين البشر، وتردي اوضاع بلدان المنطقة اقتصاديا، وتخلفها ثقافيا، نتيجة الصراعات والحروب التي دأبت منظومة الاحتلال العنصري في تل ابيب على اشعالها وإشغال شعوب ودول وحكومات المنطقة عن السير في ميادين الديمقراطية والبحث العلمي والنمو الاقتصادي.. ليس هذا وحسب، بل تتقصد عرقلة عمل سلطات دولة فلسطين الصحية للحد من تفشي وباء الكورونا كما بين رئيس الحكومة د. محمد اشتية لسفراء وقناصل الدول المعتمدين لدى دولة فلسطين والاتحاد الأوروبي اثناء اجتماعه بهم بواسطة الفيديو كونفرانس حيث وضعهم في صورة خطر أكبر حال اتفق الحزبان الكبيران في دولة (اسرائيل) القائمة بالاحتلال على حكومة ضم قائمة على مبدأ ضم اراض فلسطينية احتلت في العام 1967.
عندما تتمرد منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري الاسرائيلي على القانون الدولي، وتصبح قوة ارهابية ضاربة لقيم ومبادئ الانسانية برتبة دولة، ولا نجد من يتصدى لجرائمها ضد الانسانية، واستكبارها واستبدادها وظلمها لشعبنا الفلسطيني، ولا يحاسب قادتها العسكريين والسياسيين على جرائم حرب ارتكبوها بحق شعب فلسطين الأعزل، ولا ينظر فعليا بانتهاكات سلطات هذه المنظومة الفاشية لأبسط حقوق الانسان، ويغض الطرف ولا يفكر حتى بردعها، فهذا يعني أن العالم بمنظومته القائمة ما زال اضعف مما نتوقع، وقد لا نحتاج لبرهان اضافي بعد انكشاف عورة هذا العالم وثبوت هشاشته في مواجهة فايروس الكورونا، الذي كان ممكنا السيطرة عليه منذ انطلاقه لولا الرؤية الاحادية الأنانية الاستكبارية المرتبطة بجذور الدولة الاستعمارية التي يبدو انها ما زالت حية رغم المظاهر المدنية الحضارية التي سادت في العقود الأخيرة، فالمصالح المادية، والمكاسب المالية، والتوسع في النفوذ الاقتصادي على حساب مصائر الشعوب وحيواتها مازالت تسيطر على تفكير رجالاتها عند كل راس هرم حاكم وتحدد طبيعة قراراتهم.. ويكفي الاشارة الى نموذجين بهذا الصدد،الأول وراء المحيط (الولايات المتحدة الأميركية) أما الآخر فلصيق بنا تماما وهو كيان الاحتلال والاستيطان (اسرائيل).
اعلن عن انشاء كيان اسرائيل في ارض ووطن الشعب الفلسطيني (فلسطين) وثبتت أركان منظومة احتلال واستيطان عنصري فيما كان العالم منشغلا بلأم جراحه بعد الحرب العالمية الثانية، واليوم تستكمل هذه المنظومة السيطرة وإعلان السيادة على اراض اخرى من فلسطين (ضم اراض في الضفة الفلسطينية وشمال البحر الميت) في زمن انشغال العالم بحرب كورونا العالمية الخفية (الكورونا) فهل نحن امام مسبب واحد للأحداث الكبرى في العالم لتمرير مشاريعه الاستعمارية.. سنكتشف الحقيقة ولو بعد حين.