"نصائح شيطانية" وفق ما ورد...
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
في مقالة للدكتور إبراهيم أبراش، الذي كان سابقًا وزيرًا للثقافة، ثمة تشخيض لواقع بعض "المثقفين" الفلسطينيين الذين باتوا يهربون فرادى على صفحات الفيسبوك من معركة المصير التي يخوضها المشروع الوطني اليوم، ضد "صفقة القرن" ومشروعها للضم الاستعماري، ويهربون بذريعة الاحتجاج والمعارضة، وبهلوسات أستذة هي نتاج تمثيل معرفي رديء، لم ينتج غير التحشيش الفكري والسياسي، الذي طالما كان وما زال يصب في طاحونة الاحتلال التحريضية، ضد فلسطين، وقيادتها الشرعية، حامية المشروع الوطني التحرري، والساعية لتحقيق أهدافه العادلة.
مقالة الدكتور أبراش حملت عنوان "نصائح شيطانية، للفاسدين فقط ممن يريد" ومن العنوان سنعرف ان ما يفعله ذلك البعض من "المثقفين" وما يكتبونه على صفحات "الفيسبوك" و"تويتر" إنما هو نتاج "نصائح شيطانية" يستعرضها أبراش على نحو استنكاري، وهو ينقلها في مقالته– وناقل الكفر ليس بكافر- فيقول لمن يريد ان يكون من الفاسدين في هذا الاطار "تخلَّ عن أحاسيسك ومشاعرك الوطنية. تجنب اية مشاركة نضالية حقيقية، ولا بأس أن تتظاهر أو تدعي أن لك تاريخا نضاليا، أو انك مناضل ابا عن جد. لا تترك مناسبة أن تستخف بالشعب والوطن والوطنية، وكل التاريخ النضالي أمام ذوي الجاه والنفوذ والجهات الاجنبية" (فعل ذلك بعض هؤلاء واستخفوا، وشككوا بالمشهد التاريخي، العالمي الفلسطيني، الذي كان في اريحا، الاثنين الماضي، ضد مشروع الضم الاستعماري) ويتابع الدكتور ابراش مقالته: "حقر وقلل من شأن المؤسسات والقيادات الوطنية، وحملها مسؤولية الخراب والدمار في البلد (مقالة غازي حمد نموذجا..!!) استهزأ بالمشروع الوطني، وبالوطنية، وبمن يناضلون من اجلهما.. وتابع كل صغيرة وكبيرة تجري في البلد، وإن كانت اشاعات واكاذيب، ولا بأس ان تضخمها وتزيد عليها من عندك، واذا كانت لك توجهات دينية فما عليك إلا أن تطلق اللحية وتحمل مسبحة وتداوم على الصلاة في المسجد.. وليكن لسانك البذيء سيفا مسلطا على كل من يخالف الجماعات الاسلاموية الرأي" هذه باختصار نصائح شيطانية حقا، يندد بها الدكتور ابراش في مقالته، موضحا كما نقرأ بين سطور مقالته، ان من يعمل بها لن يكون إلا من اتباع الشيطان، والعياذ بالله..!!
وبالطبع ليس ثمة احمق اكثر من الذي يتبع هواه الشيطاني، وليس ثمة فاسد اكثر من الذي يتخلى عن "احاسيسه ومشاعره النضالية" ويستخف بالشعب والوطن والقضية، ليصب تعليقاته لصالح اعداء الشعب والوطن والقضية، حتى مع ظاهرها الذي يزعم غير ذلك، بمقولة الاحتجاج وهلوسات الاستذة بتحشيشاتها الفكرية والسياسية، ونذكر هنا بما كتب ذات مرة الكاتب والمفكر الايطالي امبرتو ايكو قبيل وفاته ناقدا لادوات الفيسبوك والتويتر حين استخدامها الرديء، إذ هي حسب وجهة نظره والحالة هذه "تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ دون ان يتسببوا بضرر للمجتمع وكان يتم اسكاتهم فورا، أما الآن فلهم حق الكلام مثلهم مثل من يحكم لجائزة نوبل، إنه غزو البلهاء"..!! وللتوضيح لسنا هنا لنتبنى هذا التعليق النقدي تماما فبالتأكيد ليس كل من يستخدم هذه الادوات هو من فيالق الحمقى، لكن والكلام عن بعض المثقفين المتثاقفين الذين لم يعد لهم ذلك النص المشغول بحياة الناس وقضاياهم وتطلعاتهم، وانما مجرد هلوسات اللغة البذيئة، هؤلاء هم من ينطبق عليهم اليوم ما قاله امبرتو ايكو، وما كتبه الدكتور ابراهيم ابراش.