العلاقة بين المجلسين ( الوطني والتشريعي ) - أحمد ابراهيم الحاج
هنالك مصطلحات فلسطينية كثيرة تحتاج الى توضيح لكي يتم التعامل معها على أساس وطني، إذ ربما لا تنجلي معانيها على كثير من الفلسطينيين اينما وجدوا فيساء فهمها ويؤدي ذلك الى قرارات ربما تكون خاطئة خاصة على الصعيد الأنتخابي الشعبي وتحتمل مخاطر وطنية عالية في نتائجها.
من هذه المصطلحات القديمة )المجلس الوطني الفلسطيني ومن المصطلحات الجديدة المجلس التشريعي الفلسطيني (. تولى المسئولون العرب إدارة القضية الفلسطينية خارجياً وسياسياً بينما كان النضال الوطني الفلسطيني الداخلي على الأرض مستمراً من عشرينيات القرن الماضي والى يومنا هذا وعلى شكل موجات من الهبات والإنتفاضات والثورات الشعبية تختلف في تردداتها وحدتها من مرحلة الى اخرى حسب الظروف ومعادلات القوة.
من الثورات الشعبية الفلسطينية الشاملة والحادة في تردداتها كانت ثورة 1936م.
وكادت هذه الثورة أن تؤتي أكلها ولكن تم احباطها وإجهاضها من قبل القوى الدولية الإستعمارية الكبرى المنحازة الى الصهيونية وتحت ظلال التواطؤ والوعود العربية الرسمية سواءً كانت بقصد أو بدون قصد.
وأخذت الدول العربية بقياداتها الرسمية على عاتقها إدارة الأزمة ورفضت قرارات عصبة الأمم المتحدة عام 1947م والتي قضت بإقامة دولة فلسطينية على حوالي 46% من أرض فلسطين التاريخية وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم مع التعويض عما لحق بهم من خسائر مادية ومعنوية نتيجة تشريدهم عن أراضيهم. وخاضت الدول العربية الرسمية حرباً ضد العصابات الصهيونية عام 1948م وخسرتها وكانت النكبة.
وظلت القضية الوطنية الفلسطينية تتخذ صفة الصراع العربي الإسرائيلي. والصهيونية تجيد اللعب على الألفاظ، فأوحت للعالم الغربي بنفوذها المادي والإعلامي أن هذه قضية عربية ويجب حلها في الإطار العربي الواسع والمترامي الأطراف.
وما يسمى "الفلسطينيون" هم عبارة عن قبائل عربية وافدة الى أرض الميعاد واستوطنت بأرض الأجداد، وأن قضية ما يسمى الفلسطينين تحل على حساب الأراضي العربية الواسعة والشاسعة والتي تمتد من الخليج الى المحيط وتطوق أرض دولة اسرائيل الضيقة والمحدودة المساحة.
وكانت اسرائيل ومن لف لفها ينكرون وجود الشعب الفلسطيني وحاولوا بكل الوسائل طمس الهوية الوطنية الفلسطينية، وقد اطلقوا على فلسطيني الداخل بالعرب الإسرائيليين.
واقتنع الغرب بهذه المقولة الصهيونية وأنكر وجود الفلسطينيين متأثراً بهذه الرواية الدرامية المحزنة مقرونة بدموع التماسيح. وظلت الأزمة تدار عربياً بهذه الطريقة العقيمة الى عام 1964م وهو العام الذي قامت فيه منظمة التحرير الفلسطينية بمبادرة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبقرار من مؤتمر القمة العربي.
وتم تكليف الراحل المناضل الفلسطيني الكبير الأستاذ أحمد الشقيري برئاسة هذه المنظمة التي ستكون الإطار الذي يمثل الكيانية الوطنية والهوية الفلسطينية، وتتولى المسئولية عن الشعب الفلسطيني بكل أطيافه اينما وجد وتكون ناطقة بإسمه وقائدة لنضاله من أجل استعادة حقوقه في وطنه السليب.
وعلى اثر ذلك تم تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بجهود جبارة مراثونية من الراحل الشقيري الذي طاف العالم باحثاً عن التواجد الفلسطيني وذلك من أجل انشاء برلمان فلسطيني يمثل الأطياف الفلسطينية الوطنية المتنوعة.
وتم اختيار أعضاء اول مجلس وطني فلسطيني على اسس وطنية بحتة، حيث كان النضال من اجل فلسطين تطوعياً جذب الى ساحته أناساً نذروا انفسهم لخدمة وطنهم والدفاع عن حقوق شعبهم وذلك في غياب للمصالح الشخصية والمنافع المادية والمعنوية لا بل كانوا هم يمولون نضالهم من اجل الوطن تمويلاً ذاتياً في اطار الجهاد بالمال والنفس والكلمة.
ولم يخصص لهؤلاء الأعضاء مخصصات مالية، وكانت العضوية تكليفاً تطوعياً لا تشريفاً أو بحثاً عن جاه وسلطان. وعقدت اول جلسة في القدس الشرقية في 28/5/19464م.
إذن يمكن تعريف المجلس الوطني الفلسطيني بأنه السلطة العليا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ،وهو الذي يضع سياسات منظمة التحرير الفلسطينية )الإطار الوطني الجامع والشامل للشعب الفلسطيني بكل اطيافه وتنوعاته) ويرسم برامجها ،من أجل إحقاق الحقوق الوطنية المشروعة ،والمتمثلة في العودة والاستقلال والسيادة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
وظلت محاولات طمس الهوية الفلسطينية من القوى الصهيونية والإستعمارية ومن لف لفهم من القادة العرب مستمرة بالرغم من إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع للشعب الفلسطيني. وواجهت المنظمة محاولات حثيثة ومستمرة لإقصائها وإلغائها من الوجود، وكانت المحاولات الأجنبية تتوافق مع طموحات قوىً عربية وأخرى فلسطينية في شطب هذا الكيان الناشيء من منطلقات ايدلوجية دينية وحزبية تستورد دساتيرها من خارج الوطن ولها آفاق غيبية خيالية لا تتوافق مع الواقع وتفوق كثيراً جداً الطاقات الوطنية الفلسطينية والعربية الفاعلة وغير قادرة هذه القوى بكينونتها وفكرها المنغلق على كسر معادلات القوة في المنطقة وتغيير مسار المحصلة لصالح القضية. فأشعلت حرباً ضروساً على المنظمة وكادت أن تفقدها مضمونها ومبررات وجودها الى أن ظهرت قوىً وطنية فلسطينية آمنت بالعمل وقدمته على القول وذلك في الإعلان عن أول عملية فدائية داخل الكيان الصهيوني هزت الصديق قبل العدو قامت بها حركة سرية هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح (قوات العاصفة) وذلك في مطلع عام 1965م.
وقوبلت بالرفض والتشهير والتشكيك من العرب والغرب. وأثبتت وجودها وفرضت نفسها عام 1968م في معركة الكرامة بعد الهزيمة العربية الرسمية عام 1967م. ولحقت بها الفصائل الوطنية الفلسطينية. وبدأت تتشكل ملامح الهوية الوطنية الفلسطينية.
ونالت اعترافاً عربياً ودولياً إجبارياً. وفي عام 1988م وافق المجلس الوطني الفلسطيني على قيام دولة فلسطين وأعلن ذلك الرئيس الراحل ياسر عرفات من الجزائر قيام دولة فلسطين. وتم تفويض منظمة التحرير الفلسطينية من قبل المجلس الوطني الفلسطيني بخوض المفاوضات السياسية في اطار النضال السياسي من اجل انتزاع الحقوق الفلسطينية وتحقيق هدف قيام الدولة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف.
وكان اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل والذي انبثق عنه قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م كجناح من اجنحة منظمة التحرير الفلسطينية وتحت سلطتها وذلك في مهمة مؤقتة لإدارة شئون الأراضي الفلسطينية التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي لحين دحر الإحتلال وتحرير الأراضي المحتلة عام 1967م والإستقلال التام.
وفي هذا الإطار تم انشاء المجلس التشريعي الفلسطيني والذي يمكن تعريفه: بأنه السلطة التشريعية المؤقتة للسلطة الوطنية الفلسطينية منقوصة السيادة وذلك فيما يختص بإدارة شئون الأراضي الفلسطينية تحت الإحتلال الى أن يتم تحرير كامل الأراضي والإستقلال التام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وهو جزء لا يتجزأ من المجلس الوطني الفلسطيني. وهو من الشخصيات الفلسطينية المقيمة على الأراضي الفلسطينية تحت ادارة السلطة الوطنية الفلسطينية. ويتم اختيار اعضاءه عن طريق الإنتخابات. وله مخصصات مالية تدفع من ميزانية السلطة.
إذن المجلس التشريعي يمثل حوالي 30% من الشعب الفلسطيني المتواجد في غزة والضفة، ومن فاز بالانتخابات فيه مخطئ إن ظن نفسه أنه يمثل الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، ووقع في هذا الظن فئة حسبت نفسها أنها ملكت القرار الفلسطيني ومن حقها التصرف به كما تشاء.
إن العلاقة بين المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس التشريعي الفلسطيني هي اشبه ما تكون بعلاقة الأب مع الأبن، أو علاقة الأصل مع الفرع فالأصل يمد الفرع بالحياة والقوة حتى يزهر ويثمر، أو علاقة الكل مع الجزء. وسلطة التشريعي تحت سقف سلطة الوطني، فالوطني هو برلمان (منظمة التحرير الفلسطينية) ممثلة الشعب الفلسطيني كاملاً، والمجلس التشريعي هو جزء من المجلس الوطني مفوض من قبله بالتشريع فيما يختص بإدارة السلطة الوطنية في الأراضي الفلسطينية وفق القرارات المنشئة للسلطة الوطنية، ويجب أن تبقي سلطة المجلس الوطني الفلسطيني أعلى من سلطة المجلس التشريعي لتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية الضيقة لأننا نعيش ظروفاً غير اعتيادية، لا نتمتع بالحرية والإستقلال والإقتصاد القوي في جميع اماكن تواجدنا.
فأثر المكان يمكن أن يؤثر على القرار، والظروف المعيشية يمكن أن تلعب دوراً في تغيير المسار وانحرافه عن البوصلة الوطنية، وطبيعة المهام والإمتيازات المادية والمعنوية ينشأ عنها المصالح الشخصية وتجذب ضعاف النفوس.
ويجب الحفاظ على المجلس الوطني متوازناً بحيث يعكس صورة الشعب الفلسطيني بألوانه وتنوعه وأطيافه في لوحته المرسومة بدقة وحرص بريشة فنان وطني.
ورسم اللوحة يقودنا الى طريقة نيل العضوية في المجلس الوطني الفلسطيني.
إذ يجب أن يكون المجلس الوطني مجلس حكماء وشخصيات وطنية معروفة ومشهود لها بوفائها وإخلاصها للوطن والمواطن. وهذا لن يتحقق بالقطع عن طريق الإنتخابات. حيث تغيب الحرية ويغيب العيش الكريم ويعيش اهلنا في فلسطين ببطن الوحش المحتل ويعيش الشتات تحت رحمة ورضا المضيفين وتحصل التجاذبات وتتأثر المجالات الوطنية بالمجالات الإقليمية (العربية والإسلامية) والدولية ويلعب الفقر والجهل والمال السياسي أدوارهم في نتيجة الإنتخابات.
لا نريد سيطرة لون واحد على المجلس الوطني الفلسطيني بالذات والذي ربما يندفع في هرولته لشهوة السلطة الى التفريط بالحقوق والثوابت.
التنوع في المجلس الوطني يحقق الأمن الوطني.
من هنا يجب أن يكون مقياس الوطنية والقدرة على خدمة الوطن هو المعيار الأساسي في اختيار اعضاء المجلس الوطني، فالإنتخابات فرضت علينا من الخارج لتمرير مخططات مشبهوة، وكانت الطعم الذي أوقعنا بفخ الإنقسام الذي ادى الى انتكاس العمل النضالي الفلسطيني على جميع الصعد، وادى الى خفوت شعلة المقاومة بكل وسائلها وقادنا الى توجيه الطاقات الوطنية الى تصليح ما خربته الإنتخابات بدلاً من توجيهها الى نحر المحتل.
لم نقرأ في التاريخ أن الثورات لجأت للإنتخابات قبل الإستقلال ونبراسنا في ذلك الثورة الجزائرية التي حيدت القوى الأيدلوجية الراديكالية التي تتخطى حدود المصلحة الوطنية الى آفاق بعيدة عن واقع الحال دون قدرة على العمل لتحقيق الهدف.
يجب أن تمثل الفعاليات الشعبية الفلسطينية من منظمات وأحزاب وفصائل ونقابات واتحادات طلابية وشبابية ومستقلين بكوتات متوازنة في خارطة المجلس الوطني الفلسطيني ليكون متوازناً لا تتجاذبه قوتين رئيسيتين تلعبان عملية شد الحبل في اتجاهين متعاكسين. أو تسيطر عليه قوة بلون واحد فيصبح الوطن للبيع بالمزاد العلني حسب أجندات وأهواء الفئة المسيطرة
من هذه المصطلحات القديمة )المجلس الوطني الفلسطيني ومن المصطلحات الجديدة المجلس التشريعي الفلسطيني (. تولى المسئولون العرب إدارة القضية الفلسطينية خارجياً وسياسياً بينما كان النضال الوطني الفلسطيني الداخلي على الأرض مستمراً من عشرينيات القرن الماضي والى يومنا هذا وعلى شكل موجات من الهبات والإنتفاضات والثورات الشعبية تختلف في تردداتها وحدتها من مرحلة الى اخرى حسب الظروف ومعادلات القوة.
من الثورات الشعبية الفلسطينية الشاملة والحادة في تردداتها كانت ثورة 1936م.
وكادت هذه الثورة أن تؤتي أكلها ولكن تم احباطها وإجهاضها من قبل القوى الدولية الإستعمارية الكبرى المنحازة الى الصهيونية وتحت ظلال التواطؤ والوعود العربية الرسمية سواءً كانت بقصد أو بدون قصد.
وأخذت الدول العربية بقياداتها الرسمية على عاتقها إدارة الأزمة ورفضت قرارات عصبة الأمم المتحدة عام 1947م والتي قضت بإقامة دولة فلسطينية على حوالي 46% من أرض فلسطين التاريخية وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم مع التعويض عما لحق بهم من خسائر مادية ومعنوية نتيجة تشريدهم عن أراضيهم. وخاضت الدول العربية الرسمية حرباً ضد العصابات الصهيونية عام 1948م وخسرتها وكانت النكبة.
وظلت القضية الوطنية الفلسطينية تتخذ صفة الصراع العربي الإسرائيلي. والصهيونية تجيد اللعب على الألفاظ، فأوحت للعالم الغربي بنفوذها المادي والإعلامي أن هذه قضية عربية ويجب حلها في الإطار العربي الواسع والمترامي الأطراف.
وما يسمى "الفلسطينيون" هم عبارة عن قبائل عربية وافدة الى أرض الميعاد واستوطنت بأرض الأجداد، وأن قضية ما يسمى الفلسطينين تحل على حساب الأراضي العربية الواسعة والشاسعة والتي تمتد من الخليج الى المحيط وتطوق أرض دولة اسرائيل الضيقة والمحدودة المساحة.
وكانت اسرائيل ومن لف لفها ينكرون وجود الشعب الفلسطيني وحاولوا بكل الوسائل طمس الهوية الوطنية الفلسطينية، وقد اطلقوا على فلسطيني الداخل بالعرب الإسرائيليين.
واقتنع الغرب بهذه المقولة الصهيونية وأنكر وجود الفلسطينيين متأثراً بهذه الرواية الدرامية المحزنة مقرونة بدموع التماسيح. وظلت الأزمة تدار عربياً بهذه الطريقة العقيمة الى عام 1964م وهو العام الذي قامت فيه منظمة التحرير الفلسطينية بمبادرة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبقرار من مؤتمر القمة العربي.
وتم تكليف الراحل المناضل الفلسطيني الكبير الأستاذ أحمد الشقيري برئاسة هذه المنظمة التي ستكون الإطار الذي يمثل الكيانية الوطنية والهوية الفلسطينية، وتتولى المسئولية عن الشعب الفلسطيني بكل أطيافه اينما وجد وتكون ناطقة بإسمه وقائدة لنضاله من أجل استعادة حقوقه في وطنه السليب.
وعلى اثر ذلك تم تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بجهود جبارة مراثونية من الراحل الشقيري الذي طاف العالم باحثاً عن التواجد الفلسطيني وذلك من أجل انشاء برلمان فلسطيني يمثل الأطياف الفلسطينية الوطنية المتنوعة.
وتم اختيار أعضاء اول مجلس وطني فلسطيني على اسس وطنية بحتة، حيث كان النضال من اجل فلسطين تطوعياً جذب الى ساحته أناساً نذروا انفسهم لخدمة وطنهم والدفاع عن حقوق شعبهم وذلك في غياب للمصالح الشخصية والمنافع المادية والمعنوية لا بل كانوا هم يمولون نضالهم من اجل الوطن تمويلاً ذاتياً في اطار الجهاد بالمال والنفس والكلمة.
ولم يخصص لهؤلاء الأعضاء مخصصات مالية، وكانت العضوية تكليفاً تطوعياً لا تشريفاً أو بحثاً عن جاه وسلطان. وعقدت اول جلسة في القدس الشرقية في 28/5/19464م.
إذن يمكن تعريف المجلس الوطني الفلسطيني بأنه السلطة العليا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ،وهو الذي يضع سياسات منظمة التحرير الفلسطينية )الإطار الوطني الجامع والشامل للشعب الفلسطيني بكل اطيافه وتنوعاته) ويرسم برامجها ،من أجل إحقاق الحقوق الوطنية المشروعة ،والمتمثلة في العودة والاستقلال والسيادة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
وظلت محاولات طمس الهوية الفلسطينية من القوى الصهيونية والإستعمارية ومن لف لفهم من القادة العرب مستمرة بالرغم من إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع للشعب الفلسطيني. وواجهت المنظمة محاولات حثيثة ومستمرة لإقصائها وإلغائها من الوجود، وكانت المحاولات الأجنبية تتوافق مع طموحات قوىً عربية وأخرى فلسطينية في شطب هذا الكيان الناشيء من منطلقات ايدلوجية دينية وحزبية تستورد دساتيرها من خارج الوطن ولها آفاق غيبية خيالية لا تتوافق مع الواقع وتفوق كثيراً جداً الطاقات الوطنية الفلسطينية والعربية الفاعلة وغير قادرة هذه القوى بكينونتها وفكرها المنغلق على كسر معادلات القوة في المنطقة وتغيير مسار المحصلة لصالح القضية. فأشعلت حرباً ضروساً على المنظمة وكادت أن تفقدها مضمونها ومبررات وجودها الى أن ظهرت قوىً وطنية فلسطينية آمنت بالعمل وقدمته على القول وذلك في الإعلان عن أول عملية فدائية داخل الكيان الصهيوني هزت الصديق قبل العدو قامت بها حركة سرية هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح (قوات العاصفة) وذلك في مطلع عام 1965م.
وقوبلت بالرفض والتشهير والتشكيك من العرب والغرب. وأثبتت وجودها وفرضت نفسها عام 1968م في معركة الكرامة بعد الهزيمة العربية الرسمية عام 1967م. ولحقت بها الفصائل الوطنية الفلسطينية. وبدأت تتشكل ملامح الهوية الوطنية الفلسطينية.
ونالت اعترافاً عربياً ودولياً إجبارياً. وفي عام 1988م وافق المجلس الوطني الفلسطيني على قيام دولة فلسطين وأعلن ذلك الرئيس الراحل ياسر عرفات من الجزائر قيام دولة فلسطين. وتم تفويض منظمة التحرير الفلسطينية من قبل المجلس الوطني الفلسطيني بخوض المفاوضات السياسية في اطار النضال السياسي من اجل انتزاع الحقوق الفلسطينية وتحقيق هدف قيام الدولة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف.
وكان اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل والذي انبثق عنه قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م كجناح من اجنحة منظمة التحرير الفلسطينية وتحت سلطتها وذلك في مهمة مؤقتة لإدارة شئون الأراضي الفلسطينية التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي لحين دحر الإحتلال وتحرير الأراضي المحتلة عام 1967م والإستقلال التام.
وفي هذا الإطار تم انشاء المجلس التشريعي الفلسطيني والذي يمكن تعريفه: بأنه السلطة التشريعية المؤقتة للسلطة الوطنية الفلسطينية منقوصة السيادة وذلك فيما يختص بإدارة شئون الأراضي الفلسطينية تحت الإحتلال الى أن يتم تحرير كامل الأراضي والإستقلال التام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وهو جزء لا يتجزأ من المجلس الوطني الفلسطيني. وهو من الشخصيات الفلسطينية المقيمة على الأراضي الفلسطينية تحت ادارة السلطة الوطنية الفلسطينية. ويتم اختيار اعضاءه عن طريق الإنتخابات. وله مخصصات مالية تدفع من ميزانية السلطة.
إذن المجلس التشريعي يمثل حوالي 30% من الشعب الفلسطيني المتواجد في غزة والضفة، ومن فاز بالانتخابات فيه مخطئ إن ظن نفسه أنه يمثل الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، ووقع في هذا الظن فئة حسبت نفسها أنها ملكت القرار الفلسطيني ومن حقها التصرف به كما تشاء.
إن العلاقة بين المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس التشريعي الفلسطيني هي اشبه ما تكون بعلاقة الأب مع الأبن، أو علاقة الأصل مع الفرع فالأصل يمد الفرع بالحياة والقوة حتى يزهر ويثمر، أو علاقة الكل مع الجزء. وسلطة التشريعي تحت سقف سلطة الوطني، فالوطني هو برلمان (منظمة التحرير الفلسطينية) ممثلة الشعب الفلسطيني كاملاً، والمجلس التشريعي هو جزء من المجلس الوطني مفوض من قبله بالتشريع فيما يختص بإدارة السلطة الوطنية في الأراضي الفلسطينية وفق القرارات المنشئة للسلطة الوطنية، ويجب أن تبقي سلطة المجلس الوطني الفلسطيني أعلى من سلطة المجلس التشريعي لتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية الضيقة لأننا نعيش ظروفاً غير اعتيادية، لا نتمتع بالحرية والإستقلال والإقتصاد القوي في جميع اماكن تواجدنا.
فأثر المكان يمكن أن يؤثر على القرار، والظروف المعيشية يمكن أن تلعب دوراً في تغيير المسار وانحرافه عن البوصلة الوطنية، وطبيعة المهام والإمتيازات المادية والمعنوية ينشأ عنها المصالح الشخصية وتجذب ضعاف النفوس.
ويجب الحفاظ على المجلس الوطني متوازناً بحيث يعكس صورة الشعب الفلسطيني بألوانه وتنوعه وأطيافه في لوحته المرسومة بدقة وحرص بريشة فنان وطني.
ورسم اللوحة يقودنا الى طريقة نيل العضوية في المجلس الوطني الفلسطيني.
إذ يجب أن يكون المجلس الوطني مجلس حكماء وشخصيات وطنية معروفة ومشهود لها بوفائها وإخلاصها للوطن والمواطن. وهذا لن يتحقق بالقطع عن طريق الإنتخابات. حيث تغيب الحرية ويغيب العيش الكريم ويعيش اهلنا في فلسطين ببطن الوحش المحتل ويعيش الشتات تحت رحمة ورضا المضيفين وتحصل التجاذبات وتتأثر المجالات الوطنية بالمجالات الإقليمية (العربية والإسلامية) والدولية ويلعب الفقر والجهل والمال السياسي أدوارهم في نتيجة الإنتخابات.
لا نريد سيطرة لون واحد على المجلس الوطني الفلسطيني بالذات والذي ربما يندفع في هرولته لشهوة السلطة الى التفريط بالحقوق والثوابت.
التنوع في المجلس الوطني يحقق الأمن الوطني.
من هنا يجب أن يكون مقياس الوطنية والقدرة على خدمة الوطن هو المعيار الأساسي في اختيار اعضاء المجلس الوطني، فالإنتخابات فرضت علينا من الخارج لتمرير مخططات مشبهوة، وكانت الطعم الذي أوقعنا بفخ الإنقسام الذي ادى الى انتكاس العمل النضالي الفلسطيني على جميع الصعد، وادى الى خفوت شعلة المقاومة بكل وسائلها وقادنا الى توجيه الطاقات الوطنية الى تصليح ما خربته الإنتخابات بدلاً من توجيهها الى نحر المحتل.
لم نقرأ في التاريخ أن الثورات لجأت للإنتخابات قبل الإستقلال ونبراسنا في ذلك الثورة الجزائرية التي حيدت القوى الأيدلوجية الراديكالية التي تتخطى حدود المصلحة الوطنية الى آفاق بعيدة عن واقع الحال دون قدرة على العمل لتحقيق الهدف.
يجب أن تمثل الفعاليات الشعبية الفلسطينية من منظمات وأحزاب وفصائل ونقابات واتحادات طلابية وشبابية ومستقلين بكوتات متوازنة في خارطة المجلس الوطني الفلسطيني ليكون متوازناً لا تتجاذبه قوتين رئيسيتين تلعبان عملية شد الحبل في اتجاهين متعاكسين. أو تسيطر عليه قوة بلون واحد فيصبح الوطن للبيع بالمزاد العلني حسب أجندات وأهواء الفئة المسيطرة