الزهار.. عندما خرج من النفق وتقيأ!!!
موفق مطر
لا بد أن يعلم محمود الزهار أن من لا يؤمن بالوطن باعتباره مشروعا مستمرا متجددا بلا نهاية لبناء إنسان عقلاني متحرر وسليم من أمراض التخوين والاستكبار والفئوية والجهوية والحزبية المقيتة، فإنه لا ولن يرى فلسطين كما يراها الوطنيون، وكما جسدتها منظمة التحرير الفلسطينية وطنا تاريخيا طبيعيا أبديا لشعبها العربي الفلسطيني.. وأن المتهالك بالتقيؤ السياسي فاقد بصيرة لأنه بالأصل جاهل بنظرية الوطن.
الدكتور محمود الزهار المتحكم كما يبدو في الصف القيادي الأول لحماس في قطاع غزة وبعد اختفاء غير معلومة أسبابه خرج من أحد أنفاق السنوار (500 كم) ليظهر في لقاء على فضائية فلسطين اليوم: "نحن لا نستطيع أن نقبل أبدا أبدا أبدا –كررها ثلاث مرات- أن تكون منظمة التحرير (شريكا في هذه اللعبة) لأنها لم تكن.. أقول لك كانت تتمنى أن تهزم المقاومة ليعودوا إلى غزة ويعودوا لفرض سيطرتهم عليها".
ما يعنينا هنا إطلاقه مصطلحي (اللعبة) (بروفة واضحة) وهو ذات المصطلح الذي استخدمه السنوار وكلاهما قصد أعمال حماس (العسكرية) ردا على العدوان الإسرائيلي، لكن العائد بسيرة (التقيؤ) السياسي -كما وصف نفسه في أحد الفيديوهات المسربة- تقصَّدَ إشعال النار في صورة وحدة وطنية فلسطينية شعبية مثالية تجسدت فعلا على كل أرض فلسطين التاريخية والطبيعية إثر العدوان على القدس والمقدسات والمقدسيين في حي الشيخ جراح وجرائم الحرب التي ارتكبت بحق مليوني فلسطيني في غزة، فراح يتهم "منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي وأنها "ليست شريكا -بما سماه- النصر".. ما يعني أن هذا الطرح القديم المتجدد للزهار ينسف ما نطق به السنوار قبل أسبوع تقريبا عندما قال في خطابه: "يجب أن نجلس إلى الطاولة لترتيب منظمة التحرير، ووضع استراتيجية وطنية".
"فالوضع الفلسطيني الآن متقدِّم، ويجب استثماره" السنوار قال هذا رغم محاولته التقليل من شأن المنظمة بتساؤله: "ماذا تساوي منظمة التحرير بدون القوة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي" رغم أن الحقيقة التي يعرفها ويدركها الشعب الفلسطيني ويجب أن تقال هي أن القيمة الحقيقية لحماس والجهاد ستكون رافعة لمصالح وقضية الشعب الفلسطيني عندما يدرك قادتهما معنى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، المجسد لاستقلالية القرار الوطني الفلسطيني، فمنظمة التحرير التي يصفها الزهار بالتعامل والتعاون مع منظومة الاحتلال (إسرائيل) هي التي قررت إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية التي صار بعد الانتخابات التشريعية في العام 2006 وزيرا للخارجية في حكومتها التي كان رئيس مجلس وزرائها هو ذاته رئيسه حاليا في جماعة حماس إسماعيل هنية.
يبرر الزهار صب حمم تقيؤاته السياسية على المنظمة بأن واحدا من قيادتها لم يتحدث عن تحرير فلسطين"! لكن إذا دققنا النظر جيدا واستطلعنا موقع فلسطين في منهج وسلوك محمود الزهار عضو جماعة الإخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى (حماس) فإننا لن نستغرب إصراره على تحويل بوصلة الصراع وتوجيهها نحو منظمة التحرير الفلسطينية كلما وصل الجميع إلى مرحلة وطنية إيجابية، فها هو نسمعه ونشاهده يتحدث عن فلسطين في جلسة خاصة غير علنية مريحة (بالجلابية البيضاء) لأفراد من جماعته الإخوانية قائلا: "فلسطين بالنسبة لنا مثل الذي يحضر السواك وينظف أسنانه فقط، لأن مشروعنا أكبر من فلسطين غير الظاهرة على الخريطة". وقال مؤشرا إلى مجسم كرة أرضية: "فلسطين ليست الهدف الأساسي للحركة ولمشروعها بل مجرد خطوة أو مرحلة من مراحل المشروع الأكبر". وقال أيضا: "عندما أسمع عن دولة فلسطينية على حدود 1967 بأنها من الثوابت أشعر بالتقيؤ".
يصادق هذا المنحى عند الزهار ما كشفه تقرير خاص جدا لفصيل فلسطيني يساري رصد قولا للزهار بأن "غزة لا تعنيه كثيراً وبالتأكيد الضفة كذلك بل إن القدس لا أهمية لها في ظل المقام الأول الذي تحتله الصحوة الإسلامية العالمية الراهنة التي تجتاح ملياري مسلم تقريباً في معظم أنحاء العالم!".