الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

تعهدات أميركا لإسرائيل

 فتحي البس

في مقالتي السابقة "المسألة اليهودية"، أوضحت أن الدول الأوروبية نفذت وعد بلفور بإقامة دولة إسرائيل ليس حبا باليهود وإنما للخلاص من تبعات الكراهية الناجمة عن المسألة اليهودية لعقود، ولتكون قاعدة جاهزة لحماية مصالحها في الشرقين الأدنى والأقصى، فباركت الولايات المتحدة هذا المشروع مدركة أهميته لها في المستقبل. انتظرت حتى عام 1956 لتنتزع الإشراف الكامل عليه، فبادر آيزنهاور، الرئيس الأميركي آنذاك إلى أمر بريطانيا وفرنسا وأداتهما إسرائيل لإنهاء العدوان الثلاثي على مصر وإنهاء احتلالهما لمنطقة قناة السويس وسيناء بعد المقاومة الباسلة للمصريين والموقف الحازم لخروتشوف، زعيم الاتحاد السوفييتي، وأسبغت على إسرائيل الحماية والرعاية منذ ذلك التاريخ مع إلزام أوروبا أيضا بالتمويل المستمر.

أرادت الولايات المتحدة من إسرائيل تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية والاقتصادية وأن تكون قاعدة لتهديد أمن دول الإقليم، فتضمن تدفق النفط ومبيعات السلاح الضخمة لها، ومصالح أخرى متعددة كمنع انتشار الشيوعية، وضمان إذعان هذه الدول لسيطرتها وتنفيذ سياساتها. ومنذ ذلك التاريخ أعلنت أميركا أنها تضمن أمن إسرائيل وأعطتها في كل الأوقات ما سمته حق الدفاع عن نفسها، ليس عسكريا فقط، فقد صدت عنها كل الهجمات الدبلوماسية ومنعت إدانتها في كل المحافل الدولية بما في ذلك دورها المعروف في إلغاء قرار الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية حركة عنصرية.

لعبت إسرائيل الدور المطلوب منها، ولكن أوكسجين الحياة تدفق عليها بالمقابل سلاحا ومالا ودعما تقنيا وصناعيا ليس له مثيل حتى أقنعت العالم بأنها دولة متقدمة بجهودها في كل المجالات، بينما كل ما حققته منشؤه الولايات المتحدة وأوروبا بما في ذلك تقنيات الزراعة والسلاح والتكنولوجيا المتقدمة.

الآن، ومع التحديات والتغيرات الكبرى في العالم بدأ نقاش هذه التعهدات لسببين، الأول فشل المشروع الصهيوني في إخضاع الشعب الفلسطيني ووحدته في الوطن والشتات، واستنفاد إسرائيل كل أدواتها العسكرية والاقتصادية والقمعية من قتل وتدمير واعتقالات يومية وحصار وحواجز لتحقيق أهدافها والذي ترافق مع سيطرة التطرف لغلاة أتباع الرواية التوراتية من المستوطنين وتغلغلهم وسيطرتهم على نمط العيش في دولة قيل إنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، فظهر أنها الدولة الوحيدة التي تحتل أرض شعب آخر وتمارس التمييز العنصري والاضطهاد على قرابة سبعة ملايين فلسطيني بين النهر والبحر.

أما السبب الثاني فهو تصاعد التحدي للنفوذ الصهيوني في العالم باعتراف غالبية دوله، بدولة فلسطين وفي الولايات المتحدة الأميركية وتنامي حركة المقاطعة لإسرائيل، خاصة في المؤسسات الأكاديمية التي طرحت في أروقتها أسئلة أخلاقية وفكرية وفلسفية حول التناقض بين القيم التي تدعي أميركا وأوروبا الالتزام بها وقيام هذه الدول بدعم لا أخلاقي عسكري وسياسي واقتصادي لدولة عدوان واحتلال وتمييز عنصري.

تواجه إدارة بايدن هذا المأزق بتردادها للتعهدين نفسهما حتى وهي تحاول ترميم الأضرار التي ألحقها ترامب وزوج ابنته، كوشنير تاجر العقارات بصورة أميركا، وعودة الاهتمام بالملف الفلسطيني، وإعادة القيادة في الإقليم حيث يجب أن تكون لدى مصر وتكليفها بالملف بعد قطيعة طويلة، لقدرتها وموقعها، وهذا موضوع آخر يحتاج إلى شرح في المستقبل.

بدأت في أروقة الكونغرس والشارع الأميركي، وبالطبع في كل العالم، أسئلة عميقة عن جدية بايدن وتواجهه بسيل من الاتهامات حول الكلفة الباهظة الاقتصادية والسياسية لتنفيذ التعهد بحماية أمن إسرائيل، فماذا يمكن أن يقدم أكثر لها، من ضمان تفوقها العسكري على كل المحيط، ووضوح أن الشعوب والدول المحيطة بها هي التي تحتاج إلى حماية.

أما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها فيواجه بالسخرية إذ ثبت لكل العالم أن إسرائيل هي المعتدية منذ نشأتها، وهي التي ترتكب المجازر تحت هذه الحجة، وتمارس القتل والتدمير، ومشاهد آثار حربها الأخيرة على غزة، وممارساتها في الضفة والقدس وداخل الخط الأخضر كافية، فإذا أضيفت لها آثار عدوانها على المحيط عبر العقود الطويلة في مصر وسوريا ولبنان والأردن، تبرهن أن الدول والشعوب في الإقليم هي التي تملك الحق في الدفاع عن نفسها بكل ما لديها من قدرات.

إذن، إدارة بايدن ستظل في مأزق أمام الأميركيين والعالم إذا ظلت تردد هذه التعهدات الباطلة، وإذا لم تضع ثقلها ووزنها الهائل لمعالجة أصل الصراع، الاحتلال، وعدم الاكتفاء بالحديث عن حل الدولتين، حيث تكمن الجدية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة واقتران رفضها للاستيطان بإجراءات رادعة، ولدى بايدن القدرة التي امتلكها آيزنهاور، والشعب الفلسطيني وأنصاره ينتظرون تنقية سياسة الولايات المتحدة من المراوغة وشراء الوقت وأن تستبدل التعهدات لإسرائيل بتعهدات حقيقية للشعب الفلسطيني ودول المحيط بالأمن والاستقرار والاعتراف بحقها بالدفاع عن النفس.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024