"والله وشفتك يا علمي"
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام، وقف الرئيس أبو مازن في باحة مقر الأمم المتحدة، ليرفع علم فلسطين على ساريته لأول مرة، إلى جانب أعلام الدول الأعضاء، والدول ذات المقعد المراقب، في هذه الهيئة العالمية، بعد أن تحصلت فلسطين على هذا المقعد، نتيجة الحراك السياسي والدبلوماسي الذي قاده الرئيس أبو مازن، على نحو حثيث، في الساحات العربية والإقليمية والدولية.
وفي تلك اللحظة التي كان الرئيس أبو مازن يرفع فيها علم فلسطين على ساريته، وقد بات عاليا كما شأنه دائما، دمعت أعيننا فرحا وبهجة، ونحن نرى علمنا يرفرف بين أعلام أمم الأرض جميعا، كمثل بشارة نصر لابد أن يتحقق، ولا بد أن يكون، وقد بات يدق أبواب الزمان بصوت بات مسموعا على نحو أكيد.
وفي تلك اللحظة أيضا أوضح الرئيس أبو مازن برأس مرفوع نحو علم بلاده، وبصوت يتهدج اعتزازا وفخرا: "إن هذه اللحظة، لحظة تاريخية من مسيرة شعبنا النضالية، وأن هذا العلم عنوان هويتنا الوطنية، ونرفعه هنا إهداء للشهداء والأسرى"، وبعد ذلك أصدر الرئيس قرار اعتبار الثلاثين من أيلول لكل عام، يوما للعلم الفلسطيني، احتفاء، وتعظيما لعلم باركته وعطرته دماء الشهداء البررة.
وبقدر ما في علم بلادنا فلسطين من رمزية تدل على سيرة نضالية فذة لشعبنا المقاوم، بقدر ما بات أيقونة للحرية، ترفع كمثل لافتة في كل تظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وحيثما كان الأحرار في كل مكان من هذا العالم، وكمثله باتت الكوفية، وشاحا لكل المناضلين في سبيل الحق والعدل والكرامة والسلام، وفي أي شارع من شوارع هذا العالم، خرجوا بتظاهراتهم.
علم فلسطين وكوفيتها، قيم ومفاهيم نضالية، وطنية وعالمية، وأمثولات دالة على البطولة بأخلاقياتها الفروسية، ومن كانت حجته وغايته وطنية، رفع علم فلسطين، وتوشح بكوفيتها، ومن كانت حجته وغايته غير ذلك، وصف العلم بالخرقة (..!!)، وناهض الكوفية..!!
الحمقى وحدهم من يحاربون الرموز، ومن لا يدركون قيمتها، وقوة فعلها في التاريخ، الحمقى الذين يسيرون خلف أوهامهم، نحو عاقبة الحمق لا سواها، هم من لا يعرفون معنى الرموز وضرورتها في تخليق وعي الصمود والمقاومة، وبحكم أنهم في الأساس، لا من أهل الصمود ولا من أهل المقاومة..!!!
وهاهو علم فلسطين الرمز والهوية والأيقونة عاليا في كل مواقع الصمود والتحدي، ولنا في جبل صبيح مثالا وأمثولة، وها هي الكوفية على أكتاف الشباب تحديا وبطولة، ولنا في شباب جامعة الأزهر الواقعة والحقيقة.
ويبقى أن نقول في يوم علمنا، إنه كان وسيبقى علم العرب جميعا، شاء من شاء، وأبى من أبى، وكما تخبر ألوانه وما تقول "بيض صنائعنا/ سود وقائعنا/ خضر مرابعنا/ حمر مواضينا" ولكم في تاريخ نضال شعبنا، وتضحياته العظيمة، المثال والدليل.