"الصناعات الصينية" تضرب قطاع النسيج في الخليل
غاب صوت الضجيج واعتلت الأتربة والغبار "ماكينات" النسيج باهظة الثمن في مصنع الحرباوي، جراء توقفها عن العمل منذ عدة سنوات، بعد تردي الوضع الاقتصادي وتدهور قطاع النسيج الذي كان يشكل أحد أعمدة الاقتصاد في الخليل.
مصنع الحرباوي في مدينة الخليل واحد من خمسة مصانع ظل يصارع الوضع الاقتصادي المتردي في هذه الأيام، بعد أن توقفت عجلات إنتاج 35 مصنعا في الخليل قبل انتفاضة الأقصى جراء تراجع معدل إنتاجها لـ15% مقارنة مع إنتاجها سابقا.
وقال صاحب أحد مصانع النسيج في الخليل جودة الحرباوي إن "مصنعه كان ينتج أكثر من ألف قطعة نسيج يوميا، وكان يعيل أكثر من خمسين عائلة، ويعمل جميع أيام الأسبوع دون توقف".
وأضاف "في هذه الأيام يصارع المصنع للبقاء ويعمل بطاقة إنتاجية ضئيلة، وصلت إلى أقل من 15% مما كان عليه قبل، وبعاملين يعملون بعض أيام الأسبوع في حال كان هناك طلبات لمنتجات المصنع، ما ألحق بنا خسائر مادية فادحة".
وأشار إلى أن "تدهور قطاع النسيج جاء جراء البضائع الأجنبية "الصينية" التي غزت السوق الفلسطينية والتي ساهمت بشكل كبير في تدمير هذه الصناعة صاحبة التاريخ العريق".
وشدد على ضرورة "وضع قوانين وضوابط للحد وضبط عملية الاستيراد من الأسواق الصينية بواسطة بعض التجار الذين انتزعت من قلوبهم الرحمة والحس الوطني والغيرة على الصناعات الوطنية، طامحين في تحقيق الأرباح المادية، رغم أن منتجاتنا الفلسطينية ذات جودة عالية تفوق جودة ومواصفات المنسوجات المستوردة".
وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل هاشم النتشة إن "صناعة النسيج في الخليل كانت مزدهرة، ولكن بعد توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية عام 1994 وفتح باب الاستيراد على مصراعيه، نتيجة تخفيض الجمارك على البضائع المستوردة، دون أن تُفرض قيود على عملية الاستيراد، ما كان له الأثر السلبي على زيادة نسبة الاستيراد على حساب المنتجات المحلية التي أخذت تتراجع في الأسواق الفلسطينية وغيرها".
وأضاف "يجب على الجهات المختصة إعادة النظر في هذه الاتفاقية، وفرض جمارك وقوانين على عمليات استيراد البضائع الأجنبية التي غزت السوق الفلسطينية، وتسببت في تدمير قطاع المنسوجات وغيره من القطاعات، وزيادة نسبة البطالة بعد أن تعطلت الكثير من المصانع التي كانت تشغل المئات من الأيدي العاملة".
وبيّن رئيس اتحاد الصناعات النسيجية طارق الصوص أن غزو البضائع الأجنبية للأسواق الفلسطينية زاد من نسبة البطالة، وحد من الأيدي العاملة في الصناعات الفلسطينية، وفي كثير من الأحيان اضطر أصحاب هذه المصانع إلى إغلاقها بعد أن أخذت منتجاتها بالخسارة وأصبحت غير قادرة على تسديد أجور العاملين.
وأيد مطالب الكثيرين بضرورة وضع قوانين وضوابط ورقابة على الاستيراد من الخارج، وأن يكون هناك حس وطني لتعزيز التسوق والإقبال على المنتجات المحلية والوطنية، والرقابة على السوق الفلسطينية التي تغلغلت فيها البضائع المستوردة التي تفتقر إلى المواصفات والمقاييس الصناعية.
وبيّن الصوص أن قطاع النسيج في الضفة كان يشغل قبل انتفاضة الأقصى نحو 65 ألف عامل، إلا أن هذا العدد تراجع في العقد الأخير إلى أقل من 16 ألف عامل وإغلاق عشرات المصانع، ما أدى إلى رفع نسبة البطالة في المجتمع.
وأوضح مدير مكتب وزارة الاقتصاد الوطني في الخليل ماهر القيسي أن الوزارة تهتم في دعم صناعة المنسوجات الوطنية، واتخذت عدة خطوات تشجيعية لأصحاب المصانع كدعوتهم للمشاركة في المعارض الدولية، وإعفائهم من الضريبة بشرط الحصول على الإعفاء الاستثماري.
وقال صاحب مصنع الأقصى للنسيج حاتم شاور أصبح التجار الفلسطينيون يستوردون من الخارج منسوجات أقل جودة من أجل الربح الأكثر، ما أدى إلى إغلاق الكثير من مصانع النسيج في فلسطين.
ودعا الوزارات المعنية والغرف التجارية إلى بحث هذه المشكلة التي أفقدت الكثير من أصحاب النسيج حرفهم التاريخية ذاكرا المقولة الشهيرة "ويل لأمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تصنع".