الكشف عن قبر فدائي استشهد عام 1967
دعت المحامية نائلة عطية، الى الاهتمام بقبر شهيد، تم الكشف عنه بعد عقود من استشهاده في عملية فدائية، بعد أشهر من احتلال إسرائيل لما تبقى من أراضٍ فلسطينية.
وقالت عطية، بان: "الشهيد صائب سويد من مواليد مدينة صفد، استشهد خلال ما يعرف بعملية مطار اللد بتاريخ 11 كانون اول 1967 في أول عملية للجبهة الشعبية بعد احتلال الضفة الغربية، حيث باغتت مجموعة أفراد المعسكر هناك فاستشهد صائب سويد، وجرح محمد جابر شتا من مخيم اليرموك ووافته المنية قبل سنوات".
واضافت عطية: "قبل فترة عاد للوطن أحد اصدقاء الشهيد صائب، باحثا عن مدفنه في قرية (نعلين)، بناء على معلومة غير مؤكدة، خرجنا ل(نعلين) بحثا عن القبر ونحن غير مصدقين باننا سنجده، وعندما وصلنا (نعلين) البطلة، قادنا من التقيناهم من أبنائها، إلى جانب ساحة بوسط البلدة، ودلونا على قبر الشهيد، الذي لم يكن معروفا لهم عندما جلبه جنود الاحتلال بعد استشهاده، وأجبروهم على دفنه سريعا".
ويبدو أن جنود الاحتلال، جلبوا جثمان الشهيد صائب، إلى (نعلين)، علهم يجدون من يتعرف عليه، فيعرفون هويته، ويمسكون بطرف خيط يوصل إلى مجموعته الفدائية التي تسللت من الخارج، وعملت في منطقة رام الله، بمساعدة مجموعات محلية.
تقول المحامية عطية: "تم دفن الشهيد صائب بطريقة مستعجله، بعد حفر حفرة غير عميقة، وقد أتى الجنود عدة مرات ليفتحوا القبر ويفحصوا اذا كان أهله اخذوا الجثمان أم لا؟، وطبعا مرت السنوات وبقي الشهيد مدفونا في (نعلين)، وبعد سنوات من دفنه كُتب اسمه على قبره".
وتضيف عطية: "لم تصدق عيوننا، باننا سنعثر على قبر الشهيد، في زاوية الشارع/دوار (نعلين)، وكأنه كومة حجارة، ذهلنا وبكينا وتحدثت مع أخته بالشام، واخبرت هذه الأخت الصابرة عن مكان القبر، وهي التي انتظرت جثمانه في صفقة إطلاق سراح ال400 جثمان شهيد، ولطالما ظنت انه بينهم حتى عادوا ولم تجده بينهم!".
ودعت عطية، على حسابها على (الفيس بوك)، ليوم عمل تطوعي، لبناء مدفن يليق بالشهيد صائب: "هذا الشهيد اليتيم اللاجيء البطل الغريب في الوطن".
ويقدم موقع الجبهة الشعبية على الانترنت نبذة قصيرة عن الشهيد صائب سويد، شهيد أول عملية لها بعد إعلان تأسيسها من عدة منظمات فدائية.
وحسب الموقع، فان الشهيد: "ولد في مدينة صفد عام 1947، وابتدأ حياته النضالية الحافلة من خلال حركة القوميين العرب، وانخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها وتلقى تدريبه العسكري في أحد معسكرات السرية، وخاض العديد من المعارك البطولية ضد العدو الصهيوني، وكان من أوائل شهداء الثورة الفلسطينية والجبهة الشعبية".
ويضيف الموقع: "استشهد بتاريخ 11/12/1967 أثناء الهجوم على معسكر إسرائيلي مكلف بحماية مطار اللد، في معركة عنيفة كلفت العدو الصهيوني حوالي 20 قتيلاً وجريحاً، حيث كان الشهيد صائب يحمل مصباحاً ذو ضوء شديد سلطه على القوات الإسرائيلية ليمنعها من رؤية أفراد المجموعة المهاجمة، وبقي المناضل صائب سويد مسلطاً ضوء مصباحه حتى بعد إصابته، وتمكن باقي أفراد المجموعة من تنفيذ مهمتهم والانسحاب إلى قواعدهم سالمين، ووقع المناضل صائب شهيداً على أرض المعركة ضارباً بذلك مثلاً رائعاً في التضحية والفداء".
ويذكر الباحث علي بدوان في مقال له: "نفذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بائتلافها المكون لها بعد إعلان تأسيسها أول عملية نوعية تمثلت بالهجوم الأرضي على مطار اللد، ونفذها مقاتلو ائتلاف الجبهة الشعبية بعد إتمامهم الدورات العسكرية الخاصة في معسكر عين السخنة. بقيادة محمد جابر شتا (أبو جابر)، واستشهد فيها من أبناء مخيم اليرموك الشهيدين كامل ناصر وصائب سويد، والشهيد إبراهيم النجار من مخيم الامعري".
أما صقر أبو فخر في كتابه (الحركة الوطنية الفلسطينية من النضال المسلح إلى دولة منزوعة السلاح)، فيذكر بان الشهيد سويد سقط في أول عملية لجبهة التحرير الفلسطينية، التي أسسها أحمد جبريل، بعد اندماجها في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويعيد تحسين الحلبي، الذي كان ضمن المجموعة الفدائية التي كان الشهيد أحد أفرادها، تلك الصورة الرومانسية عن زمن الفدائيين الجميل.
وكتب في مذكرات جزئية نشرها موقع (الصفصاف) الالكتروني، عن المصاعب التي لاقتها المجموعة الفدائية قبل وخلال وبعد اجتياز نهر الأردن، والتمركز في تلال جبلية ومغر، في منطقة (بيت عور)، ويشرح كيف توجهت مجموعة من الفدائيين لتنفيذ عملية مطار اللد: "قاد أبو جابر المجموعة وكان الاتفاق بين الجميع الالتقاء في نقطة (ازدلاف) التقاء في قمة جبل عند (مغارة) مررنا جميعاً بها وجلسنا فيها سابقاً. وفي الليلة التالية وبعد مرور (24) ساعة على ما واجهته مجموعة أبو جابر في اشتباك قبل وصولها لموقع المطار، التأم شمل الجميع في تلك المغارة: أبو جابر جريحاً في صدره وصائب سويد لم يحضر وأشار من كان قربه إلى إصابته واستشهاده في أغلب الاحتمالات، ونقل أبو جابر إلى رام الله لتلقي العلاج وإخراج الرصاصة من صدره. وبقي الجميع في الثالث عشر من شهر كانون أول 1967 في تلك المغارة يتابع أنباء الراديو الإسرائيلي الذي أعلن أن جنديين قتلا وأصيب سبعة بجراح في اشتباك مع الفدائيين".
يقول الحلبي: "كان من المفترض في ذلك الموقع أن يكون مؤقتاً لأن شروطه الداخلية والخارجية صعبة علينا ولا توفر هامش مناورة واختفاء على مستوى جيد أو حسن. كانت المغارة تشبه القبر حقاً، صغيرة لا يمكن الوقوف بها دون انحناء. كنا متعبين جميعاً منهكين تزدحم هواجس شتى في مخيلاتنا في الليلة التالية عشية الرابع عشر من كانون أول 1967. وكان الوقت يمر ثقيلاً بطيئاً رغم الشعور الداخلي بالرضاء عن النفس وبالتوافق مع ما وقع. لكن قوات الاحتلال كانت منذ ثلاثة أيام وهي تفتش في كل بقعة وتتابع كل أثر لمن نجح في النجاة من ذلك الاشتباك وتعتقل السكان المحليين وتستجوب الجميع دون جدوى".
ويضيف: "وفي النهاية جاء القدر بقوات الاحتلال فجر الخامس عشر من كانون الأول ومع آخر عتمة الليل وبداية انشقاق الضوء الباهت انهال جحيم من القصف والنيران وأصوات المروحيات فوق المغارة وفوق رؤوسنا من فوهتها ومن أحد جوانبها الخلفية المتصدعة. لا أحد يدري أو يستطيع استذكار كيف انهالت تلك الحمم علينا ونحن في ذلك المكان. كانت دماء بعضنا تسيل فتحسسها بأناملنا دافئة وكان بعضنا يطلق أنيناً يتوقف عنه ثم يعود ثم يصمت. هكذا استشهد إبراهيم النجار وكامل ناصر معاً. أما جراحنا فكانت الشظية تجعلنا نشعر أنها جراح كبيرة رغم أنها كانت متوسطة كما تبين فيما بعد".
ويتضح من ذلك ان صائب سويد هو الوحيد الذي استشهد في عملية المطار، أما النجار وناصر، فاستشهدا لاحقا خلال هجوم قوات الاحتلال على المغارة
ويروي الحلبي تلك اللحظات الحاسمة بين الموت والحياة: "كانت نيراننا وبعض قنابلنا المتبقية التي قذف بها بعضنا إعلاناً بأننا أحياء هكذا كان شعورنا عندما نسمع أصواتها. وحين نهدأ ويهدأ جحيم نيران قوات العدو تتسلل البرودة إلى جراحنا فنشعر باقتراب الموت. محاصرون نحن من كل جانب إلا من أرواحنا، والنيران تحيط بكل جانب من المغارة والنهار الذي لا يعد من أصدقائنا في تلك الظروف يكشف كل شيء لرتل كبير من قوات العدو. وحين مضت ساعات لا يستطيع أي منا معرفتها لأن الوقت هنا لا يتوقف فحسب بل لا يمكن الشعور به مطلقاً كما تبين لنا جميعاً، عادت النيران أكثر صخباً وتركيزاً بعد انهيار فتحة من بوابة المغارة. كاد وعينا يغيب وظهر في رأسي شريط يستحيل قياس سرعته، منذ طفولتي في العاشرة حتى لحظة الوداع الأخيرة هذه – صور مرت – أبي المتوفي أمي المسكينة إخوتي أخواتي والرفاق والجيران والأصدقاء كلمح البصر. لكنني كنت أميز الجميع وأعرف الجميع. كنت مصاباً برأسي وكتفي وساقي من شظايا القذائف. ولم يتحسس بعضنا وعيه نسبياً إلا ونحن في عربة مسلحة حديدية من كل جانب وجراح تنزف. وتحسس بعضنا الآخر وعيه داخل زنزانة صغيرة تحيط به عبر قضبانها الحديدية أعين غاضبة مستفزة. هكذا بدأت اللحظات الأولى للأسر في عام 1967".
عن الف
وقالت عطية، بان: "الشهيد صائب سويد من مواليد مدينة صفد، استشهد خلال ما يعرف بعملية مطار اللد بتاريخ 11 كانون اول 1967 في أول عملية للجبهة الشعبية بعد احتلال الضفة الغربية، حيث باغتت مجموعة أفراد المعسكر هناك فاستشهد صائب سويد، وجرح محمد جابر شتا من مخيم اليرموك ووافته المنية قبل سنوات".
واضافت عطية: "قبل فترة عاد للوطن أحد اصدقاء الشهيد صائب، باحثا عن مدفنه في قرية (نعلين)، بناء على معلومة غير مؤكدة، خرجنا ل(نعلين) بحثا عن القبر ونحن غير مصدقين باننا سنجده، وعندما وصلنا (نعلين) البطلة، قادنا من التقيناهم من أبنائها، إلى جانب ساحة بوسط البلدة، ودلونا على قبر الشهيد، الذي لم يكن معروفا لهم عندما جلبه جنود الاحتلال بعد استشهاده، وأجبروهم على دفنه سريعا".
ويبدو أن جنود الاحتلال، جلبوا جثمان الشهيد صائب، إلى (نعلين)، علهم يجدون من يتعرف عليه، فيعرفون هويته، ويمسكون بطرف خيط يوصل إلى مجموعته الفدائية التي تسللت من الخارج، وعملت في منطقة رام الله، بمساعدة مجموعات محلية.
تقول المحامية عطية: "تم دفن الشهيد صائب بطريقة مستعجله، بعد حفر حفرة غير عميقة، وقد أتى الجنود عدة مرات ليفتحوا القبر ويفحصوا اذا كان أهله اخذوا الجثمان أم لا؟، وطبعا مرت السنوات وبقي الشهيد مدفونا في (نعلين)، وبعد سنوات من دفنه كُتب اسمه على قبره".
وتضيف عطية: "لم تصدق عيوننا، باننا سنعثر على قبر الشهيد، في زاوية الشارع/دوار (نعلين)، وكأنه كومة حجارة، ذهلنا وبكينا وتحدثت مع أخته بالشام، واخبرت هذه الأخت الصابرة عن مكان القبر، وهي التي انتظرت جثمانه في صفقة إطلاق سراح ال400 جثمان شهيد، ولطالما ظنت انه بينهم حتى عادوا ولم تجده بينهم!".
ودعت عطية، على حسابها على (الفيس بوك)، ليوم عمل تطوعي، لبناء مدفن يليق بالشهيد صائب: "هذا الشهيد اليتيم اللاجيء البطل الغريب في الوطن".
ويقدم موقع الجبهة الشعبية على الانترنت نبذة قصيرة عن الشهيد صائب سويد، شهيد أول عملية لها بعد إعلان تأسيسها من عدة منظمات فدائية.
وحسب الموقع، فان الشهيد: "ولد في مدينة صفد عام 1947، وابتدأ حياته النضالية الحافلة من خلال حركة القوميين العرب، وانخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها وتلقى تدريبه العسكري في أحد معسكرات السرية، وخاض العديد من المعارك البطولية ضد العدو الصهيوني، وكان من أوائل شهداء الثورة الفلسطينية والجبهة الشعبية".
ويضيف الموقع: "استشهد بتاريخ 11/12/1967 أثناء الهجوم على معسكر إسرائيلي مكلف بحماية مطار اللد، في معركة عنيفة كلفت العدو الصهيوني حوالي 20 قتيلاً وجريحاً، حيث كان الشهيد صائب يحمل مصباحاً ذو ضوء شديد سلطه على القوات الإسرائيلية ليمنعها من رؤية أفراد المجموعة المهاجمة، وبقي المناضل صائب سويد مسلطاً ضوء مصباحه حتى بعد إصابته، وتمكن باقي أفراد المجموعة من تنفيذ مهمتهم والانسحاب إلى قواعدهم سالمين، ووقع المناضل صائب شهيداً على أرض المعركة ضارباً بذلك مثلاً رائعاً في التضحية والفداء".
ويذكر الباحث علي بدوان في مقال له: "نفذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بائتلافها المكون لها بعد إعلان تأسيسها أول عملية نوعية تمثلت بالهجوم الأرضي على مطار اللد، ونفذها مقاتلو ائتلاف الجبهة الشعبية بعد إتمامهم الدورات العسكرية الخاصة في معسكر عين السخنة. بقيادة محمد جابر شتا (أبو جابر)، واستشهد فيها من أبناء مخيم اليرموك الشهيدين كامل ناصر وصائب سويد، والشهيد إبراهيم النجار من مخيم الامعري".
أما صقر أبو فخر في كتابه (الحركة الوطنية الفلسطينية من النضال المسلح إلى دولة منزوعة السلاح)، فيذكر بان الشهيد سويد سقط في أول عملية لجبهة التحرير الفلسطينية، التي أسسها أحمد جبريل، بعد اندماجها في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويعيد تحسين الحلبي، الذي كان ضمن المجموعة الفدائية التي كان الشهيد أحد أفرادها، تلك الصورة الرومانسية عن زمن الفدائيين الجميل.
وكتب في مذكرات جزئية نشرها موقع (الصفصاف) الالكتروني، عن المصاعب التي لاقتها المجموعة الفدائية قبل وخلال وبعد اجتياز نهر الأردن، والتمركز في تلال جبلية ومغر، في منطقة (بيت عور)، ويشرح كيف توجهت مجموعة من الفدائيين لتنفيذ عملية مطار اللد: "قاد أبو جابر المجموعة وكان الاتفاق بين الجميع الالتقاء في نقطة (ازدلاف) التقاء في قمة جبل عند (مغارة) مررنا جميعاً بها وجلسنا فيها سابقاً. وفي الليلة التالية وبعد مرور (24) ساعة على ما واجهته مجموعة أبو جابر في اشتباك قبل وصولها لموقع المطار، التأم شمل الجميع في تلك المغارة: أبو جابر جريحاً في صدره وصائب سويد لم يحضر وأشار من كان قربه إلى إصابته واستشهاده في أغلب الاحتمالات، ونقل أبو جابر إلى رام الله لتلقي العلاج وإخراج الرصاصة من صدره. وبقي الجميع في الثالث عشر من شهر كانون أول 1967 في تلك المغارة يتابع أنباء الراديو الإسرائيلي الذي أعلن أن جنديين قتلا وأصيب سبعة بجراح في اشتباك مع الفدائيين".
يقول الحلبي: "كان من المفترض في ذلك الموقع أن يكون مؤقتاً لأن شروطه الداخلية والخارجية صعبة علينا ولا توفر هامش مناورة واختفاء على مستوى جيد أو حسن. كانت المغارة تشبه القبر حقاً، صغيرة لا يمكن الوقوف بها دون انحناء. كنا متعبين جميعاً منهكين تزدحم هواجس شتى في مخيلاتنا في الليلة التالية عشية الرابع عشر من كانون أول 1967. وكان الوقت يمر ثقيلاً بطيئاً رغم الشعور الداخلي بالرضاء عن النفس وبالتوافق مع ما وقع. لكن قوات الاحتلال كانت منذ ثلاثة أيام وهي تفتش في كل بقعة وتتابع كل أثر لمن نجح في النجاة من ذلك الاشتباك وتعتقل السكان المحليين وتستجوب الجميع دون جدوى".
ويضيف: "وفي النهاية جاء القدر بقوات الاحتلال فجر الخامس عشر من كانون الأول ومع آخر عتمة الليل وبداية انشقاق الضوء الباهت انهال جحيم من القصف والنيران وأصوات المروحيات فوق المغارة وفوق رؤوسنا من فوهتها ومن أحد جوانبها الخلفية المتصدعة. لا أحد يدري أو يستطيع استذكار كيف انهالت تلك الحمم علينا ونحن في ذلك المكان. كانت دماء بعضنا تسيل فتحسسها بأناملنا دافئة وكان بعضنا يطلق أنيناً يتوقف عنه ثم يعود ثم يصمت. هكذا استشهد إبراهيم النجار وكامل ناصر معاً. أما جراحنا فكانت الشظية تجعلنا نشعر أنها جراح كبيرة رغم أنها كانت متوسطة كما تبين فيما بعد".
ويتضح من ذلك ان صائب سويد هو الوحيد الذي استشهد في عملية المطار، أما النجار وناصر، فاستشهدا لاحقا خلال هجوم قوات الاحتلال على المغارة
ويروي الحلبي تلك اللحظات الحاسمة بين الموت والحياة: "كانت نيراننا وبعض قنابلنا المتبقية التي قذف بها بعضنا إعلاناً بأننا أحياء هكذا كان شعورنا عندما نسمع أصواتها. وحين نهدأ ويهدأ جحيم نيران قوات العدو تتسلل البرودة إلى جراحنا فنشعر باقتراب الموت. محاصرون نحن من كل جانب إلا من أرواحنا، والنيران تحيط بكل جانب من المغارة والنهار الذي لا يعد من أصدقائنا في تلك الظروف يكشف كل شيء لرتل كبير من قوات العدو. وحين مضت ساعات لا يستطيع أي منا معرفتها لأن الوقت هنا لا يتوقف فحسب بل لا يمكن الشعور به مطلقاً كما تبين لنا جميعاً، عادت النيران أكثر صخباً وتركيزاً بعد انهيار فتحة من بوابة المغارة. كاد وعينا يغيب وظهر في رأسي شريط يستحيل قياس سرعته، منذ طفولتي في العاشرة حتى لحظة الوداع الأخيرة هذه – صور مرت – أبي المتوفي أمي المسكينة إخوتي أخواتي والرفاق والجيران والأصدقاء كلمح البصر. لكنني كنت أميز الجميع وأعرف الجميع. كنت مصاباً برأسي وكتفي وساقي من شظايا القذائف. ولم يتحسس بعضنا وعيه نسبياً إلا ونحن في عربة مسلحة حديدية من كل جانب وجراح تنزف. وتحسس بعضنا الآخر وعيه داخل زنزانة صغيرة تحيط به عبر قضبانها الحديدية أعين غاضبة مستفزة. هكذا بدأت اللحظات الأولى للأسر في عام 1967".
عن الف