الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

قراءة في محاكمة مبارك ـ عادل عبد الرحمن

خلال عشرين دقيقة اعلن رئيس المحكمة الحكم على المتهمين الرئيسيين في اطلاق النار على المتظاهرين في "واقعة الجمل" في ميدان التحرير بالقاهرة وغيرها من عمليات القتل للمتظاهرين في المدن والمحافظات المصرية الاخرى. حكم على الرئيس المصري السابق، حسني مبارك بالمؤبد، كما حكم على وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي ايضا بالمؤبد، وتم تبرئة مساعدي وزير الداخلية وايضا ابناء الرئيس مبارك علاء وجمال وايضا حسين سالم وآخرين  بالبراءة.
المحاكمة استقطبت ردود فعل متباينة في الشارع المصري والعربي، فانصار الرئيس السابق، إعتبروا الحكم غير عادل وقاصي، واعلن محامي الدفاع عن مبارك، انه سيرفع طلبا للمحكمة لنقض الحكم. من جهة أخرى انصار ذوي الشهداء والقوى السياسية المعارضة لحكم الرئيس مبارك، اعلنوا مباشرة رفضهم للحكم داخل المحكمة وبعد النطق بالحكم. ودعت تلك القوى الجماهير وانصارها للتظاهر ضد الحكم، لانه من وجهة نظرها دون الطموح، حيث افترضوا ان المحاكمة كانت سياسية بامتياز، وتجاوزت البعد القضائي اولا في ضوء المقدمة، التي ادلى بها رئيس المحكمة، التي حمل فيها النظام السابق المسؤولية ليس فقط عن واقعة الجمل، بل عن المآسي الكبيرة، التي طالت ابناء الشعب المصري على مدار سنوات حكم الرئيس حسني مبارك الثلاثين السابقة؛ ثانيا أسقطت المحكمة مسؤولية مساعدي وزير الداخلية عن عمليات القتل، وهذا مناف لقواعد القانون؛ وثالثا براءة ابناء الرئيس وحسين سالم من التبعات السلبية الناجمة عن اتفاقية الغاز مع اسرائيل ولصالحها على حساب الشعب المصري، بالاضافة الى عدم التعرض للعمولة، التي تلقوها من الشركة الاسرائيلية - الاميركية التي وقعوا معها الاتفاقية؛ ورابعا المخالفات الكثيرة الاخرى، التي اشار اليها رئيس المحكمة طيلة الثلاثين عاما، لم يحاكم عليها احد.
بالضرورة عند رجال القانون اراء ووجهات نظر اعمق وادق كل من وجهة نظره المؤيد للحكم والمعترض عليه. لكن إذا تجرد المرء من خلفياته السياسية، وحاول القراءة الموضوعية للمحاكمة ، فإنه يخلص الى الاتي :
اولا محاكمة الرئيس حسني مبارك، هي المحاكمة الاولى التي تطال شخص الحاكم حاضرا. وثانيا شكلت المحاكمة بغض النظر عن التأييد او الاعتراض على الحكم، درس وعبرة للحكام العرب، بان الشعوب قادرة على القصاص منهم، وبالتالي يخطىء الحاكم إذا إفترض نفسه فوق القانون؛ ثالثا الحكمة القانونية وايضا السياسية، كانت تحتم محاكمة مساعدي وزير الداخلية بغض النظر عن سنوات الحكم، لانهم شركاء فيما حصل؛ ورابعا كان من المفترض محاكمة حسين سالم وابناء مبارك بشأن اتفاقية الغاز، لاظهار نزاهة المحاكمة، لان ابناء الرئيس إستغلوا مواقعهم الخاصة بطريقة اساءت للرئيس ولشخوصهم وبالتالي للشعب والنظام السياسي على حد سواء؛ خامسا المحاكمة في هذا الوقت وعشية الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة المصرية، اكدت 1- على اصرار القضاء والمجلس العسكري الاعلى على المضي قدما في محاكمة رمز المرحلة السابقة وهو الرئيس مبارك. 2- قطعت الطريق على المشككين بمواصلة المحاكمة حتى النهاية. 3- سيكون للمحاكمة تأثيرات سلبية وايجابية على المرحلة الثانية من الانتخابات،  حيث يقوم ممثل الاخوان محمد مرسي بالمزاودة على احمد شفيق والقوى الاخرى، حينما اعلن باعادة محاكمة الرئيس مبارك، فضلا عن نشر الاشاعات والاكاذيب في شان المحاكمة لاستغلالها ابشع استغلال؛ وبالمقابل الفريق احمد شفيق باعلانه الالتزام بحكم القضاء، وصدور الحكم على الرئيس السابق ووزير داخليته اراحه كثيرا، ونفس الاحتقان في اوساط عديدة من الشارع المصري، وبالتالي سيعزز من مكانته في الجولة الثانية. 4- الحديث عن محاكمة النظام بقوانينه، هو حديث تبسيطي وفيه تجن على القانون والقضاء المصري المعروف تاريخيا بقدرته وكفاءته العالية. كان من السهل "اشتقاق " قانون خاص ، وهو ما يهدف اليه انصار المنطق المذكور، و"اطلاق النار" على الرئيس السابق، ولكن مثل هذا المنطق سيف ذو حدين في الواقع القائم داخل الشارع المصري، وفيه اغماض العينين عما يمكن ان تؤول اليه الامور في الشارع. كما ان العبرة بمبدأ المحاكمة ، وعدم اغماض العين عما اقترفه النظام ورمزه الاول السابق.
مع ذلك ما تقدم ليس اكثر من اجتهاد متواضع في مسألة شائكة ، لها ابعاد سياسية وقانونية . وهذا لا يعني التررد في الوقوف الى جانب الرأي القائل، ان المحاكمة من حيث المبدأ ، كانت في مصلحة الشعب المصري، رغم جوانب القصور، التي شابتها، واهميتها في دروسها وعبرها، التي ستبقى ماثلة عند كل الحكام العرب في سوريا واليمن وتونس وغيرهم من الحكام، الذين اساؤوا استخدام السلطات الممنوحة لهم.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025