الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

الفعالية الثورية في النكبة- احمد دحبور

بطبيعة الحال، وكما هو معروف على الأرجح، ليس هذا العنوان «الفعالية الثورية في النكبة» من عندي، بل هو عنوان كتاب للمفكر العربي اللبناني د. نديم البيطار، وقد اورد فيه عدداً كبيراً جداً من الشواهد والاقتباسات، ليؤكد أن من شأن النكبات أن تؤسس - ردود افعال تستنهض الأمم لتواصل مسيراتها بعد النكبات. وقد صدر هذا الكتاب بعد هزيمة 1967 التي اكتوى العرب جميعاً بنارها، وها نحن أولاء نعيش هذه الأيام اجواء ذكراها الخامسة والأربعين.
لقد اجتهد المتفائلون العرب، واعتبروا هزيمة 1967 بمثابة النكبة التي انتجت فعالية ثورية.
فمع أن الثورة الفلسطينية المعاصرة قد انطلقت قبل تلك الهزيمة بعامين، الا انها انتشرت وتفاقم تأثيرها بعد معركة الكرامة عام 1968. وليس من الضروري أن يكون اولئك المتفائلون قد سمعوا بكتاب د. نديم البيطار، لكن لسان حالهم كان يقول ان المقاومة الفلسطينية قد كبرت وسادت بعد هزيمة حزيران، بل انها رد موضوعي عليها، فالى أي حد قامت المقاومة بهذا الدور؟
من حق الذاكرة الوطنية أن تتشبث بذلك المشهد الاحتفالي الذي أحاط بالثورة الفلسطينية، ولا سيما بعد معركة الكرامة، لا من خلال طوفان الأعمال الأدبية والفنية التي واكبتها وحسب، بل من خلال الاستجابة السياسية الرسمية التي بلغت ذروتها في تصريح زعيم الأمة جمال عبد الناصر: ان المقاومة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة عربية وقد وجدت لتبقى.. لا أحد ينكر ذلك او ينساه، بل لن ننسى اضافة ياسر عرفات الى تصريح عبد الناصر، وهو انها وجدت لتبقى.. ولتنتصر..
الى هنا وظهور المقاومة بعد الهزيمة يأتي مصدقاً لنظرية الفعالية الثورية في النكبة. لكن ما تبع ذلك هو ان الفعالية الثورية كانت كرنفالية في المقام الأول، حتى حق للملك حسين أن يسمي نفسه الفدائي الأول.. وأننا كلنا فدائيون، الا ان هذه الحماسة لم تمنع وقوع سلسلة من المجازر في اوساط الشعب الفلسطيني بدءاً بايلول الأسود ومروراً بتل الزعتر حتى ان الاجندة لا تتسع لتدوين ما لحق بنا من كوارث. وهذا يعني ان الثورة الفلسطينية لم تأت بالبلسم الذي يبرئ الجرح، وان كانت الطبيب الذي استطاع ان يواسي الجريح..
ليس هذا انتقاصاً من دور المقاومة بأي حال، وليس قليلا انها هدهدت جرح الهزيمة الى حين، ولكن يظل ان الفعالية الثورية المطلوبة ليست يداً حانية وحسب، بل هي اعادة صياغة وبناء للذات المهزومة، على مبدأ نظرية المؤرخ توينبي في التحدي والاستجابة. ولقد استجاب الشعب الفلسطيني للتحدي، وقدم تضحيات جسيمة مشهودة، لكن التحدي ظل قائماً لا بمعنى استمرار نكبة 1948، بل باضافة كارثة 1967 اليها. ولم يقل أحد انه كان متوقعا من الثورة الفلسطينية ان تحرر فلسطين. او ان تنهي آثار هزيمة حزيران على الاقل، فالمشروع طويل وشاق ومعقد، ولكن السؤال هو: هل غيرنا ما بأنفسنا لنكون جديرين بفكرة الاستجابة التوينبية؟
إذا اخذنا المستوى السلبي من الاستجابة، بمعنى اننا صمدنا وصبرنا وثابرنا، فان هذا صحيح.. ولكننا عندما نراجع السوّية الحضارية التي وصلنا اليها منذ خمسة واربعين عاما، نرى اننا لم نحقق الكثير من الفعالية بالمستوى الايجابي الذي يهيب بنا ان نمسك الشيء من جذره..
لقد وقعت ثورات عربية بعد حزيران، وقيل في وصفها ان الانظمة التي كانت سائدة قد سقطت في اختبار حزيران، لكن تلك الثورات ظلت، على الاغلب، في حدود البنى الفوقية، فكان المواطن يسمع بالثورة من خلال الاذاعة، وينزل الى الشارع في اليوم الثاني ليتعرف على تلك الثورة.. ومع ذلك لا يجوز انكار المياه الكثيرة التي جرت في انهارنا منذ زهاء نصف قرن، ولكن من اقدارنا على ما يبدو ان نطالب انفسنا بالمزيد حتى نكون جديرين بالفعالية الثورية التي اعقبت النكبة والنكسة في حياتنا.
ومن باب المتابعة، وربما التزيد، اذكر ان الكتاب الاوسع والأهم في اعمال د. نديم البيطار، هو «الايديولوجية الانقلابية» والانقلاب بالمعنى الثوري الشامل. لا بالمعنى العسكري التقليدي البائس، هو المطلب المنشود لأي أمة ترفض التسليم بالهزيمة والركود.
وفي ذكرى الهزيمة المهينة، يظل السؤال الانقلابي مطروحاً بوصفه التحدي الحقيقي لمشروع التحرر والحرية والنهضة، او بكلمات اقل: لمشروع الايديولوجية الانقلابية.. وهنا لا يفوتني الحذر من سطوة الايديولوجيات وتحولها الى نوع من الديانة الساذجة، لكن ما ذهب اليه د. البيطار، ونحن معه في ذلك، هو ان الايديولوجية تحمل معنى الاختيار في المقام الاول.. ولقد اختار شعبنا ان ينقلب على ارث القهر والتخلف والعبودية.

 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025