أفق المصالحة وحسابات خاطئة-عدلي صادق
تسربت بعض وقائع اجتماع المكتب السياسي لحماس في غزة. وحسب هذه الوقائع التي سمعتها من قيادي في أحد الفصائل؛ ناقش المجتمعون مسألة الاتفاق الأخير على الشروع في عملية تشكيل الحكومة وعمل لجنة الانتخابات المركزية.
وكان من بين خمسة عشر عضواً، الذين حضروا، آراء أحد عشر، يقولون إن جماعتهم في الخارج تسرعوا، لأن الأفق السياسي العربي الراهن «يبشر» بارتفاع مستوى التأييد والدعم الرسمي لحماس، باعتبارها أيقونة الحلقة الفلسطينية من تنظيم «الإخوان» في المنطقة، وكان الأجدر بـ «الإخوة» أن يتريثوا.
ويبدو أن هؤلاء وجدوا في احتمالات هيمنة «الإخوان» على الحكم في مصر، تعويضاً عن افتضاح أمر معادلة الإسناد السابقة، التي ظلت حماس تزهو بها (سوريا، إيران و«حزب الله») حيال ثورة الشعب السوري وتداعيات الذبح اليومي للناس.
وكان أربعة من بين الخمسة عشر، هم الذين قدروا الدواعي الموجبة للمضي في الاتفاق، على قاعدة تخفيض سقف التوقعات من الوضع المصري وإدراك الحاجة الى المصالحة لأسباب وطنية واجتماعية!
غير أن الإجماع، كان متوافراً على ضرورة عدم المجاهرة بالاعتراض أو الرفض، إذ يمكن وضع العصي في الدواليب، عوضاً عن الرفض الصريح، باعتبار أن هناك مئات التفاصيل التي تتيح ذلك، حتى بعد موافقة حركة فتح على أن يبقى الوضع الأمني على حاله في غزة، وأن يظل الكيانان منفصلين عملياً، مع وجود السقف أو الطربوش الحكومي، الذي يتبدى وكأنه صاحب الولاية الحصري، بينما في الواقع لا شيء جوهرياً يتغير!
إذاً، يصبح المتفائلون الفتحاويون متفائلين بالتكيف مع سقف منخفض، علماً بأن هذه هي الفرصة الأخيرة لحركة حماس لكي تتمكن من تطيير رسالة مهمة للمحيط «الإخواني» العربي وللرأي العام، مفادها أن «الجماعة» يمكنها أن تتشارك مع الآخرين، وأنها تؤمن بصيغة العمل الوطني، وأنها لا تتمسك بمنطق التمكين والسيطرة.
إن هذه رسالة يحتاجها «الإخوان» المصريون، في ظل هجمة إعلامية كثيفة ومركزة، تشكك في نواياهم وتحذر المجتمع المصري منهم، وتستذكر منطلقات وأفكار العمل التي وضعها سيد قطب، بل وتستشهد بآراء قديمة من أدبيات «الجماعة» جعلت الوطن صنماً لا يصح تبجيله، والوطنية وثنية، وقد زاد الطين بله، ما قاله صفوت حجازي، واعتبرته أوساط المثقفين ازدراء بالوطنية المصرية، ودليلا ً على أن «الجماعة» تتعمد في هذه الأيام، إخفاء قناعاتها بصدد طبيعة الحكم وأهدافه بالنسبة لها!
* * *
نقولها منذ الآن: إن حماس تخطئ حين ترفع سقف التوقعات في حال جرت الأمور بشكل طبيعي وفاز د. محمد مرسي. وسنذكّر بعضنا، لو أن هذا حدث سيكون مرسي، أكثر صرامة من سواه، حيال حماس، لأن التشدد مع هذه الأخيرة، سيكون فرصته المناسبة لتطيير الرسائل التي يريدها للداخل وللخارج. يتنازل فيها ولا يتنازل فيما يضمره هو و«الجماعة» لبناء دعائم التمكين المديد. ذلك على الأقل، لأن وضع مصر لا يحتمل أية ضغوط من الخارج ولا اقتراناً بأية «جهادية» في هذا الخارج، حتى ولو كانت عبارة عن «مقاومة» بمستوى حديث نظري وتعبوي عن مجرد برنامج!
معادلة حماس السورية الإيرانية، باتت كابوساً وفأل شؤم. والتوقعات من الأفق المصري سقفها منخفض وحسبها أن تلتزم بالتراحم وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السياسي. لذا فإن الببت الفلسطيني أرحب وأضمن وأكرم!
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com