الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

أهالي المخيم ينشدون الحرية ويرفضون الفتنة- الحاج رفعت شناعة

ما حصل بالأمس في مخيم نهر البارد من حوادث مؤسفة ومؤلمة في الوقت ذاته تفرض على الجميع التوقف، وتقييم ما حصل بموضوعية وبجرأة لأن عدم التقييم العلمي والبعيد عن المجاملات سيترك الجراح مفتوحة، وسيشجع على تكرار ما حدث، وعلى الجميع أن يدرك الحقائق التالية:
أولاً: إنَّ التعاطي مع أهالي مخيم نهر البارد يجب أن يكون واعياً للواقع الذي يعيشه أهالي المخيم، ومرور خمس سنوات على نكبة مخيم نهر البارد يجب أن لا ينسينا ما جرى لهذا المخيم وأهله، فأهل المخيم لم ينسوا أن مخيمهم دُمِّر أمام أعينهم، وجُرف من جذوره ومعه جُرفت ذكرياتُ ستين عاماً، وإذا نسي الآخرون من كل الأطراف أنَّ الأهالي فقدوا بيوتهم، وكلَّ أموالهم، ومحالهم التجارية، وخرجوا من المخيم تحت القصف يحملون معهم جرحاهم وشهداءهم تاركين وراءهم الجملَ بما حمل بعد أن انعدمت إمكانية البقاء في المخيم ووضع حوالي سبعة وثلاثين ألف نسمة أمام خيار واحد مُرّ ٍ وهو التشرد مجدداً، خرجوا بثيابهم كما يقولون، شاهدوا بأم أعينهم المذلة والمهانة، والعذاب والألم، بالأمس كانوا ينامون في بيوتهم المريحة التي بنوها في المخيم من عرقهم، واليوم هم مشردون ينامون في الطرقات، وفي المخازن المضغوطة مع حلول الصيف، وفي المدارس حيث تقسَّم الغرفة الواحدة إلى ثلاثة أقسام. الأغنياء منهم كانوا ينتظرون وجبة الطعام تماماً كما الفقراء لأنهم فقدوا أرزاقهم وأموالهم وباتوا في أسوأ حال، ضاقت بهم الدنيا بعد أن ضاق بهم مخيم البداوي وجواره، كانوا يبنون الآمال فأصبحت كلها رمالاً، هم أنفسهم وبعد مرور خمس سنوات لم يُعد إعمار سوى ربع المخيم، ومن لم يعد ما زال يعيش مشتتاً في مستوعبات حديدة، أو بيوت مؤقتة، أو موزعاً في البداوي وجواره، وفي بعض المخيمات الأخرى بعد أن فقدوا ذلك الاستقرار في مخيمهم، والحياة الاجتماعية في مثل هذه الحالة فيها الكثير من المتاعب والمشاكل والتعقيدات التي تركت آثاراً بارزة على الأوضاع الصحية والعصبية والنفسية والاجتماعية، وهذا ما يقود بطبيعة الحال إلى أوضاع حياتية متوترة.
ثانياً: إنَّ ما سبق ذكره من تراكمات وتعقيدات نفسية وعصبية واجتماعية بسبب نكبة شاملة طالت الآباء والأمهات والأبناء لا يستطيع أحد تجاهلها، والتعامل مع هذه المعاناة يحتاج إلى الرعاية والعناية، والاهتمام البالغ بالنتائج المدمِّرة لحياة أهالي المخيم، ومثل هذا الواقع القائم يحتاج إلى العقلانية، وإلى اختيار أفضل الطرق في المعالجة البناءة لأنَّ العنف في مثل هذه الحالة يزيد المأساة اشتعالاً، ويحرك الجراح المفتوحة، وتكون كمن يضع الملح في الجرح.
ثالثاً: شئنا أو أبينا فإنَّ أهالي المخيم يتساءلون عمَّن كان وراء مأساتهم، وعن الأسباب التي تكمن وراء استهدافهم علماً أنهم لم يسيئوا لأحد، ولم يرتكبوا ذنباً يؤدي إلى ما حدث، وإلى تحويل حياتهم إلى جحيم، وما زالوا يدفعون الثمن، هذا التساؤل هو حق مشروع ومباح سياسياً وشرعياً، والمؤلم أكثر أنهم حتى هذه اللحظة لم يجدوا جواباً، ولا وجدوا تخفيفاً لمأساتهم، وإنما التساؤل ما زال يحفر في وعيهم وذاكرتهم.
رابعاً: كان الأهالي بجراحهم النازفة يتوقعون الترحيب والتيسير والتسهيل لاستعادة شيءٍ من البسمة التي افتقدوها منذ زمن، لكنهم فوجئوا بالحواجز، والإجراءات العسكرية والأمنية، والتضييق على الكبير والصغير على الرجل والمرأة، وعلى طلاب المدارس، وعلى الدخول والخروج، وبرزت مشكلة التصاريح وتعقيداتها، ومشاكل البناء والترميم، وكانت مشكلة المشاكل هي قضية الموقوفين وهم بالعشرات بعد أن وصلوا في البداية إلى المئات، وكانت معاناة الأهالي في الزيارات، ودفع الأموال للمحامين، وغموض المصير والقلق الدائم عند الآباء والأمهات والزوجات والأبناء، وهذا ما ولَّد حالات من الاحتقان والغضب ليس من السهل التخلص منها، خاصة أن المشهد ما زال قائماً، وان كانت الإجراءات قد خفَّت إلا أنَّ ما هو قائم حتى الآن يعيد إلى الأذهان والنفوس ما كان في الماضي، والخوف من التجدد في الحاضر والماضي والمستقبل، ومع تقديرنا  للهواجس الأمنية والإجراءات التي تعتمدها الدولة إلا أن ذلك كله يجب أن لا يكون على حساب الإنسان المقيم في المخيم وإشعاره دائماً بأنه ما زال في سجن اسمه المخيم، وأنه لا يمكن أن يرى الحرية الحقيقية كإنسان لاقى ما لاقى، وعانى ما عانى، وعليه أن يظلَّ تحت كابوس النكبة، والإجراءات المشددة وأنَّ ما كان من استقرار وهدوء وحياة سعيدة أسوة بباقي المخيمات لن تعود بسهولة.
خامساً: الواقع الحالي يشهد المزيد من التعقيد لأنَّ الكثير من القضايا مازالت معلقة ولا تجد حلاً نهائياً حتى المقبرة لم تُعط الأرض حسب الاتفاق مع قيادة الجيش التي هي ملك لمنظمة التحرير ولأهالي المخيم، والإجراءات الأمنية التي طلب الأهالي تخفيفها مازالت كما هي، والأبنية المملوكة في AI لم يتم تسليمها إلى الأهالي ، والملعب الذي أرضه ملك للمنظمة لم يتم إعادته، وهو المتنفس الوحيد للشباب في المخيم، مجمل هذه القضايا تسهم في حالة الضغط والاحتقان، وتشعر الجميع أنَّ المطلوب أن يعيشوا في هذا السجن الكبير.
على هذه الأرضية يجب مناقشة ومعالجة ما حصل يوم 15/6/2012 ، وعلى قيادة الجيش أن تأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار عندما تتعاطى مع أهالي المخيم، لأن أهالي المخيم وأبناء شعبنا في لبنان يحترمون مؤسسة الجيش، ويحترمون سيادة الدولة اللبنانية، لكنهم يعتزون بكرامتهم وبتاريخهم النضالي، فهم أصحاب قضية عادلة ومشرفة. ولا شك أن ما نتج عن لقاء الفصائل الفلسطينية مع قيادة الجيش كان أمراً ايجابياً، والجيش قد تعهّد بإصدار بيان يتضمن تشكيل لجنة تحقيق بالحادث ،ثم تخفيف الإجراءات الأمنية والعسكرية يشكل تدريجي، وأن تقوم لجنة من الفصائل واللجنة الشعبية بالتواصل مع قيادة الجيش لمعالجة أية إشكاليات.
رحم الله الشهيد أحمد قاسم، وكل التعازي لأهله وأهالي المخيم، والشفاء للجرحى عافاهم الله، ونأمل أن تكون العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل وعلى تقدير الموقف لأن العنف لا يحلُّ المشكلة، وإنما يُعِّقدها.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025