ما زالوا يعرقلون المصالحة واهمين- عدلي صادق
لا يزال تنفيذ التفاهمات حول تطبيق عملي لاتفاقات المصالحة متعثراً. وبدا أمر الإعاقة، أشد فظاظة مما اتفق عليه الحمساويون في غزة فيما بينهم، وهو وضع العصا في الدواليب عند البت في التفاصيل؛ إذ جمَحَت سريعاً لغة السجال المدببّة، قبل أن يبدأ هذا البت في التفاصيل. والحمساويون لا يتقبلون النصيحة. يعاندون، ويرفضون التعاطي مع المسائل وفق وقائع موضوعية يعرفونها، واهمين بأن الدائرة ستدور لهم. لا يريدون التصرف على اعتبار أن المصالحة تمثل بالنسبة لهم مخرجاً لائقاً، إذ تكرّس قوتهم الانقلابية المكروهة بامتياز، كطرف أساس في توافق وطني. هم على قناعة في دواخلهم أن الشعب قد عافهم، وأن الناس باتت تحلم بيوم الخلاص من قبضتهم، وأن إطالة أمد الضغط على المجتمع الفلسطيني في غزة، من شأنه أن يوّلد الانفجار. ونحن لا نرغب في انفجار اجتماعي، ولا في فوضى، ولا في انتقام، لكننا نريد عودة المسار الديمقراطي، لكي يسقط كل ذميم مع ذميمته، سواء من "حماس" أو من "فتح". لقد بات كل من يعطّل الوفاق معلوماً ومداناً لأن الناس تكاد تختنق، وهي لا تنصت للثرثرات في الخطابة الممجوجة، والمحتلون ماضون في مشروعهم الاستيطاني، ومسألة الانقسام، تشغل الناس وتصرفهم عن الانخراط في حالة وطنية شعبية لمواجهة الهجمة بالسبل المتاحة. وعندما يحاول الفلسطينيون تعليل هذا التسويف في موضوع المصالحة، لا يجدون سوى فرضية انتفاع مجموعة صغيرة، من ممارسة السلطة في غزة، وخوف هذه المجموعة، من انقضاض المجتمع على كل من أساء اليه. وفي مشروع المصالحة، هناك صيغة معقولة تضمن أن تجري الأمور على النحو الذي يلائم الجميع.
أحد المتنفذين الحمساويين، يطرح الأمر وكأنه إشكالية معقدة يستحيل معها التوافق بين الإيمان والكُفر، على اعتبار أن السلطة المدنية أو العلمانية كُفر، علماً بأن إيمانه لا يطفح تقوى، وأن السلطة المدنية ليست إلحاداً ولا انتقاصاً من الإيمان. لا نريد شخصنة الأمور والتذكير بعلامات استفهام كثيرة، تتصل بتجارب كل المتشددين ضد المصالحة!
هناك قول بأن الحمساويين ينتظرون نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية، التي تُعلَن نتائجها شبه الرسمية مع نشر هذه السطور. ونقولها منذ الآن، إن الرئيس المصري المنتخب، بصرف النظر عن اسمه ووجهته؛ لن يدعم انقساماً فلسطينياً، حتى ولو كان محمد مرسي. هناك الكثير من الاعتبارات الموضوعية التي تحول دون دعم منطق الحمساويين المعطلين للمصالحة. ولدى "إخوان" مصر من المشكلات ما يغنيهم عن الخوض في هذه الحمأة. فالمسألة مسألة أوطان واستراتيجيات وأولويات ووقائع قوة وظروف إقليمية ودولية. هذا الكلام قلناه مراراً ولا حياة لمن تنادي. إن غزة تئن من الألم، لكن هؤلاء الطارئين لا يحسون بآلامها، ويثرثرون بكلام لا يقبضه أحد، إذ هم لا يقاومون وليس لهم تاريخ مقاوم، ولا يصالحون ولا يخوضون في عمل وطني سياسي وشعبي عام، ولا يخوضون حتى في نشاط سياسي ينُصف ضحايا القتل اليومي في سورية. كل ما يعنيهم هو جماعتهم وهيمنتها على حياة جزء معذب من الشعب الفلسطيني. لكننا ما زلنا نراهن على وحدة الشعب والكيانية الوطنية الفلسطينية، لكي نؤدي دورنا باقتدار، في الداخل وفي الإقليم!
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com