الاستقواء بإسرائيل على المصالحة - موفق مطر
لجأ أتباع فتحي حماد, الرافضون للصلح مع الشركاء في الوطن الى تكتيك اشراك الاحتلال في تفجير جسور المصالحة المرفوعة على قواعد المصلحة الوطنية, فالأمر بالنسبة اليهم لا يكلف أكثر من بضع قذائف صاروخية او هاون عمياء « مطيشة», او غض الطرف عن عملية مسلحة لاستدراج الجحيم على المواطنين في القطاع, فالاستقواء باسرائيل على المصالحة بات تكتيكا مفضوحا ومتوقعا عند كل استحقاق مفصلي رئيس في « عملية السلام الفلسطينية - الفلسطينية» واستعادة الوحدة الوطنية.
في الماضي القريب عمدت مراكز قوى متخفية تحت يافطة المقاومة الى تخريب طريق عملية السلام بعمليات تفجيرية في حافلات ومراكز مدنية لدعم رواية اسرائيل وحجتها في الامتناع عن السلام, وأبعد من ذلك تحويل قناعات المجتمع الاسرائيلي في العملية من حيث المبدأ وساهمت في تعزيز رواية اليمين الرافض بالمطلق لفكرة السلام مع الفلسطينيين , أما اليوم وبعد الخسائر الفادحة التي دفعها الشعب الفلسطيني في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة في عمليتي السور الواقي وحرب الرصاص المصبوب كنتيجة للعمل الانفعالي اللامحسوب, فان حماس ما زالت تتبع نفس المنهج ولكن بوسائل وجبهات ولتحقيق اهداف مختلفة.
جبهة حماس اليوم هي قطاع غزة الواقع تحت سيطرة عسكرها المتشددين في موقفهم من الآخر الوطني, فهؤلاء الذين يعتبرون الوطنيين والعلمانيين كفرة وملحدين وخونة وعملاء هم الذين أتاح لهم أرئيل شارون فرصة الاستيلاء على القطاع بعد اطمئنانه لنمو « عدائية تمييزية» من نوع آخر موجهة نحو الداخل الفلسطيني لدى هؤلاء المتشددين المتطرفين, فقرر اعادة انتشار قواته من القطاع دون اتفاق مع السلطة ليبدأ تجسيد فكرته بدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة, أما الاسلوب فهو قذائف موجهة لا تصيب, تطلق من اطراف مدن القطاع وبياراتها بديلا عن « القنابل البشرية» أما الهدف فهو اغتيال عملية السلام الفلسطينية الفلسطينية, بعد ان استهدفت عمليات « القنابل البشرية» عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية التي ادت في النهاية الى حصار الرئيس ياسر عرفات الذي فعل المستحيل باخلاص لثني حماس وقوى وفصائل أخرى للكف عن استدراج الجحيم على الشعب الفلسطيني.
تغيرت الوسائل والجبهات والأهداف لكن اللعب على الحساسية الأمنية المفرطة لدى المسؤولين الاسرائيليين ما زال قائما, ناهيك عن ادراك هؤلاء المتلاعبين بدماء الفلسطينيين لحقيقة تمني قادة اسرائيل لهطول المبررات عليهم بما يمكنهم من اعمال وحملات وهجمات عسكرية تبقي على واقع الانقسام الجيوسياسي, فتنزلها عليهم حماس في عز القحط والجفاف, فيتيحون الفرصة للمتنفذين من حماس في قطاع غزة المتضررين من المصالحة للهروب والانتقال الى مواقع اخرى تحت ستار دخان قصف طائراتهم ودباباتهم , ويحققون بنفس الوقت ارتفاعا لشعبيتهم السياسية في اسرائيل, عندما يثبتون بأعداد الضحايا الفلسطينيين نهاية كل حملة أن أمن الفرد الاسرائيلي فوق كل اعتبار, فيدفع الشعب الفلسطيني الثمن من أبنائه ومقدراته وشبابه موتا ودمارا وفقرا وجهلا, ويتكرس الانقسام. فيفرح هنية الذي جعل من يوم سفك دماء الوطنيين الفلسطينيين على ايدي فلسطينيين عيدا وطنيا, ويفرح حمّاد الذي اقسم على رقبته ألا يصالح الوطنيين والعلمانيين الفلسطينيين. انه الاستقواء باسرائيل على المصالحة الفلسطينية وعلى العقلاء بحماس.