الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

التوجيهي اولا ام بنية التربية والتعليم؟- بديع السرطاوي – جامعة القدس

بداية، لا بد من الثناء  -باعجاب- على كل ما  كتب  من وجهات نظر لتربويين مخضرمين ولسياسيين بارعين من اراء حول ما يشاع او  يتسرب هنا وهناك  حول نظام التوجيهي المرتقب. املين ان تزداد حدة وتنوع النقاش لنتمكن مجتمعين من احداث حراك واع ومسؤول يساعد في اعادة النظر في نهج وسياسة تطوير التعليم وبنيته ومحتواه.
في هذه الاثناء، وانطلاقا من معرفة متواضعة ببنية التعليم، رأيت أن أشارك  القراء والمهتمين بمداخلة  ثم اقدم اقتراحا مكملا لما  ورد في المراسلات السابقة موجه  الى اصحاب القرار في وقت لم يعد القرار بالضرورة ملكا وحكرا وارثا لمن يشغل كرسيا في وزارة او دائرة عامة. ملاحظتي ليست حول  تفاصيل نظام التوجيهي المقترح وشكله بل حول سياسة التطوير و  بنية التربية والتعليم بشكل عام. أريد أن أبدأ بمثال بسيط للمقابلة من جهة وللاشارة الى وضع سياسي عام ونهج غير اصيل مبنى على النقل و مستمد من ثورة الخبراء و شغف  وهوس المؤسسات الرسمية وغير الرسمية هذه الايام للترويج  والفرح بالمشاريع الممولة من هنا وهناك والتبرعات والهبات السخية واتفاقيات الدعم وربما المشروطة للشعب من اصدقائه ومحبيه بهدف بناء الدولة القابلة للحياة! 
لنفترض جدلا أن ثريأ أو أميرا عربيا اصيلا جاشت نفسه وانتصرت لفلسطين في أمسية شعرية فلسطينية فانتفضت جوارحه وقرر ان يقدم للرئيس الفلسطيني طائرة ايرباص اخر صرعة تطير من المقاطعة في رام الله تُحلّق في سماء فلسطين المتعطش لطائرات فلسطينية تنطلق منه تجوب العالم  تمجد فلسطين واهلها وفي نفس الوقت  تحتوي ما يُحّدث العالم عن هموم فلسطين والفلسطيين في خطوة اعلامية ثانية لاقناع العالم بقبول فلسطين عضو في الامم المتحدة كباقي الدول.   ولنفترض ان هذه الطائرة وقبل وصولها الى فلسطين عمل فنانون واعلاميون وحقوقيون فلسطينيون وعرب على وضع تصور رائع لزركشتها وتجميلها  لتكون قمة في الجمال، تلفها شرائح الالوان الزاهية لعلم فلسطين، ورسمات فاتنة لسلاسل ومفاتيح العودة، وتٌحليها صور للابطال الاسرى مرفوعي الهامة، وشيْ من صور الشعب ضحية النكبة والنكسة وما بعدهما، وشيْ من قبة الصخرة والمسجد الاقصى كما القيامة والمهد، و بقليل من  جدار العزل و الحواجز ومداخل القدس الى جانب  مشاهد من غزة ومعابرها وانفاقها بما فيها،  وايضا حًلم حِملها  فِئات فلسطينة لاقت ويلات الاحتلال تقص من جديد معاناة اغمض العالم السكران اعينه عن حقيقتها، ونماذجا لِقصص عذابات مر بها الشعب خلال فترة صراعه على ارضه.  يا ترى ماذا يفعل الرئيس في هذا الكرم العربي الاصيل؟؟؟  اِيرباص تقلع من المقاطعة في رام الله بمحتواها الفلسطيني الاصيل تُحلق عاليا كما هاماتا لشعب وتجوب العالم !
اعتقد ان الرئيس بِحكمته لن يتردد بجمع القيادة بحكم خبرتهم في الطيران وغيره لايجاد حل ابداعي خلاق مع "خطة طريق" واضحة المعالم للاستفادة من العرض الرائع.  قد لا يفوت احد من القيادة الى الهمس في اذن الرئيس للاستعانة بخبراء  ومستشارين للسماع لارائهم. وحيث ان الفرصة ذهبية والشعب والقيادة يريدون الطائرة لما سًتُمَثله عند تحليقها في سماء فلسطين منطلقة بزهاء وعزة أهل فلسطين الى العالم الاعمى الحقود، على الجميع التفكير لمساعدة الرئيس في التالي: كيف تصلنا طائرة الايرباص العملاقة؟  من سيقودها واي خط تسير؟ اي برج مراقبة واي مدرج واي نظام ملاحة؟  من اين نستورد طاقمها ووقودها؟ من سيعمل على صيانتها لاحقا؟ من اين نأتي بكل مستلزمات دعم تشغيلها؟ هل يمكن عمل مدرج يخترق الجدار العنصري ام يمر متلويا الى الشمال والجنوب يسترق الطرق بين مناطق أ و ب و  ج؟  واسئلة اخرى حول  مَن؟ وأين؟ وماذا؟ وكيف؟  ومتى؟ وضع محير فعلا ... ونظرا لتعقيد المشكلة ومفاجأة التبرع الكريم وربما  عدم جاهزيتنا لاستقبال الطائرة، قد يطول النقاش ولن نرى الطائرة ابدا وربما يقرر  المشتشارون  طلب ثمنها نقدا لتغطية مصاريف الاجتماعات والنقاش واليوميات وما شابه.  او ربما نقنع المتبرع بان يتم زركشتها ومن ثم تحلق الطائرة من احد المطارات الصديقة باي محتوى كان وفي الاثناء يتم الاعداد  لخطة طريق بديلة لعمل بنية الطيران في المقاطعة وما يلزم لاستيعاب وتشغيل الايرباص مستقبلا. الحلول والامنيات موجودة ولكن!
التوجيهي بخاصة وبنية التربية والتعليم بعامة  لا يختلفان أبدا عن الطائرة الرائعة التي نحب ان نمتلك و نحلق مفاخرين بها . المشكلة ليست في وجود الطائرة بل في محتواها الاصيل المتثمل في اعدادها وايضا في الاجابات على الاسئلة التي تريد القيادة الاجابة عليها.  لسنا بحاجة الى استيراد نظام توجيهي أو إعادة ترتيب الحصص وعمل نماذج تخصصية وحُزم مساقات وفتح مجال لاختيار الطلبة وهم غير مؤهلين لذلك، ولا تقسيم الامتحان على عامين، ولا اين نُدرس، ولا عدد الحصص الاسبوعية وطولها. المشكلة في التالي: من يُدرس؟ كيف نُدرس؟ ماذا نُدرس؟   هل التوجيهي الحالي والمقترح قادر على تخريج طلبة يقرأون ويكتبون ويُفكرون؟  واذا قرأوا  هل يفهمون؟ واذا كتبوا هل يُفكرون؟ واذا فكروا هل يبدعون ويتميزن وينافسون؟ تشير احصائيات التربية والتعليم الى وجود ما يزيد قليلا على 36 الف شعبة صفية في جميع المدارس. هذا يعني ان كل 50 دقيقة يدخل الشعب الصفية اكثر من 36 الف مدرس ومدرسة وبمعدل ست مرات في اليوم. السؤال الذي يجب ان نجيب عليه هو ماذا يجري في الصفوف بعد دخول المدرسين اليها وينضبط الطلبة في مقاعدهم؟ يا ترى كيف وماذا يُدرس المعلمون وما الناتج؟ لو عرفنا واقتنعنا ولم نغمض أعُيننا لما بدأنا  في اعادة هيكلة التوجيهي بل  نحاول من باب المسئولية مواجهة الحقيقة القاسية عن درجة تدني كفاءة وجودة التعليم ومخرجاته ابتداء من اول يوم تطأ فيه قدما الطفل المدرسة وروضة الاطفال والمدرسة والجامعة؟؟؟؟!  ناهيك عن ان الارقام المذكورة لا تشمل شريحة  دور رياض الاطفال وما يجري بها. بمعنى كيف يتم التأسيس هناك؟ ألا ترون ان هذ الزمن من ساعات التعليم اليومي (216 ألف ساعة يوميا على مدار العام) كاف على الاقل لاحداث تغيير نوعي في حياة التعليم وبالتالي المجتمع لو وضعنا جل تفكيرنا في الحصة التدريسية  الوحدة الاساسية في بنية التربية والتعليم والتعلم ؟؟؟!  اذا لم تنجح جميع الساعات التي ينخرط فيها اكثر من مليون ومائتي طالب وطفل و 70 الف مدرس واهاليهم وهياكل ادارية  لاكثر من 12 سنة قبل التوجيهي بتكريس قدرة الطلبة على القراءة والكتابة والتفكير  قبل كل شيء فهل يؤجل هذا إلى التوجيهي؟؟! في طني ودون كثير من التشخيص لما يجري في الصف، ان هدف المدرس بالدرجة الاولى وبما يمليه عليه نظام التعليم الرث  واليات رقابته  الفضفاضة هو "انهاء المنهاج المقرر في الموعد المحدد" !!! بالنسبة للطالب فهو ناجح تلقائيا (مدفوش بدون جهد) والطلبة القلة المميزون مضطرون للسير في العجلة المهترئة التي لا تراعي فروقهم.
لقد خضنا بعصامية وبجرأة عاليتين تجربة تطوير المناهج الفلسطينية قبل أكثر من عشرة أعوام. كان الجهد عظيما. هل  كانت التجربة ناجحة؟ ماذ حققت المناهج الجديدة وأي أجيال خرجت؟ وأي مجتمع طورت؟ هل تم تقييمها؟  هل الاجيال الجديدة تقرأ وتكتب وتُفكر افضل من قبل؟ كيف تحصيلها في الامتحانات النموذجية العالمية؟ كيف تفاعلت المناهج الحديثة مع ثورة المعرفة ومصادرها الالكترونية بجميع اشكالها غير المنتهية و اصبحت في متناول يد معليمنا وابنائنا واهاليهم؟ هل اعدتهم لكيفية البحث عن المعرفة واستخدامها وبنائها؟ هل اتنتجت المناهج  الاجيال التي نريد؟ هل تم سماع المعلمون والطلاب والاهالي  حول تجربة المناهج وواقع التعليم ومستجداته من وجهة نظرهم؟ لماذا لا نتحدث عن تجاربنا ونتعلم منها دون استحياء حتى لو لم تعجبنا النتائج؟
هناك ثمة تحديات على صعيد التربية الفلسطينية أهمها: انجاز مشروع التحرر الوطني، والتأسيس للشفافية ومحاربة الفساد، والحيلولة دون عودة التناقضات الداخلية، واستعادة القضية الفلسطينية لمكانتها العالمية. فهذه التحديات هي في مجملها رهانات تربوية لا تنفصل عن الرهان السياسي بشكل خاص والرهانات المجتمعية الاخرى بشكل عام. وان التحديات التي تواجه التربية سواء في المدرسة ام الجامعة هي تحديات تمس المجتمع سياسيا واقتصاديا واخلاقيا.  وبالتالي فان انتاج أفراد صالحين متصالحين مع انفسهم وبالتالي يتصالحون مع الاخرين قادرين على مساءلة أنفسهم ومن حولهم والعالم الذي يعيشون فيه هي غاية سامية للتعليم الذي نريد. وضمن هذه الغاية ثمة أسئلة يفترض أن تكون حاضرة في منظومة التربية والتعليم الفلسطينية وهي: أي طالب نريد؟ وهذا يتعلق بالمضامين والكيفيات. وأي مواطن نريد؟ وهذا متعلق بالقيم التي يكتسبها المتعلم وتوثق علاقاته في النسيج المجتمعي الذي يعيش فيه. وأي إنسان نريد؟ وهذا يتعلق بالسياق الانساني لعملية التربية والقيم الكونية.  لكل هذا، لا اعتقد ان  تغيير نظام التوجيهي هو  اولوية لمواجهة التحديات والاجابة على التساؤلات الذي يتم طرحها مرارا  وكما غيريها.
من هذه المنصة وبقليل من النقد للمستأثرين في التربية والتعليم، ندعو المسؤولين في ادارة وتطوير ملف التوجيهي  والتعليم بعامة ان يخرجوا من قوقعتتهم على انفسهم وينفتحوا للشركاء في هذا المجتمع الحاضن الذي من حقه ان ينخرط و يبدي رأيه في ما يغير حياته. العالم اكثر انفتاحا علينا من انفسنا على بعضنا فلماذا هذا الانغلاق والتمترس حول الذات؟ 
باختصار هذه دعوة للمستأثرين وأصحاب القرار الجاثمين على صدر التعليم كما غيره:  اخذا بعين الاعتبار ضرورات التغيير والاستئناس براي وكفاءة الآخرين وتعب النظام من الاستبداد به، نريد تشكيل فريق (مجلس او  هيئة) وطني واسع التشكيل ومتخصص في الابعاد التعليمية والتعلمية والتربوية والمجتمعية المختلفة  على اسس مهنية صادقة شفافة. الفريق يمثل الجامعات والمعاهد والكليات المجتمعية والمهنية ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالتعليم  والتعلم والتربية ابتداء من الطفولة المبكرة ومرورا بالمؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالحياة اليومية للمجتمع اضافة الى ثمثيل  مهني صادق للمعلمين الذين ما زال دورهم تلقي التعليمات وتلقين ما في الكتب.  نريد فريقاً وطنياً للتربية  والتعلم والتعلم  يعي حاجة الوطن ويؤسس لها.  نريد تجنب ومحاربة ثقافة القص واللصق. بمعنى نقل تجارب اصلا تم بناؤها خصيصا لمجتمعاتها.  نحن بحاجة إلى شيء أصيل يأخذ بالحسبان ما لدينا و كل ما مررنا به وكل ما نعيشه وكل ما نصبوا إليه. في هذا الشعب ولديه ما يكفي لرسم اطار تعليمي تعلمي تربوي افضل. يكفينا استيراد تجارب متغيراتها جاءت من بيئتها على يد أبناء اهلها. التوجيهي نهاية مرحلة ولا بد من وجوب الاهتمام اولا بمحتوى ما  قبله من مراحل هي اهم في حياة الطلاب. ليس من الحكمة ولا من دواعي التغيير والتصحيح معالجة مرحلة نهائية بتقسيم موادها وامتحاناتها على عامين بغض النظر عن ألية التنفيذ وادراتها.  هذا مع تأكيد ان قرار تطوير التعليم سواء للتوجيهي أم بشكل عام يجب ان يكون وطنياً تديره وتشرف على مجرياته المؤسسة الفلسطينية الرسمية.   انخراط الجامعات  والمعاهد في هكذا اطار يجعلها تفكر في تغيير  انماط تعليمها التي هي بلا شك امتداد لنظام المدارس لم تفلح بعد في رسالتها التعليمية وبالتالي لم تفلح في مخرجاتها.  لتتحمل جميع فئات المجتمع ذات العلاقة مسؤوليتها وتحدد دورها ضمن سياق تربوي تعليمي مستقبلي. ألى ان يحدث التفكير الايجابي والاستجابة بعقل مفتوح لما يطرح من تساؤلات وانتقادات تجاه التوجيهي والتعليم، علينا الاستمرار في المحاولة لعمل التغيير  في النهج والسياسة.
 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025