انعقاد «المجلس الثوري»: شُح الزمن وقسوته- عدلي صادق
بعد تسطير هذا النص المرتجل، سندخل الى قاعة اجتماعات المجلس الثوري لحركة “فتح”. في كل مرة، أو في كل دورة للاجتماعات، تكبر المناسبة من حيث هي فرصة للتلاقي مع الأصدقاء، ولتبادل التحايا والسلام والكلام، ويتضاءل الأمل بأن نتمكن جميعاً من خلق الحد الأدنى من التأثير، لهذا الإطار القيادي، في مجرى الحياة السياسية الفلسطينية داخلياً وخارجياً، وعلى مستويي القرارات والمنحى الإداري على كل صعيد. هناك شبه انسداد في شرايين الحركة الكبيرة، فلا تدفق لدماء الحياة من الأطراف واليها، وتتقلص القاعدة الاجتماعية في كل يوم، بمفاعيل اللون الرمادي. التوجهات العامة، ليست محصلة نقاش ومخاض في الجسم الفتحاوي. لم يتبق للناس سوى انتمائها الذي لا نرضى عنه بديلاً. فمن حيث المبدأ، تظل هذه الحركة الرائدة، شبيهة الناس وقيثارتهم حتى وإن كف اللاعبون عن العزف الآسر. يدفعنا الأمل والتفاؤل، الى الاستمرار في المحاولة. لكن شُح الزمن وقسوته، وحال العُصاب المتفشي، والجُزافية المستشرية، في تنميط الناس واختزالها، كلها عوامل تزج بنا في سجن وهمي. المتقدمون في السن، يضعون على رأس الأولويات، إنقاذ شيخوخاتهم من شقاء الأيام الأخيرة، إذ ليس أسهل ولا أكثر توقعاً من النكران، فيما الأجيال الشابة تتساءل في حيرة: لماذا نتغاضى عن عنفوان حركة عظيمة ذات إرث كفاحي، لا يطاله إرث آخر فلسطينياً؟!
بعد سنوات من المؤتمر العام السادس، ينبغي أن نذهب الى وقفة موضوعية مع الذات لكي نجيب عن السؤال: ماذا أنجزنا؟ وهل أعدنا لأطر الحركة حيويتها؟ وهل كرّسنا مبدأ النقاش الديمقراطي المُفضي الى قرارات ملزمة؟ وهل نجحت الحركة، من خلال أطرها، في فرض نفسها كطرف حاسم على صعيدي التوجه السياسي العام، والخيارات الوطنية الداخلية؟
ليس العيب كل العيب، فيمن يحبط محاولات الفتحاويين تكريس منهج العمل الوطني الديمقراطي، على مستوى حركتهم ابتداءً ثم على المستوى الفلسطيني العام. بعض اللوم يقع على كل من انتظروا الصواب من فوق، وتخلوا عن واجبهم في رفعه من تحت. لكنه السجن الموهوم في الزمن الرمادي، حيث ليس اسهل من اختزال الناس ومن النكران.
وعلى الرغم من كل الإحباط، فإن الوطنيين يستمدون تفاؤلهم من وجود شعبهم. طالما أن الشعب موجود، فلا بد من وجود حركته الوطنية. أما مراحل المد والجزر، فهي من نواميس الحياة، لكن التاريخ هو الذي يحكم على الأدوار والأسماء، سواءً كانت من أهل المد أم الجزر.
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com