القفص الذهبي - فؤاد ابو حجلة
وصلتني دعوة من زميل سابق قرر بمحض إرادته توريط نفسه في مشروع يبدأ بليلة عرس وينتهي برهن الحاضر والمستقبل للبنوك. دعاني الزميل السابق في العمل واللاحق في نادي المتزوجين إلى حضور حفل زفافه في أحد فنادق عمان. ويبدو أنه تمكن أخيرا من الحصول على قرض بنكي يغطي نفقات الحفل الذي يشمل وجبة عشاء تقدم فيها أطباق لا طعم لها وأنواع من الحلويات تبقى آثارها بائنة على وجوه المدعوين.
تقول بطاقة الدعوة إن الزميل السابق سيدخل «القفص الذهبي» ويبدو من تصميم البطاقة وألوانها الزاهية أنه سعيد بهذا الحبس المؤبد.
بمحض الصدفة تزامن وصول بطاقة الدعوة لحفل دخول القفص الذهبي مع نشر أخبار محاكمة مدير المخابرات الأردنية السابق محمد الذهبي الذي قالت الأخبار إنه كان واقفا في قفص الاتهام الذي أصبح يسمى منذ بدء المحاكة بالقفص الذهبي. لا أدري لماذا تخيلت «العريس» واقفا في قفص مشابه وهو يعلن براءته من التهم المنسوبة إليه بالتعدي على أموال البنوك الدائنة والتهرب من دفع أقساط الغسالة والثلاجة والتلفزيون، والعجز عن دفع فاتورة الهاتف في منزله العامر.
في فذلكاتهم المضحكة يقول علماء الاجتماع إن الزواج مؤسسة، وكأي مؤسسة فهي معرضة للربح أو الخسارة، ولأن الحكومة تبرر خسارات كل المشاريع القائمة بتأثيرات الأزمة المالية العالمية، فإن مؤسسة الزواج أيضا ستتأثر بالأزمة وتتعرض للخسارة التي تتجاوز رأس المال إلى رأس الروح.
لا أدعو إلى العنوسة، فهي مشكلة بحد ذاتها، لكن التشوه الاجتماعي الذي طال التجمعات الفلسطينية في الوطن وفي الخارج، جعل الزواج مشروعا خاسرا يودي بأطرافه إلى هاوية الديون والارتهان للبنوك ومؤسسات الاقراض التي يكون التحرر من أقساطها عند بلوغ التقاعد انجازا كبيرا.. أي حياة هذه التي تقيد الانسان طيلة عمره الحقيقي؟
إنه القفص الذهبي الذي تلمع قضبانه في ليلة واحدة وتصدأ قلوب من فيه بقية العمر..
في محاكمة محمد الذهبي ووقوفه في القفص عبر قد يستفيد منها آخرون، لكن مشروع القفص الذهبي لا يتعرض للمحاكمة وتبقى أبوابه مفتوحة لكل الراغبين في الحبس الإرادي.