الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

عاشوا من أجل فلسطين!- يحيى رباح

وصلتنا قبل يومين هدية ثمينة جدا ومفرحة جدا – ما أقل هدايا الفرح هذه الأيام – هدية مرفقة بإهداء رقيق وتوقيع من الأخ العزيز معتصم حمادة الكاتب والباحث الفلسطيني المعروف، أما الهدية الثمينة والمفرحة، فهي المجلد الأول الذي أصدرته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من خلال المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف» عن شهداء الجبهة الديمقراطية منذ البدايات، حيث تضمن المجلد اثني عشر فصلا، أولها تحت عنوان شهداء البدايات في الداخل والأغوار من عام 69 إلى 71، والثاني عن شهداء أحداث الأردن من 69 إلى 71، اما الفصل الثالث فهو عن شهداء عمليات الجولان المحتل ثم تتوالى الفصول حتى الفصل الثاني عشر عن شهداء حرب عام 82.
هذا المجلد الأول صدر في 380 صفحة من القطع الكبير، بمقدمة أنيقة وعميقة من الأخ العزيز أبو خالد نايف حواتمة، وبتوضيحات من المحررين فهد سليمان ومعتصم حمادة تشرح فكرة إصدار هذا المجلد، والنهج الذي اعتمد في إخراجه، والجهد الجماعي الذي بذل فيه، والهدف المرجو منه.
هذا المجلد الأول عن شهداء الجبهة الديمقراطية وبالإضافة إلى أناقته وإخراجه الراقي، والمعلومات القيمة التي ذكرت عن الشهداء، والمواقع والمعارك التي استشهدوا فيها، حيث ترصع صورهم مثل قناديل ذهبية، وتزين بلوحات تشكيلية لكبار التشكيليين الفلسطينيين، بالإضافة إلى ذلك كله، فإنه ضرورة قصوى وخاصة في هذه المرحلة الخارقة الصعوبة من مسيرة النضال الفلسطيني، حيث الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني تتعرض إلى هجمة شرسة وسوداء وقاسية من النكران، ذلك النكران الذي يصل في بعض شطحاته واندفاعاته الهوجاء إلى حد الكفر بكل ما هو وطني فلسطيني !!! وحيث الأجيال الراهنة من الشباب الفلسطينيين، تغسل عقولهم، وتزور ملامحهم، ويقرأ تاريخهم الوطني النبيل قراءة خاطئة، ومضللة، منطلقة من روح انتقامية ومن منهج يقوم على التجهيل !!!
وإنني أتمنى بكل الإخلاص، أن يكون هذا العمل المبدع والنبيل وعميق الرؤية، حافزا للجماعة الوطنية الفلسطينية بكل فصائلها وأحزابها وهيئاتها وتياراتها وهياكلها الرسمية والأهلية لمتابعة هذا الجهد، أرجوكم.... اتركوا لأجيالكم لآلئ تاريخكم يفخرون بها، وازرعوا هذا الورد المقدس للشهداء في حدائق الذاكرة الفلسطينية.
بالنسبة لي شخصيا، فإن هذا المجلد الذي سلمني إياه أخي وصديقي العزيز الدكتور أحمد حماد استاذ الإعلام المعروف في جامعات قطاع غزة والقيادي البارز في الجبهة الديمقراطية المقيم في قطاع غزة، كان بالفعل هدية ثمينة ومفرحة، ليس بالمعنى التقليدي، بل لأنني حين جلست أتصفح هذا المجلد، أتأمل في أسماء الشهداء ومعارك مواقع استشهادهم، وأحدق في صورهم، انبعثت في ذاكرتي من جديد بإشعاع هائل من الضوء !!! هذه الأسماء أعرف الكثير من أصحابها، وهذه الوجوه هي لفدائيين كنت أعيش معهم، صحيح أنني من حركة فتح وهم من الجبهة الديمقراطية !!! ولكننا كنا معا، أقسم لكم أننا كنا معا، على امتداد هذه الأرض الواسعة من الأغوار الجنوبية في الأردن إلى الأغوار الوسطى والشمالية، إلى جرش وعجلون ودبين، وإلى درعا ووادي الرقاد وشلال شهاب وحدود الجولان، إلى سفوح جبل الشيخ في تلال كفر شوبا ومزارع شبعا وكفر حمام والهبارية وحاصبيا والخيام ومرج عيون في العرقوب، إلى النبطية وكفر رمان وكفر تبنيت وقلعة الشقيف، إلى صور وصيدا وجويا ومجدل سنم وبرج رحال وقانا ورأس مارون، إلى سفوح جبل صنين وعين طورى والبقاع الغربي والأوسط والشرقي إلى نهر البارد وطرابلس وسير الضنية والهرمل في أقصى شمال لبنان !!! كنا معا، نحلم معا، نقاتل معا، نذهب إلى الاستشهاد معا، نأكل الخبز الجاف أحيانا معا، نمرق في المسافات المستحيلة بين تساقط القذائف وخناجر الأعداء !!! نتجادل نختلف تتصبب جباهنا بالعرق النبيل ونحن نعرض رؤانا المتعددة، ولكننا نظل معا !!! وكان أكبر تهمة وأقصى وصف نصف به بعضنا حين نقول : انت مخطئ أنت غير موضوعي، أنت تجتزئ المشهد، أنت تعبر عن فكر يميني، أنت يساري، هذه كانت أقسى التهم التي نتبادلها مع بعضنا، وأبدا لم نتهم بعضنا يوما واحدا بالكفر أو الضلال !!! ولم يدع أحد منا أن مفاتيح الجنة في جيبه ومقاليد الآخرة في يديه !!! أو أن علم الغيب محصور فيه ومقصور عليه !!! كنا تحت سقف الهوية الوطنية وليس فوقها.
كنت أدقق في الأسماء وأحدق في الصور كثيرون منهم شباب في عمر الورد شعرهم يتهدل على أكتافهم وملابسهم العسكرية الأنيقة مقيفة على أجسامهم الفتية، لأنهم كانوا أبناء عصرهم الذي يعيشون فيه وليسوا في اشتباك مع التاريخ وعباد للماضي !!! حين تصفحت هذا المجلد استيقظت في الذاكرة كما لو أن كل ذلك حدث بالأمس فقط، قبل ساعات أو حتى قبل لحظات.
أكرر شكري للعزيزين فهد سليمان ومعتصم حمادة، وأطلق ندائي احتفاء بهذا الجهد الجميل الرائع:
يا أيها الفلسطينيون احفظوا ذاكرتكم من هجمات التزوير المنظم، وازرعوا وردا أكثر في حدائق الذاكرة الوطنية لشعبكم، وإن أجمل هدية تقدمونها لأجيالكم المعاصرة، هي أن تعيدوا الحكاية الفلسطينية إلى منابعها الأولى الصادقة الصافية، وإلى عدالتها ونبلها الإنساني، وإلى موقعها المدهش في الزمن الذي اضاءت فيه مثل قناديل إلهية وهؤلاء الشهداء، أجيال من الشهداء، شهداء الثورة الفلسطينية المعاصرة لم يكونوا سدى، ولم يكونوا عابرين، بل هم رموز القيامة الفلسطينية التي نحتاج إليها هذه الأيام أشد الاحتياج.
عاشوا من أجل فلسطين، نعم، لأن الشهداء لا يموتون، إلا إذا تم انكارهم، أو رويت حكايتهم بطريقة خاطئة تصل إلى حد الخطيئة، أو إذا نجح البعض في سرقة بداياتهم الإعجازية ونسبتها إلى أنفسهم !!! فحين ذاك يظن الذين في قلوبهم مرض، الذين يعتقدون أنهم فوق الدين من خلال احتكاره، وفوق الوطنية بإدعاء أنهم أكبر منها، حين ذاك يظنون أن قيامة شعب بعد موته، وحضور شعب بعد غيابه، ليس سوى وهم وسراب.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025