لماذا نقتل الرئيس أبو عمار ؟!- بكر ابو بكر
ان تقوم قناة الجزيرة بتجشم عناء الكشف عن سر استشهاد الخالد أبو عمار فهذا يحسب لها ايجابا ، متمنين ان تكون النوايا الحسنة ومحبة ابو عمار والشعب الفلسطيني وقضيته هي المحفز لهذا العمل الذي كلف مبالغ كبيرة وجهدا للوصول للحقيقة.
لا شك ان لجنة التحقيق في مقتل الرئيس عرفات الفلسطينية لم تمتلك قدرات الدولة التي تتمتع بها قناة الجزيرة المدعومة من دولة قطر ، ولا شك أن آخر اعلان عن سبب الاستشهاد الذي اشار لتسميمه دون كشف الوسيلة كان كافيا للكثيرين في الشعب الفلسطيني والعالم ما جعل اللجنة توقف عملها.
ان كشف الطريقة التي توفي فيها ابو عمار عمل فني تخصصي محض، البعض أثنى عليه والبعض شكك به وبالنتائج التي خلصت لها الجزيرة، ولكنه يسجل للقناة المعروفة بفرقعاتها الاعلامية مجهولة الأسباب أحيانا، والمهدفة سياسيا أحيانا أخرى، وذات الطابع المقترن بالسبق الصحفي حينا آخر، وبجميع الأحوال نتمنى ان تكون القناة هذه المرة تتجه الاتجاه الصحيح.
ودون اطالة، سأتجه مباشرة لما قاله الكاتب ياسر الزعاترة وردد مثله فضائيات حماس وجريدة الرسالة التابعة أيضا لحماس وهو باعتقادي مربط الفرس أي اتهام القيادة الفلسطينية بقتل الخالد ياسر عرفات او التواطؤ في ذلك كما قال.
لا يقبل عقل فلسطيني واحد -باستثناء من يعدون على الأصابع- ان يقدم أي فرد كان من شعبنا العظيم على التسبب بقتل أي طفل او رجل أو امرأة ، فما بالكم بقتل رمز الجهاد والنضال العالمي ياسر عرفات ؟ ان هذا الشعب العظيم ليس من طبائعه أو شيمه الخيانة أبدا، وعليه فان (نكش) القضية وما فيه من ايجابيات تحويلها لقضية مرفوعة لمحكمة الجنايات الدولية فيه أيضا من السلبيات ان يتحفز المعادون الابديون للقيادة الفلسطينية ويطلقون سهامهم الخائبة متهمين (فلسطينيين) بالمساهمة في قتل الرمز عرفات أو على الأقل اثارة الغبار وخلق التناقضات والتشكيكات الملهية عن العدو الرئيس.
قال ياسر الزعاترة من الاخوان المسلمين في الاردن ان (المجموعة التي استخدمتها اميركا و «إسرائيل» من اجل الانقلاب على ياسر عرفات هم من اغتالوا عرفات سياسيا قبل اغتياله بالسم) ومحددا بالاسم محمد دحلان ، وناقلا على لسان ابو اللطف ما تفوه به مخطئا حين اختلافه مع القيادة الفلسطينية غامزا من قناة الرئيس بشكل متعمد ، ومتناسيا ان ابا اللطف قد راجع نفسه وعدل موقفه الاتهامي ذا الطابع السياسي التنظيمي ، وكما كان واضحا في لقائه الاخير على الجزيرة حين اتهم شارون مباشرة بذلك.
القضية هي خلق البلبلة المتعمدة بذكر أنصاف الحقائق وبسوء استغلال الحدث بالطعن الدائم والمتواتر بالقيادة الفلسطينية ودوما من أطراف في حماس وخارجها، وحيث يقول الزعاترة أيضا (يجب ان يكون هناك مراجعة داخل حركة فتح ويلتفتوا لهؤلاء الذين تآمروا على عرفات وانقلبوا عليه ، والذين وفروا الاجواء لاغتيال الرئيس عرفات )، ويثير الكثيرون كثرة استخدامه لكلمة «انقلاب» دون الاشارة الى انقلاب حماس الدموي في غزة وهو في الحقيقة اول انقلاب فلسطيني ونتمنى ان يكون الاخير ، وكأن الزعاترة والقلة لا يدركون بوضوح معنى الاختلاف – وفي تاريخ حركة فتح مراحل اختلاف كثيرة - على قاعدة التعددية التي تميزت فيها حركة فتح وسارت عليها برحابة التقبل للجميع، دون حماس او أفكار الذين يتصورون في ذاتهم القداسة والعصمة.
ان الذي قتل ياسر عرفات هم الاسرائيليون كما صرح شارون علنا عام 2004 بأنه لم يعد يحترم تعهده بأن لا يؤذي الرئيس عرفات ، وبما قاله (يوري افنيري) وبسام أبوشريف وغيرهم محذرين المرحوم عرفات من اغتياله من شارون وغيرها من الشواهد. والإسرائيليون لا يعدمون الوسيلة لقتله وعشرات بل مئات المتضامنين ومنهم الاسرائيليون كانوا يؤمون المقاطعة حيث الرئيس محاصر.
ان العيب وغير اللائق اخلاقيا وسياسيا ان تتجه الاتهامات للداخل الفلسطيني، وبلا أي دليل كما استغلت ذلك بعض اصوات حماس الممانعة للمصالحة وغيرها امثال الصحافي شاكر الجوهري بدلا من جعلها قضية عالمية ضد الاسرائيليين.
اننا بهذا الاستغلال السياسي والتنظيمي واللاأخلاقي البشع وغير المهني نقتل ياسر عرفات يوميا بدلا من ان نضع المخرز في عين العدو.