الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

الجريدة والعقاب (1)- فؤاد ابو حجلة

أعكف على كتابة تجربتي في الصحافة العربية طيلة أكثر من ثلاثين سنة، وأتمنى أن أتمكن من نشر هذه «الشهادة» في كتاب.
لا شيء كثيرا في هذه الشهادة عني، أو عن بطولة مزعومة للكاتب، أو مواقف شجاعة مات الشهود عليها. إنها باختصار شهادة العين والأذن وليست شهادة اللسان، فأنا أكتب عن تجارب رأيتها وكنت جزءا من بعضها. أبطالها آخرون منهم من ما زال على قيد الحياة ومنهم من رحل عن هذه الدنيا قبل أن يوثق تجربته، فسرقت (بضم السين) بطولات كثيرة ونسبت مواقف شجاعة إلى جبناء خبرتهم جيدا وشهدت نذالتهم في مواقف كثيرة.
لعلني في هذا التقديم القصير للتجربة، أعني تجربة إصدار كتاب وليس تجربتي في الكتابة، أعترف للقارئ بأنني ما ذهبت إلى هذا الكار بمحض إرادتي، ولكن أرغمني الجوع والتعب وقلة الحيلة، حين وجدت نفسي مسلحا بشهادة لا تفتح بابا إلى وظيفة في بريطانيا التي درست فيها وقررت أن أظل فيها لأحمي وعيي من الرجعيات العربية الحاكمة على امتداد الوطن المحتل من المحيط إلى الخليج.
كان الزمن صعبا، وكان استهداف الفلسطيني في حاضره وفي مستقبله، هواية النظم العربية التي جرى تأهيلها للاستقواء علينا.. وعلى شعوبها حين تثور. لذا قررت البقاء في لندن حيث لا يستفز فلسطينيتي شخص أو جهة، ولا يحفل الموظف الحكومي الذي ينظر في طلب الإقامة إن كنت من فلسطين أو من الإكوادور.
بحثت كثيرا عن عمل في مجال دراستي، ولم أعثر على أي وظيفة تتطلب شهادة في إدارة الأعمال. وعندما قادتني قدماي إلى جريدة «العرب» التي كانت تصدر في لندن كنت قد قضيت أكثر من أسبوعين من العذاب، فقد نفدت نقودي، وهمت على وجهي في شوارع المدينة وحدائقها، ألم بقايا السجائر عن الأرصفة، وأجمع الخبز المبلول في برك البط في الهايد بارك لأسكت جوعي، وأنام مع المتشردين على بلاط قاعة الانتظار في محطة هيوستن للقطارات.
كان التعب قد هدني، ودخلت مكتب رئيس التحرير المرحوم الحاج أحمد الصالحين الهوني، بذقن غير محلوقة وشعر أشعث وملابس متسخة وحذاء ممزق.. نظر الرجل إلي وابتسم قبل أن يقول: أنت مثقف يساري نموذجي.
كان المرحوم منحازا الى المثقفين، ولم يكن يساريا. وكان منحازا الى الفلسطينيين ولم يكن فلسطينيا، فقرر تعييني على الفور في أي موقع أختاره في الجريدة.. ونصحني بأن استعين بالاستاذ محمد محفوظ (صحفي مصري قدير) ليعلمني كل ما أريد تعلمه من فنون الصحافة والكتابة. وهكذا بدأت رحلتي على يد الهوني الوزير الليبي السابق الذي لجأ إلى بريطانيا هربا من قمع القذافي، ومحفوظ الصحفي المصري العريق الذي لجأ إلى بريطانيا من قمع السادات، فتعزز احساسي بضرورة البقاء هناك هربا من قمع النظام العربي كله.
لم يكن سهلا اقتحام فتى أشعث متمرد لحقل ألغام اسمه الاعلام العربي، لكنني وظفت كل مضاداتي الحيوية لحماية ما كان لدي من وعي شكلته فتح.. ومضيت في تجربة شكلها ضحايا القمع في وطن يستسلم للقمع والتخلف والجهل والظلامية من يمينه إلى يساره ومن كبيره إلى صغيره.
تغيرت أشياء كثيرة منذ بداية التجربة، وانقلبت مفاهيم كثيرة، وتبددت انطباعات خاطئة، لكن «الرفض» ظل ثابتا لا يتغير.
في التجربة مشاهد ومواقف واستنتاجات كثيرة، لكن احترام الذات يلزمني بالبدء باستذكار الحاج الهوني رحمه الله والأستاذ محفوظ أطال الله في عمره.. وللحديث بقايا كثيرة. 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025