شربة الماء وحدها- محمود ابو الهيجاء
لا أعرف ولا على اي وجه، لماذا تشتد الازمة المالية للسلطة الوطنية للمرة الثانية مع اقتراب شهر رمضان، رمضان الذي يحتاج لاكثر من الراتب كي تكون موائده عامرة وسهراته جميلة وكرمه جزيلا في علاقات الود والتراحم والتقوى.
اعرف ان الازمة، هي ازمة حصارات سياسية في المقام الاول، لكنها ايضا أزمة ثقة في النظام المالي العام، تجعل من حديث الشكوى حديثا صعبا وموجعا، مع اني اعرف ايضا انه لا جدوى من وراء هذا الحديث..!! كأنه مكتوب علينا في اللوح المحفوظ ان لا نعرف سوى القلق وان نتضور الامان على طول الخط، والحقيقة ان الجوع لم يعد هو الذي يخيفنا بل التقولات التي تحيله الى مقاصد سياسية، وفي التقولات تكمن الشائعة واحابيلها التدميرية.
والسؤال الصعب الذي علينا مواجهته هو : كيف سنمضي في طريق الحرية الى ما نريد من تحرر واستقلال مع قلق من هذا النوع ومع فوضى التقولات هذه، ومع موظفين وعاملين يقفون امام باب الحاجة والسؤال الذي يذل الرجال...؟؟؟ واستطيع ان اقول اني على ثقة انه ما من احد عندنا على استعداد لأن يقايض المشروع الوطني بالراتب، لكن وبواقعية شديدة هذا امر لن يظل بالمطلق خاصة مع وجود قوى تسعى لتحقيق تلك المقايضة، وبهذا المعنى فإن رواتب الموظفين هي من ضمانات المشروع الوطني، واعرف هنا ان السلطة الوطنية تحمل في جعبتها حلولا ناجعة لكنها بالطبع حلول موجعة وقاسية، اهمها ما يتعلق بالانقسام وسبل التعامل الواقعي معه والذي من شانه ان ينهيه في المحصلة، لكننا ما زلنا لا نقرب شيئا من هذا التعامل ولأسباب ما زالت اخلاقية اكثر من أي شيء آخر...!!! ثم بالطبع هناك الحلول الادارية غير الصعبة مع كفاءات تستطيع تدوير الازمة والتخفيف من موادها الضارة ونحو التخلص منها تماما.
مرة أخرى وأخيرة : صحيح اننا في علاقة حب ابدية مع الوطن ومشروعه التحرري، لكننا نريد شربة الماء وحدها كي لا تجف قلوبنا وحتى تظل تصدح بهذا الحب وتزرع في تراب الوطن اجمل ورداته.