إسرائيل تفرغ القدس من سكانها فعليا وقانونيا - د. حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي
هناك إحصائيات تشير بأنه في الآونة الأخيرة طرأ ارتفاعا حادا على عدد الفلسطينيين الذين تم سحب حق الإقامة الدائمة في القدس منهم ..وهذا يأتي ضمن إطار السياسة الإسرائيلية الرامية لتهويد مدينة القدس وتقليص الوجود العربي الفلسطيني إلى اقل نسبة ممكنة , حيث تقوم إسرائيل بتفريغ القدس من سكانها فعليا وقانونيا .
فعلى المستوى القانوني, تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية من خلال وزارة الداخلية الإسرائيلية ومساندة مؤسسة التأمين الوطني سحب هويات المقدسيين وإلغاء حق الإقامة لأكثر من 4577 مقدسيا خلال العام 2010.
فقد واصلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياساتها العنصرية ضد المقدسيين الفلسطينيين والمتمثلة بشروط الإقامة التعجيزية التي تفرضها عليهم, وذلك اثر قرار المحكمة العليا الإسرائيلية عام 1988 بأن استمرارية الحق بالإقامة الدائمة مشروطة بأن تكون إقامة فعلية داخل حدود الخط الأخضر أو "بلدية القدس". ويقع على المقدسيين الفلسطينيين عبئ إثبات ذلك, ويجدر الذكر أن هذه الشروط لا تنطبق على سكان القدس من اليهود .
وتتعرض المقدسيات إلى تمييز مزدوج في حق الإقامة بصفتهن فلسطينيات ونساء, فمن جهة, تفقد المقدسية حقها في الإقامة عند زواجها من غير سكان القدس وداخل الخط الأخضر, ومن جهة أخرى لا تملك الفلسطينية المقدسية نقل حقها في الإقامة لأطفالها.
يتعرض الأطفال الفلسطينيون من سكان القدس أيضا لانتهاكات متعددة لحقوقهم ابتداء من حقهم بالهوية (مادة 8 من الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل ) وما يتبع ذلك من حرماتهم من مختلف الحقوق الأخرى .
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه, فان هذه السياسة الإسرائيلية المتبعة تتناقض بشكل صريح مع طابع الاحتلال المؤقت للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية, حيث لا يجوز لسلطة الاحتلال طرد السكان المدنيين الأصليين من مكان سكانهم, في الوقت الذي تسمح فيه إسرائيل للمستوطنين الغازين السكن في مدينة القدس المحتلة ومغادرتها والإقامة خارجها و العودة إليها في أي وقت يشاؤون, دون أن يفقدوا حقهم في المواطنة, فان المقدسيين الفلسطينيين الذين يغادرون يصبحون عرضة تسحب هوياتهم وسقوط صفة المواطنة عنهم في الوقت الذي تقرره وزارة الداخلية الإسرائيلية.