سقطت اوراق زواج المتعة- عادل عبد الرحمن
اعلن اول امس شاؤول موفاز، زعيم حزب كاديما انسحاب كتلتة من الائتلاف الحكومي الحاكم بقيادة نتنياهو، بعد ان فشل الحزبان في التوصل لاتفاق بشأن "المساواة في تحمل الاعباء" المتعلق بتجنيد الحريديم (المتدينين والعرب) وهو السبب المعلن لعودة "كاديما" لقيادة المعارضة.
غير ان المدقق في إنسحاب حزب الوسط يلحظ اكثر من سبب مرتبط بفرط عقد زواج المتعة بين نتنياهو وموفاز، منها :
ان الانسحاب جاء في اعقاب تبرئة ايهود اولمرت من تهم الفساد، التي وجهت له، واعلانه عودته السريعة للحلبة السياسية لتبوء موقعه القيادي على رأس حزب سيكون قوامه الاساسي من حزب كاديما، وقد يتحالف مع (اولمرت) تسيبي ليفني وحاييم رامون خصوم موفاز، لسحب البساط من تحت اقدام اليهودي الايراني. وبالتالي الانسحاب السريع يهدف الى استعادة موقع المعارضة في الشارع الاسرائيلي، والايحاء لاقرانه وخصومه، انه (موفاز) غير متساوق مع نتنياهو وحزب الليكود. ولقطع الطريق على اولمرت وليفني.
كما ان نائب رئيس الوزراء السابق لم يتمكن من احداث حراك حقيقي في الإئتلاف الحاكم لجهة تحريك عملية السلام، التي إدعى انه قادر على "دفعها " للامام. لان الكتل الحزبية ، التي يضمها الائتلاف غير قابلة للاختراق ، لانها منحازة كليا لخيار الاستيطان الاستعماري، ولا يمكن لموفاز وحزب كاديما (في حال افترض المرء انه صادق في مسعاه) نيل ثقة القوى اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم، لا بل انها جميعا تعتقد ان موفاز دخل الائتلاف لاعتبارات انتهازية رخيصة وحسابات خاصة، فضلا عن انها لا تؤمن بخيار السلام.
وزواج المتعة بين موفاز والائتلاف الحاكم ، الذي استمر مدة شهرين ونصف تقريبا، لم يغير في استطلاعات الرأي الاسرائيلية، حيث اظهر آخر استطلاع ، ان حزب كاديما في احسن الاحوال لن يحصل على اكثر من سبعة او ثمانية مقاعد في الكنيست القادمة. وبالتالي استمرار موفاز وحزبه تحت ابط نتنياهو عمق من فقدان الثقة في الرجل وسياساته وحزبه، الامر الذي عزز لديه القناعة، ان مناورته بالدخول الى حيز الائتلاف لتأجيل الانتخابات بهدف تحسين صورته باءت بالفشل. وبالتالي تكمن فرصته الان في العودة للعب دور المعارضة خلال الفترة القادمة لعل وعسى ان يتمكن من تحسين مكانته ووضع حزبه.
اضف لذلك ان تصاعد الاحتجاجات الشعبية قد تشكل له (موفاز) بارقة أمل في حال تبنى مطالبها، بعد ان قام اربعة اسرائيليون بحرق او محاولة حرق انفسهم احتجاجا على سياسات حكومة اقصى اليمين الصهيوني الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لا سيما وانه ادعى سابقا انه يقف الى جانب مطالب حركة الاحتجاج الشعبي . وفي حال تأخر عن التقاط اللحظة، فانه سيخسر اكثر مما هو خسران راهنا.
إذا الادعاء من قبل موفاز، ان السبب الرئيس للخروج من تحت عباءة نتنياهو، يعود لفشل لجنة بليسنر ، وعدم تمكن بليسنر ويعلون من التوصل لاتفاق بشأن تجنيد المتدينين والعرب ، ليس سوى الدافع الشكلي، لان الجوهري يكمن فيما ورد اعلاه.
كشف زواج المتعة الفاشل بين نتنياهو وموفاز عن فقر حال سياسات رئيس حزب كاديما، لانه لعب في غير ملعبه، ومن اللحظة الاولى كانت مناورته مكشوفة عند زعيم الليكود وقوى الائتلاف الحاكم، مما افقده الـتأثير في اي ملف من ملفات الحكومة الاسرائيلية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الامنية – العسكرية.
لعبة زعيم حزب الوسط أظهرت مجددا عمق الازمة ، التي يواججها حزب كاديما، والمآل الذي يأخذه اليه رئيسه، انه يسير به الى فقدان الاهلية الحزبية والسياسية، مما يمهد الطريق لفرط عقد الحزب على طريق تلاشيه من الخارطة الحزبية فور اعلان اولمرت – رامون وليفني عن تشكيل الحزب الجديد. وقادم الايام كفيلة بتأكيد او عدم تأكيد الاستنتاج آنف الذكر..
a.a.alrhman@gmail.com