الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

اختلاف المطالع، اختلاف المراجع- احمد دحبور

واختلاف المطالع، أيها السادة والسيدات، هو مصطلح فقهي، كما تعلمون وتعلمن، يعتمده الاسلام للتأكد من ثبوت رؤية هلال رمضان، وتحديد بدء الصيام في ضوء ذلك، وكان السادة المالكية هم الأكثر تشددا في تأكيد الاختلاف، فما كان للمسلمين من أتباع مذهب مالك ان يقتنعوا برؤية أحدهم للهلال. اذ لا بد من رؤيته في غير مكان على مبدأ من شهد منكم الشهر فليصمه .. ويقر المفسرون للمراقبين المشهود لهم بالخبرة والأمانة ان ينوبوا عن المجموع في اعتماد ثبوت رمضان حيث يكون الصيام ملزماً في الاقليم الذي تثبت فيه الرؤية .. الى هنا وهذا كلام عام متفق عليه، لكن خلافاً في شأن الاختلاف صار يظهر مع الزمن بين بعض الناس، حتى دخلت السياسة على الخط ..
كنا، ونحن صغار، نسمع من كبار السن فينا، ان هذا البلد قد صام، وان ذلك البلد لم تثبت رؤية الهلال فيه .. وشيئاً فشيئاً، أخذت تبرز تعليقات من نوع: صامت سورية ومصر في يوم واحد فهما على وفاق، ولم يصم العراق لأن حكامه في صراع مع حكام هذا البلد الذي صام او ذاك .. الى ما هنالك من اجتهادات وتأويلات يتفق او يختلف عليها المعنيون بالأمر، وليس هؤلاء المعنيون خبراء دائما او فقهاء بالضرورة، لكن للسياسة أحكاماً وحكاماً فيهم الحكماء وفيهم من يحتكمون الى الهوى.
في هذا السياق الذي أصبح التعامل معه أشبه بالفلكلور الشعبي، كانت الأكثرية الصامتة تتبع مبدأ «على ذمة الحاكم»، ولا يكلف الأمر الا مرور أربع وعشرين ساعة حتى يشرع من لم يصم في اليوم الأول بالصيام في اليوم الثاني، فالبلاد العربية، على اتساعها، متجاورة متلاصقة، ولا يشق على الفلكيين التأكد من أن الهلال سيظهر في هذا البلد غداً ان لم يظهر اليوم ..
ولكن الأمر المؤسف، فلا شيء يستدعي أكثر من الأسف، ان احدى الطوائف المسلمة الكريمة -والطوائف كلها كريمة- تذهب في اختلاف المطالع الى حد أنها قد لا تعتمد رؤية الهلال بقدر ما تحرص على ان تكون مخالفة لطائفة غيرها .. حتى انه بات من التقليدي في العراق ولبنان على سبيل المثال، ان يصوم قوم في هذا اليوم حسب مذهبهم الاسلامي، بينما ينتظر جيرانهم المسلمون ايضا يوما كاملا حتى يباشروا الصيام .. والواقع ان هذا الخلاف في فهم الاختلاف لا يحمل غير بعد رمزي لا يلبث ان يتلاشى في اليوم التالي لأن الجميع يكون قد اصبحوا في رمضان.
ومع ذلك يظل الخلاف محيراً، ويقبع في دائرة المسكوت عنه .. وقد غدا أوضح ما يكون منذ زهاء بضعة واربعة عقود عندما انتصرت الثورة الاسلامية في ايران واصبحت الأنظار تلتفت اليها بسبب من أهميتها أولاً، ثم بسبب صفتها المذهبية المعروفة ..
الا ان السياسة التي يقال انها ما دخلت أمرا الا أفسدته، سرعان ما أصبحت طرفا في السجال الفلكي - هل ظهر الهلال أم لم يظهر - حتى شارفت المساس بالشأن الفقهي المتعلق باحدى عبادات الاسلام الخمس ..
ولم يشذ رمضان الكريم الذي نحن فيه الآن عن هذا التقليد الذي لا ينسجم مع مبدأ اختلاف المطالع الذي شدد عليه السادة المالكية، بل لا يلتزم تماماً مع معنى الآية الكريمة: من شهد منكم الشهر فليصمه .. ومن تابع من المعنيين تلك النشرات الاخبارية التي ترصد من اعتمد يوم الجمعة فاتحة لرمضان ومن اعتمد السبت، فانه عمليا يكون قد ضبط الخط البياني للخلاف والاختلاف .. بل ان الأمر في بلد عربي، هو سورية، ترتفع فيه وتيرة الحيرة الى حد الاحراج. اذ أننا نقر مبدأ اختلاف المطالع المشروع، نفترض ان اليوم الأول من رمضان سيكون الجمعة او السبت .. وهو أمر احتمالي قائم منذ ان اصبح الصيام فريضة على المسلمين حتى ظهور المذاهب التي يقول المسلمون فيها: اختلاف المذاهب رحمة .. ولكن ما جرى هذا الرمضان كان أمراً آخر .. فقد ظهر توقيتان لثبوت رمضان، أحدهما أعلنته الحكومة والآخر أعلنته المعارضة والأكيد الأكيد ان المرجع المعتمد لكل من الفريقين لم يكن تحري رؤية الهلال .. فما هو المرجع الذي اتبعه هذا الفريق او ذاك؟ وهل اصبح لدينا عدة مراجع؟.
لست فقيها بطبيعة الحال، ولست حتىمن العاملين في حقل الفقه، لكنني شأن معظم الناس أسمع وأرى. فماذا نرى؟
انه لمن المحير والمحرج في وقت واحد، ان يعتمد أحد الفريقين خط ايران في عدم التطابق مع الآخرين في التوقيت، مع ان المعروف قبل بروز الاختلافات السياسية ان هذه البلاد المتلاصقة جغرافياً يظل بعضها أقرب الى بعضها الآخر من ايران - وايران مسلمة بالتأكيد بل انها جمهورية اسلامية باعتراف العالم الاسلامي قبل المجتمع الدولي، ولكن هذه حقيقة والترابط العربي الجغرافي حقيقة ثانية. أما المعارضة السورية فهي وان لم يكن لديها أرصاد وفلكيون ومحلفون للتحقق من رمضان الا انها منسجمة مع الايقاع الاقليمي الذي يجعل سورية أقرب الى البلاد العربية المجاورة من ايران البعيدة نسبياً بالقياس الجغرافي..
وكما قلنا منذ البداية، انه اختلاف رمزي لا أكثر، وكان من الممكن لهذا الرمزي ألا يحدث، بدليل ان الجميع في حضرة رمضان هذه الأيام. ولكن أكان لا بد من اختلاف اليوم الأول؟ .. ومع ذلك، وعلى أمل ذلك، لا مناص من التفاؤل والدعاء من بعضنا لبعضنا الآخر بالقولة الخالدة: كل عام وأنتم بخير ..

 
 


 
 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025