الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

أيُّ عمل لائق من دون حوار لائق ومُمَأسَسْ...؟! - آصف قزموز

على مدار يومين طويلين من النقاش والحوار، حَفلا بكل ما جادت به العقول والضمائر لدى  ممثلي أطراف الانتاج الثلاثة من صناع القرار التشاركي، المحمول على أكتاف الشراكة الثلاثية التي شرعها قانون العمل الفلسطيني رقم (7) للعام 2000. التأمت في عمان ورشة العمل المدعومة من منظمة العمل الدولية، وذلك بغية إدماج العمل اللائق ضمن أطر البرامج الوطنية وبرامج الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية. آخذين بالاعتبار كافة النشاطات والتدخلات  الفنيية الداعمة، التي تسعى المنظمة من خلالها، إلى تطوير وتنمية قدرات أطراف الإنتاج الثلاثة في فلسطين، وعلى نحو يُمَكّن من تعزيز مفهوم ومكونات العمل اللائق التي تضمنتها إستراتيجية العمل اللائق التي أريد تطويرها في ذات الوقت والورشة. ولعل ما يلقى بأهمية قصوى ومسؤولية فُضْلى على هذا النشاط بأهدافه وتطلعاته القريبة والبعيدة، هو طبيعة الظروف والتحديات التي تواجه الواقع الفلسطيني ولا سيما سوق العمل بكامل وشامل مكوناته والتي من المفترض أن تنبع منها وتبنى على أساسها أولويات العمل اللائق التي تهدف إستراتيجيتنا لردم فجواتها وجَسْر هُواّتها من جهة، ومن جهة أخرى طبيعة كون هذه الورشة قد جاءت لتشكل معالجة إدماج المساحة الأكثر تفصيلاً لأحد الأجزاء المكونة لفسيفساء عملية الإدماج الأعم والأشمل التي سبقتها خلال ورشة برنامج عمل منظومة الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية (UNDAF) في فلسطين خلال الشهر الجاري في رام الله. ولا أخال أحداً من أطراف الإنتاج الثلاثة يمكن أن ينكر أو يغيب عن باله أن مثل هذا الاستكمال التفصيلي المتمم للورشة المذكورة،  قد استهدف بلا شك وعبر طاولة الحوار الاجتماعي بمكوناتها الثلاثة،  تحقيق التوافق والتقارب لتحديد أولويات استراتيجية العمل اللائق والتصدي لتحدياتها في ظل ظروف عصيبة وعصية نعلمها جميعاً، لا بل  ووننوء تحت أثقالها في جميع المستويات والتجليات، وبالتالي المضي قُدُماً لبناء قدرات الشركاء الاجتماعيين وتعزيز دورهم وآدائهم التشاركي السائر في إطار التنمية  الشاملة والمستدامة عبر النمو الاقتصادي، على نحو هادف يحقق ادماج أولويات العمل اللائق في أطر وبرامج التخطيط الوطنية وإطار الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية على وجه التحديد والدقه والشمول.
لكن كل هذا ما كان ليحمل قيمة ومعنى الإنجاز في الإطار الوطني والديمقراطي لهكذا مهمة وأهداف، لولا الجهد المبذول والدعم الفني المنسق، الذي توائم وتكامل ما بين الأطراف الداعمة والداعية والمضطلعة بالمهمة، لا سيما منظمة العمل الدولية، ووزارة العمل بشخص وزيرها الذي رعى وقاد الحوار سواء عبر الطواقم والجهات المختصة واللجان الفنية والتحضيرية التي سبقت الورشة ومهدت لولادة البيئة الصحية والسليمة والمناخات الملائمة لإطلاق الحوار الاجتماعي باتجاه الهدف المشار إليه آنفاً، وطرفي الثلاثية الأصيلين من عمال وأصحاب عمل، أم عبر الدعم الحكومي الذي تأتى من خلال إنجاز التشريعات والأطر القانونية والاستراتيجيات المُمَكّنة والدافعة وبمنتهى الجدية في إطار عملية التنمية الشاملة في البناء والإصلاح والتطوير والمأسسة. وقد كان من بين العناوين الاستراتيجية والمفصلية التي استوقفت المتحاورين بمسؤولية عالية، موضوع الحد الأدنى للأجور باعتباره قضية حيوية راهنة وملحة يجري العمل على انجازها، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي بات مطلباً هاماً وضرورياً وجزءاً أصيلاً من مكونات مؤسسة الحوار الاجتماعي الذي نسعى اليوم من أجل مأسسته وقوننته وتوسيعه وترسيخه كثفافة وطنية عامة بامتياز. من هنا فإنني اعتقد أن رؤية الوزارة التي جسدت أهمية مأسسة الحوار وقوننته منذ البداية، وبالتالي كان لكل ما أنجز حتى الآن على هذا المسار من تشكيل لجان تحضيرية وفنية متخصصة وإعدادقوانين  كقانون إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي  الفلسطيني، إلى جانب لجنة الأجور التي يرأسها وزير العمل، أهمية بالغة في ضمانات النجاح والتطور والنمو اللاحق على هذا الصعيد، سيما وأن إنجاح الحوار الاجتماعي المتناغم والبناء بين الشركاء الثلاثة بمنظور وطني تحرري تنموي، هو المقدمة والأرضية الصلبة لتحسين أداء هذه الشراكة وجعلها بمثابة هيئة الأركان الحقيقية والفاعلة للاقتصاد الوطني ككل، والنواة الصلبة القادرة على تغذية العصب الحيوي للمجتمع ومشروع الدولة المأمول.
من هنا، وحتى لا نقع في الطوباوية  الحالمة ونحافظ على بيئة واقعية تحمل آفاق النجاح المستقبلية بثقة أعلى وأكبر وأقدر، ظل لزاماً علينا أن نأخذ بعين الاعتبار، مؤثرات الاحتلال والوسط المحيط، وحقيقة الظروف والمرحلة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني على علاتها، سواء من حيث ولوج الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية مرحلة البناء المؤسسي والديمقراطي للدولة لتتداخل قسرياً مع مرحلة التحرر الوطني التي لم تنجز بعد، بكل ما تعنيه هذه الحقيقة من معاني وتجليات ودلالات، أو من حيث حقيقة أن الحوار الاجتماعي الذي يجري بين أطراف الإنتاج وحتى مع مؤسسات المجتمع المدني عموماً، هو بالدرجة الأولى حوار مصالح لأطراف متممة وضامنة لمصالح بعضها البعض، وهو ما يجعل نجاح أي طرف منهم غير ممكن من دون الطرفين الآخرين. لذا حرصت وزارة العمل والحكومة بشكل عام، أن تدفع باتجاه حوار اجتماعي هاديء وبناء، يهدف لتعزيز تكامل وتعاون ثلاثي ولو بحده الأدنى لتطبيق وإنفاذ التشريعات العمالية في مواقع العمل عامة. الأمر الذي يصب في صلب فلسفة العمل اللائق الذي نصبوا إليه اليوم، ويصب أيضاً في صالح ومصالح الشركاء الاجتماعيين من على مسافة واحدة بينهم وبين الحكومة وعلى السواء بلا استثناء ولا إنكار من أيٍّ للآخر. فنحن في جميع الأحوال نسعى لدعم برامج خلق وفرة في فرص العمل تسد حاجة المتعطلين في إطار أقصى حدود الممكن  والمتاح، وسياق عمل لائق مشفوع بالنظم والقوانين وقبلها أخلاقيات العمل اللائق بالمنظور الوطني والتنموي معاً.
وبما أن الحوار الاجتماعي، يشكل في الواقع الفعلي، جزءاً مكوناً من عملية البناء المجتمعي ككل، وبالتالي  يمكن أن يشارك في هذه العملية الاجتماعية الواسعة من الاعداد والبناء، كل الأطراف الاجتماعية الفاعلة والمكونة. لكن لا بد أولاً، من إيجاد اللغة  المشتركة والشعور التشاركي بين الأطراف المتحاورة، إذ لا يمكن لحوار اجتماعي أن ينجح وتؤتى أُكُلُه في ظل لغة التناحر والاستعداء والفردية المزايدة المجافية للغة الشراكة والتكامل ما بين أطراف الانتاج. وهنا لا بد من القول، بأن أطراف الانتاج في فلسطين، بحاجة ماسة للدعم والإسناد بكل أشكاله التوعوية والمادية، وذلك في سياق عملية التنمية التي يكون أحد أهم مخرجاتها عمل لائق، فلا يمكن واقعياً أن نتحدث عن عمل لائق بالمستويات والمعايير الدولية اللائقة، ما لم يكن هناك نمو اقتصادي مُمَكّن وقادر على توليد فرص العمل الكافية والنامية أولاً، وسيادة علاقات تشاركية ثلاثية بناءة وغير تناحرية بين الأطراف، باعتبار أن مصالحهم تبنى على بعض  وتتولد من بعض.
لقد استل أطراف الانتاج ومنذ زمن  رؤاهم وأفكارهم الحاملة لمصالحهم، ووضعوها على الطاولة، في حوارٍ أقرب الى التناحرية النٍّدية منه الى التشاركية. وتسعى وزارة العمل والحكومة الفلسطينية اليوم، لتقريب المسافات وجسر الهوات، وتبريد الأجواء بين الأطراف، من خلال تهدئة الخيول داخل ميدان المفاوضة الجماعية والحوار الاجتماعي بوجه عام، وذلك في سياقٍ قادمٍ من رحم ثقافة جديدة، نرنو لإرساء دعائم وأوتاد لها في فلسطين، لأننا الأحوج على الدوام لمثل هذه السُّنة الحميدة الواجبة في إدارة حوار المصالح والأدوار والرؤى الانتاجية التشاركية الثلاثية.
وحتى نصل الى ما نصبو اليه من وفاق وتوافق، على سراط  الغاية المقصودة وطنياً في إدماج جميع مكونات العمل اللائق، التي هي الجسد الحامل لروح العمل اللائق وأخلاقياته ومقولاته ومبرراته، وهذا تطلب أولاً التجسيد الحي لمبدأ الشراكة الثلاثية المتوازنة بكل مستويات العمل والنشاط نحو السلم الأهلي والمجتمعي بين المصالح التي تحملها الأطراف الثلاثة كل من موقعه، وثانياً السير قدماً في تطوير ومأسسة وتكريس الحوار الاجتماعي الهاديء والبناء، ضمن بيئة صحية صحيحة وسليمة واجواء ايجابية، تسود العلاقة بين الأطراف الثلاثة كشركاء متعاونين متكاملين لا متناحرين ومتنابذين، ومنطلقين بلغة تشاركية في الحوار، منبعها الحس العالي بمسؤولية وطنية ديْدنها الحرص على المصلحة العامة المرتبطة جدلياً معهم والحامل الأمين لمصالح الشركاء والمتحاورين جميعاً، وثالثاً الانطلاق من الحقيقة الماثلة بالتزام وحرص وزارة العمل ومنذ نشأتها، على الالتزام بكل المباديء والقوانين والاتفاقيات الدولية بلا استثناء،والوقوف النزيه على مسافة واحدة من أطراف الانتاج، لا بل إن جميع تشريعات العمل الفلسطينة، قد قامت وانبثقت من وفي روح تلك الاتفاقيات والمعايير والقوانين الدولية، ولكن من على قاعدة حرصنا غير القابل للتصرف على استقلاليتنا الفلسطينية، دون وصاية من أحد، وبالتالي رفض أي تدخل في شؤون عمل وزارتنا وهيئاتنا ومؤسساتنا الوطنية من أي جهة دولية أوغير دولية كانت، أو الاستقواء بأي منظمة أو هيئة دولية من قبل أي من الشركاء على الحكومة، لأن في ذلك خروج سافر عن النَّص والمعايير وأخلاق العلاقة والالتزامات المتبادلة. آخذين بعين الاعتبار والاحترام والتقدير، أن دور المنظمات الدولية معنا هو مجرد دور داعم فنياً وحسب، ولا يجوز أن يتعدى هذه الحدود، وأن نجاح هذه المنظمات في انفاذ برامجها ونشاطاتها الذي نحرص عليه جُل الحرص، هونجاح لنا ولصالحنا، مثلما نجاحنا نجاح لهم كذلك.
 نحن اليوم أمام فرصة ثمينة بوجود حكومة فلسطينية جادة ووزير عمل جاد،لا سيما في موضوع الحوار الاجتماعي الممأسس والحد الأدنى للأجور، والوزارة تمد يدها لكل من يريد العمل معها من أجل رٍفعت ومصالح العمال وأصحاب العمل في فلسطين على حدٍ سواء. فلنعمل سوياً من أجل حوار اجتماعي بناء مقونن وممأسس، قدماً نحو أجورٍ عادلة وعدالة اجتماعية ضمن عملٍ لائق يليق بفلسطين ويحفظ كرامة الانسان الفلسطيني. وبالتلي نجعل من العام 2012 عام الحوار الاجتماعي وعام الحد الأدنى للأجور.
 
asefsaeed@yahoo.com
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025