الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

فتــــــــــح. ... رائدة التغيير؟؟؟ - يحيى رباح

على امتداد أربع وخمسين سنة من عمرها المديد بإذن الله، وصراعها القاسي مع أعداء فلسطين، وأولهم إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي، وفي اشتباكها المستمر والدموي أحيانا مع كل الذين لا يريدون قيامة الهوية الوطنية الفلسطينية من موتها، ولملمتها من شتاتها المأساوي، فإن حركة فتح هي التي قادت التغيير الجذري في حياة الشعب الفلسطيني بعد النكبة، وهي التي بدأت مسيرة حضوره بقوة على مسرح الأحداث الكبرى، وهي التي حمت الفلسطينيين من الذوبان والتماهي في الآخر مهما كان شقيقا أو صديقا، والانبثاق به في حالة وطنية مستقلة، ليس من قبيل الانكفاء القطري كما يزعم الزاعمون، وإنما من خلال الفهم العميق للخصوصية الفلسطينية، والإدراك الواسع لعمق القضية الفلسطينية التي تمثل في جوهرها تحديا وجوديا!!!
وهي التي أطلقت الكفاح المسلح الثوري، وجرت المنطقة حين فعلت ذلك إلى أفق جديد، وجعلت الاستراتيجيين يدهشون لأمرها، لأن ثورة الكفاح المسلح الفلسطيني التي أطلقتها وقادتها فتح لم تكن تمتلك أياً من العناصر الموضوعية التي توافق عليها الجميع!!! فكيف تقوم ثورة الكفاح المسلح فوق بساط الريح الذي لا يستقر لحظة واحدة!!!
وكيف تقوم ثورة الكفاح المسلح فوق ظهر الحوت، وفي ضيافة الأخريين الذين لا يطيقون هذا النوع من الكفاح؟ بل إن حركة فتح حين جسدت ثورة الكفاح المسلح على طريقتها وحساباتها الخاصة، فإنها قدمت نموذجا هو الأكثر إدهاشا في زمانها، نموذج معركة الكرامة، فحرب العصابات، حرب الشعب، حرب لأن النتائج حين إذ تكون كارثية، والخسائر تكون باهظة، ولكن فتح التي تحمل لواء المفاجئة والتغيير كانت تنظر إلى ما هو أبعد من القوانين المسلم بها، كانت عينها على حضور فلسطيني فوق كل التوقعات، وأن تخلع فلسطين رداءها الزائف الذي ألبسوها إياه قسراً، رداء اللاجئين المنتظرين في طوابير، لتصبح هي والخطر توأمين، وهي البادئة بالعطاء، والمبادرة بمد حبل النجاة من شرايينها الدافقة بالدماء، لأمة كان موشي دايان ينتظرها على الخط الأخر من التلفون لتعترف بأنها في قاع الهزيمة.
ريادة التغيير، وروح التغيير، والقدرة الفائقة على التكيف مع مفردات الزمن السياسي وضغوطه واستحقاقاته وطموحاته، هي إرادة فتح، وروح فتح، وامتياز فتح المكتوب باسمها، والذي لم يستطع أن يسلبه منها احد!!!
 وحتى عندما حاول العدو القوي إسرائيل، وحاول الخصوم في المحيط العربي والإقليمي أن يستلبوا من فتح قرارها الفلسطيني، ويجردوها من روحها المبادرة، مستخدمين لذلك أعتى أنواع الأسلحة الفتاكة، مثل الاجتياحات الكبرى، أو سلاح ديكتاتورية الجغرافيا، أو سلاح صناعة الانقسام الداخلي، فإن حركة فتح، حتى وهي مثخنة بالجراح، ظلت متشبثة بسر الحضور الفلسطيني، وظلت حية بروح التغيير والتجديد الذي هو ضرورة الحياة.
بعض الآخرين:
سواء كانوا أفرادا أو جماعات، وهم يبحثون لفتح عن عورات ونقائص ومثالب، تستغرقهم القشور السطحية، مثل قدرتها على الحديث مع الذات بطريقة علنية، بل وأكثر من علنية في بعض الأحيان، أو طول الفترة التي تنقضي بين مؤتمراتها القليلة العدد، ستة مؤتمرات عامة في أربع وخمسين سنة!!!
فعلا الفترات الزمنية متباعدة، من ينكر ذلك، ولكن السؤال الأهم، أي روح تجديدية وتغييرية كانت تعبر عن نفسها باستمرار في كل فترة بين مؤتمرين؟ من المنفى إلى الوطن، من ثورة العمل العسكري إلى ثورة العمل السياسي!!!
من ثورة الرصاص إلى ثورة الحجارة، من التصادم في الميدان بالسلاح إلى التصادم على طاولة المفاوضات بالإرادة والنصوص. إنها محطات كبرى، وتحولات واسعة النطاق، وتجديد للحياة بلغة الحياة نفسها، ولو أن فتح لا تمتلك هذه الإرادة القوية في التغيير والتجديد والتكيف المستمر مع شروط الزمان والمكان، لكانت ماتت، وماتت معها القضية الفلسطينية، لأن الأخرين كانوا قبل فتح، وظلوا مع فتح، ويراهنون على القفز فوق أكتافها، ولكنهم لم يقدموا شيئا جديدا، فمن كان يهرب منهم من أعباء وخطورة الحضور الفلسطيني إلى سهولة الذوبان في المشهد القومي، ظلوا على حالهم، ومن كانوا يهربون من مشقة الميلاد الفلسطيني الصعب والمستحيل، ويرتاحون تحت سقف إدعاءات الإسلام السياسي فإن الإسلام السياسي كان دائما موجودا، ولكنه لم تكتمل لديه الإرادة بأن يحمل على كاهله عبء القيامة الفلسطينية بكل خصوصيات هذه القيامة. وهكذا ظلت فتح بغريزة البقاء، وعبقرية التغيير والتجديد، وصميمية الإحساس باللحظة السياسية المكثفة، هي قائدة الاتجاه، وصوت البشرى، وبوصلة الأمان الوطني.
الآن:
في هذه المرحلة التائهة وسط تداعيات الإعصار العربي، والمخنوقة بالمحاذير والاحتمالات الصعبة، فإن حركة فتح تطلق في قلب حياتها الداخلية نفير التغيير ونفير التجديد ونفير الصعود إلى أفق آخر.
من وجهة نظر البعض: الوقت ليس مناسبا لذلك، لأن الصراخ يدوي في ساحات العواصم العربية، ولا أحد من اللاعبين متأكد من أي شيء، فكيف تجرؤ فتح على التغيير في هذه اللحظات الخارقة؟ هكذا يقول البعض.
و المكان غير مناسب أيضا، لأننا كفلسطينيين، كحركة وطنية سياسية فلسطينية نوجد في جوف الحوت!!!
كيف ونحن تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وفي جوفه العدواني المعربد، نطرح موضوع التغيير؟ وكيف نحلم بالتجديد؟ أما حركة فتح فتقول إن الأسباب المانعة هي نفسها الأسباب الموجبة، وأن تفاعلات التغيير المنبثقة من حرارة الاحتكاك، سوف تفج في عقولنا وقلوبنا وسواعدنا ضوءا وتحديا، لكي نرى القادم من وراء أستار العتمة، وأن نرى ما تراكم في الجرح من قيح وصديد، وما تسلل إلى شقوق فناء العائلة من أفاع سامة! لا نستطيع أن نبقى هكذا، نراوح مكاننا ونلوك الكلام كأننا نلوك الماء!!!
حانت لحظة الحقيقة، وحانت لحظة الشجاعة، وحانت لحظة القرار.
الموضوع ليس سهلا: و معروف أنه حتى في أقوى الحركات الثورية، بأن الناس يصبحون عبيدا لما تعودوا عليه، ويصبحون جبناء خوفا من المجهول، ويصبحون أسرى التفاصيل التافهة بدل أن يتعاقدوا مع الرؤى الجديدة التي تشكل المستقبل.
في العقل الثوري الذي أساسه التجديد والتغيير، لا يمكن أن يكون كل شيء مثاليا، إننا بشر، وكل فعل بشري يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ، ولكن إذا لم نبدأ اليوم، فقد يصبح من الصعب جدا أن نبدأ غدا!!!
وهكذا فإن المهم هو التعاطي مع جدلية التغيير، والمهم هو الثقة بروح التغيير، واعتماد معادلات التغيير، أما الصعوبات والمخاطرات فهي دائما مزروعة في الطريق، لأن فتح من وراء هذا وذاك لا تريد شيئا بسيطا، انها تريد وطنا ودولة وكيانا مستقلا، وهذا ما لا يتحقق مطلقا بالجلوس في شرفات الانتظار، واجترار الذكريات، هذا يتطلب مقامرة مدروسة، ومخاطرة محسوبة، وجسارة في الذهاب إلى قمة الجبل.
يا فتـــــــح، أيتها الوردة المعجزة الطالعة من جرح، لقد جعلتينا منذ انطلقتي نرى ونعرف ونؤمن حتى اليقين، أن الخائفين الواجفين المترددين، لا يصنعون الحقائق الكبرى.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025