أبو سفيان يبعث حيا!- فؤاد أبو حجلة
تناقلت الأخبار في الأيام الأخيرة نية المعارضة السورية تكليف المنشق السوري مناف طلاس برئاسة حكومة وطنية انتقالية تتسلم زمام إدارة أمور البلاد بعد تخليص سوريا من الطاغية بشار الأسد ومن العصابة التي ترفع كذبا شعار حزب قومي عظيم.
وقد أدى هذا الانجاز العبقري التاريخي إلى تعميم حالة النشوة بالانتصار في صفوف المعارضين للنظام وأصدقائهم من المثقفين العرب الذي انطلت عليهم شعارات الحرية، وأصبحوا يصدقون أن بديل النظام القمعي الحاكم في الشام سيكون ديمقراطيا.
يبدو أن العرب جميعا بأنظمتهم ومعارضاتهم ونخبهم السياسية والفكرية ورموزهم ونشطائهم اليمينيين واليساريين (الاخوان منهم والشيوعيون) لم يخرجوا بعد من عباءة قريش، وما زالوا اسرى للنموذج القرشي الذي يجعل من الخيار في الجاهلية خيارا في الاسلام.
ويبدو أن العرب جميعا، المحسوبين على أميركا والمحسوبين على روسيا، ما زالوا يعيشون جاهليتهم الأبدية، ولا يريدون أن يبرحوا مواقعهم في الدفاع عن التخلف وتزويق الجهل باعتباره انجازا قوميا عظيما.
حتى أيام قليلة كان مناف طلاس أحد أخطر وأهم أعمدة النظام الاجرامي الحاكم في الشام، وتمثلت خطورته في كونه سنيا يشارك في نظام طائفي، ما عزز أكاذيب هذا النظام بأنه نظام لكل السوريين وليس لطائفة معينة. وما ينطبق على مناف طلاس ينطبق على المنشق القديم عبد الحليم خدام الذي اختلف مع عصابة الحكم على تقاسم الحصص في السلب والنهب وسرقة الوطن السوري. خدام كان سنيا أيضا!
مما قرأته عن الفتى طلاس أستنتج أن الولد مثل أبيه قمعي وفاسد وماجن وكاره للفلسطينيين تحديدا.. ومما سمعته من أصدقاء سوريين فإن هذا المنشق كان من أكثر رموز النظام كراهية في الشارع السوري، ويداه ملطختان بالدم وبالعار ايضا.
في لحظة ما يصل العقل الانتهازي الى خيار الانشقاق من أجل النجاة من الموت قتلا أو سحلا، ومن أجل البقاء في الضوء حتى لو تغيرت أنواع المصابيح. وفي اللحظة ذاتها يتفتق العقل الانتهازي للمعارضة عن عبقرية فذة تقرر احتضان المنشق الانتهازي وتلميعه.
في هذا السياق لا أستغرب أن يصبح مدير مخابرات سوري سابق في العهد القديم رئيسا لجمعية وطنية لحقوق الانسان في العهد الجديد. ولا يدهشني أن يصبح مدير فرع فلسطين في المخابرات السورية ناطقا باسم اللجنة الوطنية لدعم الشعب الفلسطيني، ولن يكون غريبا أن يصبح لص ترأس حكومة في العهد القديم رئيسا للجنة الزكاة في العهد الجديد.
إنهم يصفقون الآن لمناف طلاس البطل المنقذ وربما يعلنون لاحقا أن من يدخل بيت ابن طلاس فهو آمن. أبو سفيان يبعث حيا، وكذلك فإن أبا جهل يقود اقتحامات حمص وأمية بن خلف ما زال رئيسا للتحقيق في مخابرات النظام الحالي، واذا عاش سيكون رئيسا للتحقيق في مخابرات النظام الجديد.
العرب لم يخرجوا من قريش وما زالوا يطوفون حول أصنامها في قصور الحكم وفي ميادين العواصم.