أزمة "بيرزيت".. وصمت الأموات- عبد الناصر النجار
أسبوع مضى على إغلاق جامعة بيرزيت، وكأنّ شيئاً لم يحدث، لا حِراك مجتمعياً، ولا سلطوياً، ولا مؤسّساتياً.. للمرة الأولى منذ سنوات عديدة تهمّش الجامعة بهذه الطريقة، ويُترك قطبا الأزمة الحركة الطلابية وإدارة الجامعة في ميدان المواجهة دون أفقٍ لوجهات نظر متقاربة، أو مقترحات جدّية وحقيقيّة لحلّ الأزمة.
جامعة بيرزيت كغيرها من الجامعات تعاني أزمة مالية خانقة انعكست على الحياة الجامعية، وبشكلٍ خاص على الموظفين، وفي مقدمتهم الكادر التعليمي الذي تقاضى 80% من راتبه الشهر الماضي.
أحد أسباب الأزمة هو عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه الجامعات العامّة، والسبب الآخر هو الأقساط التي لا تغطي، حسب بيانات الجامعات، أكثر من 40% من تكلفة الطالب التعليمية. في تبريرها لرفع الأقساط تقول إدارة جامعة بيرزيت: إن هذا أحد البدائل المتاحة والممكنة لحل جزء من العجز المالي وليس كلّه، وتحاول في بياناتها المتلاحقة التخفيف من تبعات رفع الأقساط، على قاعدة أن كل طالبٍ محتاج لن يكون القسط عائقاً أمام التحاقه أو إكماله الدراسة الجامعية، ولكن من هو قادر على الدفع يجب أن يساهم في حل هذه الأزمة ولو بالقليل.
الجامعة تقول: إن رفع الأقساط لن يساهم إلاً بمبلغٍ يقدّر بحوالي 200 ألف دولار جُلّها من الطلبة الجدد.
الحركة الطلابية ممثلة بمجلس الطلبة والكتل الطلابية الأخرى تطرح القضية بشكل متناقض مع الإدارة. وتقول: إن الأقساط ارتفعت بنسبةٍ تزيد على 50% في بعض الكلّيات مثل كلّية التجارة التي ستصل فيها تكلفة الساعة الدراسية إلى 58 ديناراً أردنياً، وهذا ليس في قدرة غالبية أبناء الشعب الفلسطيني، في ظل أوضاع اقتصادية ومالية متردية جداً.
وتتخوّف الحركة الطلابية من تحويل الجامعة إلى جامعة تضمّ أبناء طبقة غنية من أبناء أصحاب رؤوس الأموال، وهو ما لا يمكن القبول به. وبالتالي، يجب أن لا تمرّر قضية رفع الأقساط بأي شكلٍ من الأشكال أمام هذين الموقفين المتناقضين. أغلق الطلبة الجامعة واعتصموا على المدخل الشرقي مدّعين أن الإدارة منعتهم حتى من استخدام المرافق العمومية كالحمّامات أو غير ذلك. والكادر الإداري وكما في كلّ مرة لجأ إلى مركز التعليم المستمر في رام الله.
الطلبة الجدد يدفعون القسط لأنه مرتبط بحجز المقعد وعملية الدفع مستمرة في البنوك.. والحركة الطلابية غير معترفة بالأقساط الجديدة... إذاً ما العمل؟!
كما قلت في البداية شخصياً عاصرت أزمات الجامعة خلال السنوات العشر الأخيرة.. وكانت الأسباب في بعض منها أكثر خطورة من اليوم.. ولكن عندما كانت تبرز الأزمة كان هناك تدخل مجتمعي ومؤسّساتي يعمل على طرح البدائل والحلول وتقريب وجهات النظر، أو بمعنى آخر لنقُل محاولة إنزال الطرفين من أعلى الشجرة.
هذا الإنزال، أيضاً، يجب أن تتحمل جزءاً منه الحكومة والمجتمع. لا يمكن أن تظلّ أزمات الجامعات الفلسطينية كالباب الدوّار مع كل فصل هناك "طوشة".. لأن التعليم إذا كان جدّياً يجب أن لا يخضع لعمليات التقليص المالي، خاصة أن ما يقدم له فتات.
بعد أسبوع وقبل أن يلغى الفصل الصيفي الثاني، وقبل أن تلحق الكارثة بأبنائنا يجب أن نجد جميعاً حلولاً مقبولة لهذه الأزمة التي لن تكون الأخيرة.
الحلول يجب أن تأتي على قاعدة أساسية هي حق التعليم لكل طالب يؤهّله معدّله العام لدخول الجامعة. وأن لا يكون الوضع الاقتصادي والمالي للعائلة سبباً في الحرمان من دخول الجامعات والتعليم. ولكن، أيضاً، من حق المقتدرين المساهمة بجزء أكبر في تكلفة التعليم، وهذا حتى إيجاد صندوق مجتمعي عام يكون مخصّصاً للتعليم العالي، ونُخرج الجامعات من مأزقها المالي، حتى يكون هناك متسعٌ للارتقاء في نوعية التعليم التي تدهورت بشكلٍ لم يسبق له مثيل؟!
abnajjarbzu@gmail.com
جامعة بيرزيت كغيرها من الجامعات تعاني أزمة مالية خانقة انعكست على الحياة الجامعية، وبشكلٍ خاص على الموظفين، وفي مقدمتهم الكادر التعليمي الذي تقاضى 80% من راتبه الشهر الماضي.
أحد أسباب الأزمة هو عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه الجامعات العامّة، والسبب الآخر هو الأقساط التي لا تغطي، حسب بيانات الجامعات، أكثر من 40% من تكلفة الطالب التعليمية. في تبريرها لرفع الأقساط تقول إدارة جامعة بيرزيت: إن هذا أحد البدائل المتاحة والممكنة لحل جزء من العجز المالي وليس كلّه، وتحاول في بياناتها المتلاحقة التخفيف من تبعات رفع الأقساط، على قاعدة أن كل طالبٍ محتاج لن يكون القسط عائقاً أمام التحاقه أو إكماله الدراسة الجامعية، ولكن من هو قادر على الدفع يجب أن يساهم في حل هذه الأزمة ولو بالقليل.
الجامعة تقول: إن رفع الأقساط لن يساهم إلاً بمبلغٍ يقدّر بحوالي 200 ألف دولار جُلّها من الطلبة الجدد.
الحركة الطلابية ممثلة بمجلس الطلبة والكتل الطلابية الأخرى تطرح القضية بشكل متناقض مع الإدارة. وتقول: إن الأقساط ارتفعت بنسبةٍ تزيد على 50% في بعض الكلّيات مثل كلّية التجارة التي ستصل فيها تكلفة الساعة الدراسية إلى 58 ديناراً أردنياً، وهذا ليس في قدرة غالبية أبناء الشعب الفلسطيني، في ظل أوضاع اقتصادية ومالية متردية جداً.
وتتخوّف الحركة الطلابية من تحويل الجامعة إلى جامعة تضمّ أبناء طبقة غنية من أبناء أصحاب رؤوس الأموال، وهو ما لا يمكن القبول به. وبالتالي، يجب أن لا تمرّر قضية رفع الأقساط بأي شكلٍ من الأشكال أمام هذين الموقفين المتناقضين. أغلق الطلبة الجامعة واعتصموا على المدخل الشرقي مدّعين أن الإدارة منعتهم حتى من استخدام المرافق العمومية كالحمّامات أو غير ذلك. والكادر الإداري وكما في كلّ مرة لجأ إلى مركز التعليم المستمر في رام الله.
الطلبة الجدد يدفعون القسط لأنه مرتبط بحجز المقعد وعملية الدفع مستمرة في البنوك.. والحركة الطلابية غير معترفة بالأقساط الجديدة... إذاً ما العمل؟!
كما قلت في البداية شخصياً عاصرت أزمات الجامعة خلال السنوات العشر الأخيرة.. وكانت الأسباب في بعض منها أكثر خطورة من اليوم.. ولكن عندما كانت تبرز الأزمة كان هناك تدخل مجتمعي ومؤسّساتي يعمل على طرح البدائل والحلول وتقريب وجهات النظر، أو بمعنى آخر لنقُل محاولة إنزال الطرفين من أعلى الشجرة.
هذا الإنزال، أيضاً، يجب أن تتحمل جزءاً منه الحكومة والمجتمع. لا يمكن أن تظلّ أزمات الجامعات الفلسطينية كالباب الدوّار مع كل فصل هناك "طوشة".. لأن التعليم إذا كان جدّياً يجب أن لا يخضع لعمليات التقليص المالي، خاصة أن ما يقدم له فتات.
بعد أسبوع وقبل أن يلغى الفصل الصيفي الثاني، وقبل أن تلحق الكارثة بأبنائنا يجب أن نجد جميعاً حلولاً مقبولة لهذه الأزمة التي لن تكون الأخيرة.
الحلول يجب أن تأتي على قاعدة أساسية هي حق التعليم لكل طالب يؤهّله معدّله العام لدخول الجامعة. وأن لا يكون الوضع الاقتصادي والمالي للعائلة سبباً في الحرمان من دخول الجامعات والتعليم. ولكن، أيضاً، من حق المقتدرين المساهمة بجزء أكبر في تكلفة التعليم، وهذا حتى إيجاد صندوق مجتمعي عام يكون مخصّصاً للتعليم العالي، ونُخرج الجامعات من مأزقها المالي، حتى يكون هناك متسعٌ للارتقاء في نوعية التعليم التي تدهورت بشكلٍ لم يسبق له مثيل؟!
abnajjarbzu@gmail.com