ما يخشاه ليبرمان- فؤاد أبو حجلة
يشكك وزير خارجية اسرائيل افيغدور ليبرمان بجدوى معاهدات السلام الموقعة بين اسرائيل و«جميع الدول العربية» –طبقا لتعبيره- في ظل تطورات الربيع العربي. ويؤكد ليبرمان أن هذه المعاهدات لم تحقق السلام المنشود بين الشعوب، ولم يحدد اذا ما كان شعب مولدافيا مثلا من الشعوب المستهدفة باتفاقيات التسوية.
ويدعو وزير الخارجية الاسرائيلي الى اعادة النظر في هذه الاتفاقيات، مشددا على ضرورة ابرام السلام مع الشعوب بدلا من الحكام.
هذه التصريحات الساذجة تثبت أن ليبرمان اما أن يكون جاهلا في السياسة أو أنه مغيب عن الوقائع ومحروم من قراءة التقارير الخاصة للأجهزة الاستخبارية الاسرائيلية، وهي التقارير التي تعتمد عليها مراكز صناعة القرار السياسي في اسرائيل.
يبدو أن الوزير «الاسرامولدافي» لا يعرف أن الأطراف العربية التي وقعت اتفاقيات «السلام» مع اسرائيل تتشبث بهذه الاتفاقيات وتدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة، تعض عليها بالنواجذ، وتحميها برموش العين، وتفديها بالمال وبالبنين.
قد يتغير كل شيء في أي دولة عربية، وقد ينقلب كل شيء على نفسه.. الا المعاهدات مع اسرائيل، فإنها تبقى كما هي، وكأنها نصوص مقدسة لا يجوز المساس بها. حدث ذلك في مصر حين انتهت الثورة بصعود الاسلاميين الى الحكم، وهم الذين قتلوا الرئيس الراحل انور السادات وقالوا انهم قتلوه لأنه وقع اتفاقيات كامب ديفيد، وكانوا أيضا يعارضون الرئيس السابق حسني مبارك لأنه لم يلغ «السلام مع اسرائيل»، وعندما نجحوا في الوصول الى الرئاسة بمرشحهم البديع محمد مرسي لم تلغ كامب ديفيد ولم يطالب مجلس الشعب الذي يحتل الاسلاميون ثلاثة ارباع مقاعده بالغاء المعاهدة التي كانوا يسمونها معاهدة العار.
أكد الحكم الاسلامي للدولة المصرية استمرار المعاهدة مع اسرائيل، بل انه أعطاها شرعية مستمدة من صناديق الاقتراع التي أوصلت مرشح الاخوان الى قصر عابدين.
في حوار حول اطمئنان اسرائيل الى مخرجات الربيع العربي نبهني صديقي الفهيم أحمد فهيم أمس الى أن الرئيس المصري المخلوع كان يؤكد التزامه بكامب ديفيد بينما الرئيس المصري المزروع يؤكد احترامه لهذه الاتفاقيات ما يعني أنه لا يلتزم بها فقط بل انه مقتنع بها أيضا ولذلك يحترمها!
أشعر أحيانا أن ليبرمان لا يختلف عن الكثيرين من نظرائه العرب، فهو وزير خارجية لا يهش ولا ينش ولا يعرف أن ثلث أي ثلاثة في الشرق الأوسط الأميركي هو اسرائيل. لكن هذا الليبرمان المحروم من الوعي السياسي يعتمد على حدسه وشعوره، وهو محق تماما في القول بأن معاهدات السلام بين اسرائيل والانظمة العربية فاشلة لأنها لم تحقق التطبيع المنشود اسرائيليا. وربما يكون مناسبا الآن طمأنة الوزير «الاسرامولدافي» أن هذا التطبيع لن يتحقق أبدا. واذا لم يصدقنا فليسأل السابقين واللاحقين في قصور الحكم ودوائر المخابرات العربية.