استقال أم أقالوه؟- فؤاد ابو حجلة
قرأت أمس خبرا عن استقالة مدير السي ان ان، وقد انتبهت الى ان الرجل ادلى بتصريحات شبيهة بالتصريحات الصادرة عن مدراء ورؤساء المنابر الاعلامية العربية حين يقدمون استقالاتهم بعد ان يكونوا قد طردوا من مواقعهم بقرارات يأخذها متنفذون لا يميزون بين حرف الألف وكوز الذرة في الاعلام.
قال المدير المستقيل إن الوقت حان لتجديد الدماء في عروق القناة الاخبارية الأكبر والأخطر في العالم، وأضاف بأنه يشعر بحاجة القناة الى افكار جديدة!
هكذا اذن، في تصريح واحد يعترف الرجل بأن دمه قديم وبأن عقله يخلو من الأفكار! هل يمكن تصديق ذلك؟
بالطبع لا يوجد عاقل قادر على تصديق فحوى هذه السماجة الديبلوماسية التي تمنع الرجل من الاعتراف بأنه مطرود من موقعه لأنه غير قادر على ترجمة «النوايا الحسنة» للمتنفذين.
في حالة مدير السي ان ان ربما يكون الطرف الضاغط هو اللوبي اليهودي، وقد يكون أصحاب القرار في الشركات الرأسمالية الكبرى هم الذين طردوه، لكنني لا اصدق انه استقال لتجديد الدم في القناة.
بالطبع هذا حدث ويحدث في اميركا وفي الغرب عموما، لان هناك استراتيجيات يحرص اصحاب القرار على الالتزام بها وتمكين أدوات تنفيذها. لكن الأمر ليس على هذا النحو في الاعلام العربي، فرئيس اكبر قناة اخبارية عربية اقيل من موقعه بسبب انقلاب مفاجئ في مزاج صاحب القرار، ورؤساء تحرير الصحف المصرية اقيلوا بسبب انقلاب على النظام السياسي، والانقلاب هنا من النوع المحمود، وحدث الأمر ذاته في تونس وربما يحدث في دول اخرى.
السي ان ان شركة، لكنها لا تعمل كشركات الاستثمار التي تعتمد حسابات الربح والخسارة، لأنها تستثمر في حاضر ومستقبل أميركا، اما قنوات العرب وجرائدهم فإنها لم ترق الى مستوى ممارسة الشركات الاستثمارية ورضين بأن تكون دكاكين يديرها ويتحكم في قراراتها أشخاص مزاجيون يملكون السلطة والمال والكثير من الفساد.