موسم الحجيج الاميركي لاسرائيل- عادل عبد الرحمن
الزيارات المتبادلة للمسؤولين الاميركيين والاسرائيليين لا تنقطع طيلة فصول وشهور العام للبحث في مجالات التعاون بين البلدين الحليفين الاستراتيجيين. غير ان الزيارات الرسمية وغير الرسمية في زمن الانتخابات الاميركية تكون عادة لها نكهة مختلفة من حيث ارتفاع منسوب المزايدات بين المرشحين من الحزبين للرئاسة في قطع الوعود بدعم وحماية واسناد دولة اسرائيل.
مما لاشك فيه، ان المواقف الاميركية الرسمية لقادة الحزبين بوجود انتخابات او من غير وجودها لا تنقطع عن تأكيد المؤكد بشأن علاقات التحالف الاستراتجية بين اميركا ودولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. والتأكيد على ان أمن إسرائيل، قضية اميركية خاصة، وتفوق اسرائيل على العرب والمسلمين وانصار السلام في العالم لا نقاش فيها، وبالمقابل تلفق التهم للقيادات الفلسطينية والعربية ب"تهديد" السلام، وتفبرك القصص والروايات عن "الفساد" الفلسطيني ولا يشار باي كلمة عن المافيات والخوات الاسرائيلية... الخ إلآ انها في موسم الانتخابات تأخذ منحى اكثر فجورا وخسة وابتذالا من قبل المرشحين الرئاسيين الديمقراطي والجمهوري بهدف كسب رضا اسرائيل والايباك الصهيوني الاميركي ، وللحصول على اصوات اليهود الصهاينة، والاموال من اباطرة المال اليهودي ومن يدور في فلكهم لتغطية نفقات حملاتهم، بالاضافة الى تغطية المنابر الاعلامية التابعة لهم لمواقفهم، وتسليط الضوء على ايجابياتهم واخفاء فضائحهم السابقة والراهنة.
اول امس وصل ميت روميني، مرشح الحزب الجمهوري لاسرائيل. والتقى امس صديقه القديم بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل ، وقطع الوعود قبل ان يجتمعا رسميا بدعم الموقف الاسرائيلي على كل الصعد والمستويات، واكد تطابقه مع السياسات الاسرائيلية ، لا بل كعادة المرشحين، زاود على قادة دولة الابرتهايد الاسرائيلية في العديد من الملفات، ففيما يتعلق بالمسألة الايرانية ذهب لابعد مما تريد اسرائيل، ، وبالنسبة للاسلحة الكيمياوية السورية ايضا اتجه ذات الاتجاه، وفي موضوع الحل السياسي ، حتى تجاهل تحديد موعد مع الرئيس محمود عباس، مع انه حدد موعد للقاء مع رئيس الوزراء سلام فياض، بهدف وضع اسفين في العلاقات الداخلية الفلسطينية، وحيث لا يلغي اللقاء مع رئيس الحكومة الفلسطينية ضرورة تحديد موعد مع صانع القرار الاول في منظمة التحريروالساحة الوطنية. فضلا عن مزاودة روميني على الرئيس باراك اوباما، واتهمه بالتقصير في دعم اسرائيل.... الخ
وكان الرئيس باراك اوباما سبق روميني باصدار قانون لتعزيز التعاون العسكري الاميركي – الاسرائيلي، وقدمت الادارة الديمقراطية سبعين مليون دولار لدعم القبة الحديدية، كما ان وزير الدفاع الاميركي سيزور اسرائيل خلال ايام لقطع الطريق على روميني، وقامت الادارة الاميركية بالضغط على القيادة الفلسطينية والقيادات العربية لعدم اتخاذ اي مواقف من شأنها ان تربكها في معركة الانتخابات. فطالبت بعدم توجه الفلسطينيين للامم المتحدة تحت طائلة التهديد باقصى العقوبات، وقام الكونغرس بطرح موضوع "الفساد" للرئيس واسرته كشكل من اشكال التلويح بالعصا الغليظة لجهة اولا الشطب السياسي عبر تزوير الفضائح، وثانيا القبول بما هو قائم ، وعدم اثارة المتاعب للادارة الاميركية، اي عدم الصراخ لرفض الانتهاكات والجرائم والارهاب الاسرائيلي، وتجميد السعي للدفاع عن المصالح الفلسطينية العليا!
موسم الحجيج الاميركي لاسرائيل يظهر للقاصي والداني، ان الولايات المتحدة تعتبر المسألة الاسرائيلية، مسألة اميركية خاصة لايمكن ان تهادن فيها ، ولا يمكن ان تساوم على مصلحتها بغض النظر عما ترتكبه الدولة المارقة من تدمير منهجي لخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967. ولا تعير الادارات والمرشحون الاميركيون اي اهتمام بمصالح العرب والفلسطينيين، رغم ان مصالح الولايات الاميركية الحيوية تقع في الارض العربية، وعلى الارض العربية، ومصلحتها مع الانظمة العربية بغض النظر عن هويتها السياسية ملكية ام جمهورية. الامر الذي يشير الى ان المسألة الاسرائيلية لها الاولوية على المصالح الاميركية الداخلية، وهذا التقدير ليس تقديرا اعتباطيا او انفعاليا، انما هو قراءة للشواهد الماثلة في مراكز صناعة القرار التنفيذي والتشريعي والاعلامي – الثقافي وغيرها الاميركية، التي تؤكد مستوى التماهي الاميركي – الاسرائيلي.
مع ان الولايات المتحدة تعلم علم اليقين، ان مستقبل المنطقة تقرره الشعوب العربية، وان كان العرب طيلة العقود الماضية التي تبوأت فيها الادارة الاميركية مركز القيادة للغرب الرأسمالي بعد الحرب العالمية في 1945، لم يتمكنوا من تمثل الدفاع عن مصالحهم نتيجة ضعف وفشل الانظمة الوطنية والقومية وتبعية الانظمة المحافظة للسوق الاميركية، مع ذلك مصلحة اميركا كانت، وستبقى مع العرب وليس مع اسرائيل . واذا كانت اسرائيل تمكنت طيلة العقود الماضية من تقديم خدمات جليلة للادارات الاميركية خصوصا والغرب عموما، إلآ ان اسرائيل كما اميركا ذاتها تسير نحو الافول والتراجع، وان كان هذا الاستنتاج مازال يحتاج لبعض الزمن، لاسيما وان المعادلة العربية – الاسرائيلية تحتاج الى وقت لتخرج من لحظة التعثر والارتباك الناجمة عن التحولات الدراماتيكية في الساحات العربية المختلفة، وتعود قوى التغيير العربية الحقيقية، التي دفعت ثمن الثورات لتتبوأ مركز القرار في الدول العربية، وتعيد الامور لنصابها.
على قادة اميركا القائمين او القادمين التريث قليلا ، والتأمل في سياق تطور العمليات السياسية – الاجتماعية في المنطقة العربية، وقراءة مستقبل المنطقة بطريقة مغايرة عن السيناريوهات التي ترسمها اجهزة الامن الاميركية والاسرائيلية واباطرة العولمة القائمة، التي تتجه نحو الانكفاء ايذانا بولادة نظام عالمي جديد، إن كانت تريد حماية مصالحها الحيوية في المنطقة.
a.a.alrhman@gmail.com
مما لاشك فيه، ان المواقف الاميركية الرسمية لقادة الحزبين بوجود انتخابات او من غير وجودها لا تنقطع عن تأكيد المؤكد بشأن علاقات التحالف الاستراتجية بين اميركا ودولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. والتأكيد على ان أمن إسرائيل، قضية اميركية خاصة، وتفوق اسرائيل على العرب والمسلمين وانصار السلام في العالم لا نقاش فيها، وبالمقابل تلفق التهم للقيادات الفلسطينية والعربية ب"تهديد" السلام، وتفبرك القصص والروايات عن "الفساد" الفلسطيني ولا يشار باي كلمة عن المافيات والخوات الاسرائيلية... الخ إلآ انها في موسم الانتخابات تأخذ منحى اكثر فجورا وخسة وابتذالا من قبل المرشحين الرئاسيين الديمقراطي والجمهوري بهدف كسب رضا اسرائيل والايباك الصهيوني الاميركي ، وللحصول على اصوات اليهود الصهاينة، والاموال من اباطرة المال اليهودي ومن يدور في فلكهم لتغطية نفقات حملاتهم، بالاضافة الى تغطية المنابر الاعلامية التابعة لهم لمواقفهم، وتسليط الضوء على ايجابياتهم واخفاء فضائحهم السابقة والراهنة.
اول امس وصل ميت روميني، مرشح الحزب الجمهوري لاسرائيل. والتقى امس صديقه القديم بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل ، وقطع الوعود قبل ان يجتمعا رسميا بدعم الموقف الاسرائيلي على كل الصعد والمستويات، واكد تطابقه مع السياسات الاسرائيلية ، لا بل كعادة المرشحين، زاود على قادة دولة الابرتهايد الاسرائيلية في العديد من الملفات، ففيما يتعلق بالمسألة الايرانية ذهب لابعد مما تريد اسرائيل، ، وبالنسبة للاسلحة الكيمياوية السورية ايضا اتجه ذات الاتجاه، وفي موضوع الحل السياسي ، حتى تجاهل تحديد موعد مع الرئيس محمود عباس، مع انه حدد موعد للقاء مع رئيس الوزراء سلام فياض، بهدف وضع اسفين في العلاقات الداخلية الفلسطينية، وحيث لا يلغي اللقاء مع رئيس الحكومة الفلسطينية ضرورة تحديد موعد مع صانع القرار الاول في منظمة التحريروالساحة الوطنية. فضلا عن مزاودة روميني على الرئيس باراك اوباما، واتهمه بالتقصير في دعم اسرائيل.... الخ
وكان الرئيس باراك اوباما سبق روميني باصدار قانون لتعزيز التعاون العسكري الاميركي – الاسرائيلي، وقدمت الادارة الديمقراطية سبعين مليون دولار لدعم القبة الحديدية، كما ان وزير الدفاع الاميركي سيزور اسرائيل خلال ايام لقطع الطريق على روميني، وقامت الادارة الاميركية بالضغط على القيادة الفلسطينية والقيادات العربية لعدم اتخاذ اي مواقف من شأنها ان تربكها في معركة الانتخابات. فطالبت بعدم توجه الفلسطينيين للامم المتحدة تحت طائلة التهديد باقصى العقوبات، وقام الكونغرس بطرح موضوع "الفساد" للرئيس واسرته كشكل من اشكال التلويح بالعصا الغليظة لجهة اولا الشطب السياسي عبر تزوير الفضائح، وثانيا القبول بما هو قائم ، وعدم اثارة المتاعب للادارة الاميركية، اي عدم الصراخ لرفض الانتهاكات والجرائم والارهاب الاسرائيلي، وتجميد السعي للدفاع عن المصالح الفلسطينية العليا!
موسم الحجيج الاميركي لاسرائيل يظهر للقاصي والداني، ان الولايات المتحدة تعتبر المسألة الاسرائيلية، مسألة اميركية خاصة لايمكن ان تهادن فيها ، ولا يمكن ان تساوم على مصلحتها بغض النظر عما ترتكبه الدولة المارقة من تدمير منهجي لخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967. ولا تعير الادارات والمرشحون الاميركيون اي اهتمام بمصالح العرب والفلسطينيين، رغم ان مصالح الولايات الاميركية الحيوية تقع في الارض العربية، وعلى الارض العربية، ومصلحتها مع الانظمة العربية بغض النظر عن هويتها السياسية ملكية ام جمهورية. الامر الذي يشير الى ان المسألة الاسرائيلية لها الاولوية على المصالح الاميركية الداخلية، وهذا التقدير ليس تقديرا اعتباطيا او انفعاليا، انما هو قراءة للشواهد الماثلة في مراكز صناعة القرار التنفيذي والتشريعي والاعلامي – الثقافي وغيرها الاميركية، التي تؤكد مستوى التماهي الاميركي – الاسرائيلي.
مع ان الولايات المتحدة تعلم علم اليقين، ان مستقبل المنطقة تقرره الشعوب العربية، وان كان العرب طيلة العقود الماضية التي تبوأت فيها الادارة الاميركية مركز القيادة للغرب الرأسمالي بعد الحرب العالمية في 1945، لم يتمكنوا من تمثل الدفاع عن مصالحهم نتيجة ضعف وفشل الانظمة الوطنية والقومية وتبعية الانظمة المحافظة للسوق الاميركية، مع ذلك مصلحة اميركا كانت، وستبقى مع العرب وليس مع اسرائيل . واذا كانت اسرائيل تمكنت طيلة العقود الماضية من تقديم خدمات جليلة للادارات الاميركية خصوصا والغرب عموما، إلآ ان اسرائيل كما اميركا ذاتها تسير نحو الافول والتراجع، وان كان هذا الاستنتاج مازال يحتاج لبعض الزمن، لاسيما وان المعادلة العربية – الاسرائيلية تحتاج الى وقت لتخرج من لحظة التعثر والارتباك الناجمة عن التحولات الدراماتيكية في الساحات العربية المختلفة، وتعود قوى التغيير العربية الحقيقية، التي دفعت ثمن الثورات لتتبوأ مركز القرار في الدول العربية، وتعيد الامور لنصابها.
على قادة اميركا القائمين او القادمين التريث قليلا ، والتأمل في سياق تطور العمليات السياسية – الاجتماعية في المنطقة العربية، وقراءة مستقبل المنطقة بطريقة مغايرة عن السيناريوهات التي ترسمها اجهزة الامن الاميركية والاسرائيلية واباطرة العولمة القائمة، التي تتجه نحو الانكفاء ايذانا بولادة نظام عالمي جديد، إن كانت تريد حماية مصالحها الحيوية في المنطقة.
a.a.alrhman@gmail.com