كارثية غباء المرشح الجمهوري- عادل عبد الرحمن
المرشح الجمهوري ميت روميني فاجأ المراقبين السياسيين والاعلاميين في لندن وفلسطين بما في ذلك إسرائيل. ففي لندن ادلى بتصريحات شديدة الغباء حول تنظيم دورة الالعاب الاولمبية، ما دفع الصحف البريطانية جميعها تقريبا لتخرج بعناوين متشابهة في وصف ضحالة وعي وعمق غباء وعدم كياسة الضيف الاميركي.
في فلسطين لم تفاجأ كثيرا القيادة السياسية والمراقبون عموما بما نطق به ميت روميني من تصريحات تنم عن فقر حال وجهل سياسي واقتصادي وابتذال الذات الى درجة الامتهان وتساوق مع العنصرية الاسرائيلية، فأعلن أولاً ان “القدس عاصمة إسرائيل”!؟ وتلا ذلك تصريح عن الفروق في التفاوت الاقتصادي بين دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية وبين السلطة الوطنية الواقعة تحت الاحتلال، وتجاهل كليا التقارير الصادرة عن البنك وصندوق النقد الدوليين والمؤسسات الاممية الاخرى حول العقبات الاسرائيلية، التي تحول دون تطور الاقتصاد الفلسطيني، ورفض القراءة الموضوعية للشواهد والاثار التدميرية الناجمة عن الاحتلال وانتهاكاته واجراءاته وجرائمه، فخلص الى نتيجة مفادها ان السبب في التفاوت الكبير في تطور الاقتصادين ومستوى الدخل السنوي للفرد في كلا المجتمعين، يعود “للتفاوت الثقافي”!؟
روميني بتصريحاته اكد على التالي: أولا جهل في علم السياسة، واحرج الادارة الاميركية وعموم صناع القرار في الولايات المتحدة، عندما تخطى الخطوط الحمر فيما يتعلق بالقدس، التي اكدت الادارات الاميركية المتعاقبة الجمهورية او الديمقراطية على انها عاصمة للدولتين الاسرائيلية والفلسطينية. ولم يتخط مرشح من الحزبين هذه القاعدة الناظمة للسياسة العامة للولايات المتحدة. ما اضطر الناطق باسم الادارة الاميركية الى مطالبة المرشح الجمهوري بتوضيح مواقفه المتناقضة مع السياسة العامة لاميركا.
حتى قرار الكونغرس القاضي بنقل السفارة الاميركية الى القدس، يقوم الرئيس الاميركي بغض النظر عن الحزب، الذي ينتمي له، بوقف تنفيذ القرار، تفاديا للارباكات التي يمكن ان تنجم عن مثل هذه الخطوة الطائشة، والتي قد تعرض المصالح الاميركية للخطر اكثر مما هي تعاني من الاخطار المحيقة بها.
ثانياً ايضا كشف المرشح الجمهوري عن غباء في علم الاقتصاد، عندما اشار للتفاوت الاقتصادي وتفاوت الدخول الفردي بين الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الاحتلال الاسرائيلي وبين مواطني المجتمع الفارض للاحتلال والارهاب. وان لم يكن يعلم روميني الفرق بين شعب تحت الاحتلال وشعب يمارس الاحتلال وانعكاس ذلك على حياة الشعب المحتل واقتصاده ومناحي الحياة المختلفة، فانه لا يستحق ان يتبوأ مركز القرار في اعظم قوة في التاريخ المعاصر، لانه سيعكس هذا الفقر السياسي والاقتصادي والثقافي على مجمل البشرية وليس فقط على شعوب المنطقة العربية ودولة الابرتهايد الاسرائيلية.
ولعلم السيد روميني، ان مستوى الدخل وواقع الاقتصاد الفلسطيني سيبقى دون مستوى الاقتصاد الاسرائيلي ودون مستوى دخل الفرد الاسرائيلي، لان عامل الاحتلال يحول دون تطور ونهوض الاقتصاد الفلسطيني، الذي هو اقتصاد ضعيف بالاساس.
ثالثاً كشف ميت روميني، انه ايضا لا يلم بالحد الادنى من المعرفة بشعوب المنطقة. ولا يعي ما يقول بشن التفاوت الثقافي، لان الشعب الفلسطيني، وشعوب الامة العربية، هم نتاج ثقافة وحضارة تعي جيدا المؤسسات صانعة القرار في الولايات المتحدة خصوصا والاتحاد الاوروبي مكانة وأهمية الثقافة العربية – الاسلامية والحضارة التي بنتها شعوب الامة العربية تاريخيا. كما انها تعلم علم اليقين مدى خطورة هذه الحضارة في حال وقف على رأسها قوى تغيير حقيقية، تعيد الاعتبار للامة العربية وشعوبها ومكانتها تحت الشمس، لذا تعمل بكل ما أوتيت من قوة (قوى الغرب عموما) بما في ذلك زرع دولة الابرتهايد والاحتلال الاسرائيلية في المنطقة لتفتيت شعوب وقوى التغيير في المنطقة، حتى تحول دون نهوضها كقوة مقررة في المنطقة والاقليم والعالم.
مع ذلك العامل الثقافي والوعي والتنظيم والارادة تلعب دورا مهما في تطور الاقتصاد في اي دولة من الدول. لكن لا يمكن تجاهل عامل الاحتلال في قراءة مستوى تطور اي اقتصاد.
من حق روميني ان يداهن اسرائيل وساستها والايباك اسوة بكل المرشحين الاميركيين، ولكن ليس من حقه ان يتساوق مع عنصرية وفجور دولة الابرتهايد الاسرائيلية. كما لا يمكنه التغاضي عن دور الاحتلال كعامل مقرر في مستوى تطور الاقتصاد الفلسطيني الضعيف والمثخن بالجراح والجرائم والتعقيدات الجمركية واتفاقية باريس والحواجز والمعابر وغيرها من الانتهاكات، فضلا عن مصادرة الاراضي والطرق الالتفافية وجدار الفصل والعزل العنصري وحرمان الفلسطينيين من استغلال ما يزيد على الـ 60% وحصار قطاع غزة، وعدم السماح بوجود ممر آمن بين جناحي الوطن الفلسطيني.. . الخ.
سقط ميت روميني مجددا في شر اعماله، وكشف للقاصي والداني في الولايات المتحدة وخارجها بما في ذلك في اسرائيل واوروبا وخاصة في بريطانيا عن رجل كارثي بكل معنى الكلمة، لا يليق باميركا ان يكون رئيسا لها، رغم كل ما يمكن ان يقال عنها وعن تساوقها مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وعدائها للعرب وغيرهم من الشعوب المستضعفة.