شكرا...- د. صبري صيدم
ساعة كاملة من ساعات الفخار والاعتزاز قضاها الجمهور الذي غصت به مدرجات مسرح القصبة في رام الله يوم الأول من هذا الشهر لمشاهدة الفيلم الوثائقي الفلسطيني "شموخ السنديان"، والذي وإن أراد أن يكرم جميلة صيدم في ذكراها الأولى وممدوح صيدم في ذكراه الواحدة والأربعين، فإنه قد خلق وبعفويته شعورا بالفخر والحنين لأيام نضالية خلت واكبت انطلاقة الثورة المعاصرة ونجاحاتها الميدانية وتحدياتها وبطولاتها.
المفارقة الأهم والمشاهد للفيلم بكامل جوارحه لم يستطع، وفي عدة محطات، أن يتمالك مشاعره فصفق في كل مرة عرج الفيلم فيها على قصة، أو حادثة، أو موقف، أو رأي تقاطع مع مدرسة المبادئ التي واكبت مرحلة التأسيس وعايشت الرعيل الأول في العمل السياسي والميداني.
ومع التميز الذي واكب الفيلم في إبرازه لمحطات خلت ومواقف جمعت بين الكبرياء والتحدي والجبروت النابع من محبة الجماهير ودعمها للعمل الفدائي، فإن الجمهور الحاضر والشاهد الأول على مجريات الفلم كان العنصر الأكثر تمايزا عن غيره بحضوره وتفاعله وحتى حنينه لزمن حمل معان كثيرة، زمن نقل الشعب الفلسطيني من رماد النكبة إلى عنفوان الثورة.
هذا الجمهور الذي جمع حشدا من الشخصيات الاعتبارية بكافة المواقع وأولئك الصامدين في مواقع الجدار، والناشطين الاجتماعيين والرعيل الأول والجيل المخضرم، هو ذاته الجمهور الذي كرمنا جميعا بمشاعره وما كتبه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وفي رسائله الالكترونية والهاتفية، وتعليقاته المباشرة، وتعابيره وتعليقاته التي فاقت التوقعات في دفئها وحميميتها وأرائها واقتراحاتها.
وكم شعر الإنسان بالفخار والاعتزاز بهذا العمل الذي أنجزه مركز صخر حبش للدراسات، وبمثابرة الأستاذ يحيى يخلف ونجله المخرج المتألق طارق يخلف، الأمر الذي جعل المرء يتمنى لو أن مساحة الكلام تتسع لشكر الجمهور الذي شاهد العرض واحدا واحد وفردا فردا، ليس فقط لما عكسته مشاركته من وفاء وأصالة فحسب، وإنما أيضا لما قاله ويقوله في مسيرة عطرة كرم فيها مرحلة هي مصدر دائم للاعتزاز أكدت أن الثورة الفلسطينية لم تلد بالأمس وليس طارئة ولا مستجدة في نضالها وإرثها الوطني.
فشكرا لكل من حضر، ومن عمل، ومن تابع، ومن واكب ولادة الفيلم، وشكرا للذين أخرجوه من نطاق الفكرة إلى حيز العرض بإمكانيات محدودة لكن بقلوب واسعة يملؤها الوفاء والإخلاص لمسيرة الراحلين!.